طلب عدد من السياسيين والوزراء المحافظين من غرفتي البرلمان البريطاني، مجلسي العموم واللوردات، من رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي، تنظيم انتخابات عامة مبكرة تعطيها فرصة لزيادة عدد مقاعد حزبها المحافظ على حساب حزب العمال المعارض الذي تراجعت شعبيته، حسب استطلاعات الرأي الأخيرة. يتمتع حزب المحافظين الحاكم حاليا بأكثرية بسيطة نتيجة انتخابات 2015. حصولها على عدد مقاعد أكبر في مجلس العموم سيقوي موقف ماي في مفاوضاتها مع الاتحاد الأوروبي في ملف «بريكست»، وتضمن التصويت بأكثرية على اتفاقية الخروج في نهاية المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي. ويرى وزير الخارجية السابق المحافظ ويليام هيغ (اللورد هيغ) أن على ماي تنظيم انتخابات عامة مبكرة للحصول على غالبية أوسع بين النواب. وقال في حديث لصحيفة «التايمز»، إن «الحكومة قد تواجه كثيرا من عمليات التصويت المتقاربة والتنازلات أو النكسات خلال محاولتها تطبيق بريكست». كما طالب وزراء في حكومتها، في تصريحات للصحيفة، بالتوجه حالا إلى الشعب من دون تأخير وتنظيم انتخابات عامة. وقال اثنان منهم لـ«التايمز»: «يجب أن تتوجه إلى جمهور الناخبين حالا ومن دون تأخير. هذه فرصة ذهبية قد لا نحصل عليها ثانية، كما أننا لا نعرف ما سنواجهه من مفاجآت خلال مفاوضات (بريكست)». وارتفعت هذه الأصوات بعد أن منيت ماي بنكسة ثانية في مجلس اللوردات، بعد أسبوع من تصويت المجلس على مشروع القرار الحكومة بخصوص آلية خروج بريطانيا من التكتل الأوروبي، وكانت تخطط الحكومة تفعيل المادة «50» من معاهدة لشبونة في نهاية الشهر الجاري، كما وعدت شركاءها الـ27 في بروكسل. ومساء أول من أمس (الثلاثاء) وجه مجلس اللوردات صفعة جديدة إلى الحكومة من خلال تمرير تعديل ثان لمشروع القانون، مطالبا بتصويت البرلمان حول نتيجة المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي. وكما كان متوقعا تبني الأعضاء غير المنتخبين في المجلس التعديل الذي دافع عنه العماليون والليبراليون - الديمقراطيون والمحافظون بتأييد 366 صوتا ومعارضة 268، ولا بد من أن يرفع مشروع القانون المعدل مجددا إلى مجلس العموم الذي كان صادق عليه في قراءة أولى دون تحفظ، ليدرسه مجددا الأسبوع المقبل على الأرجح في 13 مارس (آذار). وكان مجلس اللوردات تبنى الأربعاء الماضي بتأييد 358 صوتا ومعارضة 256 أول تعديل يرمي إلى حماية حقوق ثلاثة ملايين مواطن أوروبي يعيشون في بريطانيا. وطالب الحكومة بأن توضح موقفها في هذه المسألة. وأرجع مشروع القرار إلى مجلس العموم للمصادقة عليه. وهذا ما سيقوم المجلس به الأسبوع المقبل. ويرجح أن يلغي النواب التعديلين اللذين تبناهما مجلس اللوردات أحدهما يرمي إلى حماية حقوق ثلاثة ملايين مواطن أوروبي يعيشون في بريطانيا، وتم التصويت عليه الأسبوع الماضي. لكن التعديل الذي تم تبنيه أول من أمس (الثلاثاء) قد يثير مخاوف لدى الحكومة المحافظة التي تتمتع بغالبية بسيطة في مجلس العموم. وإن كان المحافظون واثقين من قدرتهم على تعطيل أول تعديل فإلغاء الثاني سيكون أصعب، لأن نحو عشرين نائبا محافظا قد يدعمونه. وقالت النائبة المحافظة، آن سوبري، في تصريحات لـ«بي بي سي»، إن هذا التعديل «وسيلة لإعطاء شبكة أمان برلمانية» للبريطانيين حول شروط الطلاق مع الاتحاد الأوروبي. وترى رئيسة الوزراء تيريزا ماي، أنه من السيئ في هذه المرحلة إعطاء البرلمان كلمة الفصل في «بريكست». وقالت إن ذلك سيشجع الاتحاد الأوروبي على «اقتراح اتفاق سيئ» على بريطانيا، أملا في أن يعارض البرلمانيون لاحقا خروجا من الاتحاد. وقال ديك نيوباي، من حزب الديمقراطيين الأحرار في مجلس اللوردات، «إنه أمر سخيف»، مشيرا إلى مخاطر «البريكست» دون اتفاق. وقال ديفيد بانيك، وهو وراء التعديل خلال نقاشات صاخبة أحيانا: «على البرلمان أن يقرر إن كان يجب تفضيل خيار عدم التوصل إلى اتفاق بدلا من اتفاق يقترحه الاتحاد الأوروبي». وحتى الآن وعدت ماي البرلمانيين بتصويت على أساس قبول أو رفض اقتراح بروكسل. وهذا يعني أنه في حال رفض هذا الاتفاق ستخرج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون أي اتفاق. لكن معارضيها يخشون من أن يؤدي ذلك إلى فوضى اقتصادية وقانونية، إذ إن جميع الاتفاقات والعقود التجارية بين الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد وبريطانيا تصبح لاغية بين ليلة وضحاها. وأظهر استطلاع أجراه معهد «بي إم جي ريسرش» لصحيفة «ذي إندبندنت» نشرت نتائجه أول من أمس (الثلاثاء)، أن فقط 25 في المائة من البريطانيين سيدعمون الخروج من الاتحاد الأوروبي «دون علاقات مستقبلية محددة» مع مجموعة الدول الـ27. تصويت أول من أمس (الثلاثاء) الذي وجه صفعة إلى الحكومة منع إطلاق المفاوضات مع بروكسل اعتبارا من هذا الأسبوع، في حين أن ماي في سباق مع الوقت لتفعيل المادة «50» في معاهدة لشبونة في نهاية الشهر الحالي كما وعدت. وستهيمن مفاوضات «بريكست» على المجلس الأوروبي في بروكسل إلى حيث تتوجه ماي اليوم الخميس قبل أن تترك الدول الـ27 تقرر مستقبلها دون بريطانيا الجمعة. وإن كان عدة زعماء أوروبيين يتوقعون مفاوضات صعبة، أعربت ماي عن تفاؤلها بشأن التوصل إلى اتفاق، لكنها أكدت أيضا أنها مستعدة للانسحاب من المفاوضات، وأن «لا اتفاق أفضل من اتفاق سيئ بالنسبة إلى بريطانيا».
مشاركة :