الوطن... يحتاج منا أن نكون أكثر تمسكا بكل مكتسباته، التي تحصل عليها خلال سنوات طويلة مضت، وهي مكتسبات صنعها الأجداد بجهد وكد وتعب، ليصل إلى هذا المستوى من الرقي والتحضر والوصول بجدارة إلى مستويات عالية من الحداثة والمعاصرة.هذه مقدمة بسيطة أردت أن أوجز فيها ما يريده الوطن منا باختصار، وهي مقدمة أبعث من خلالها برسالة شديدة اللهجة لكل من تسوّل له نفسه في أن ينضم إلى صفوف المفسدين، الذين يستخدمون أسلحتهم المسمومة في النيل من وطن يحبهم، ويريد لهم الاستقرار والأمان لهم جميعا.حقيقة أحزن كثيرا وأنا أتابع الأخبار المتواترة عن بعض الذين ينتمون لأرض هذا الوطن، ثم تسمح لهم ضمائرهم، بألّا يكونوا على مستوى الأمانة التي منحها لهم الوطن وهم في مواقع المسؤولية.أحزن حينما أجد موظفا لا يؤدي واجبه المنوط به على أكمل وجه، ويبدد وقته الذي يقضيه في عمله أيا كان نوعه، في أشياء لا تخدم وظيفته، واللجوء إلى التحايل من أجل الحصول على الإجازات، وإن حضر لعمله فهو حضور أشبه بالعدم لأنه لا يقدم أي شيء سوى الدردشة مع الزملاء أو استخدام هاتفه الذكي... فهو يفعل أي شيء يروق له إلا العمل.نعم أحزن كثيرا... لأنني أرى من لا يهتم بنظافة شوارع بلده، ويلقي المخلفات في أي مكان يوجد فيه، من دون أن يكلف نفسه عناء البحث عن سلة المهملات، ومن لا يرى في نفسه أي وازع وطني أو ديني يمنعه من تكسير أو تخريب المرافق العامة بسوء الاستخدام أو الإهمال.وأحزن جدا لحال شاب من المفترض أن يحرصوا على سلامة مجتمعه، وعدم تعريض أي أحد إلى الخطر، وذلك حينما يستخدموا سيارتهم في الاستعراض، والسرعة المفرطة، وأذية الناس، وعدم الالتزام بالأخلاق الوطنية الكويتية التي تربينا عليها.إنني أحزن لأشياء سلبية كثيرة تحدث في الشوارع ومقار العمل وفي الأسواق والحدائق العامة، وغيرها من الأماكن... وأرى أنها لا تجدر بنا ككويتيين، أبناء البحر والصحراء، الذين تمكنت من أنفسنهم العادات والتقاليد الأصيلة، فارتشفوا منها، وجعلوها حائط صد ضد أي رياح تغيير قد تحدث.نحن الكويتيين تربينا على وحدة الصف وعلى الحب لدرجة أننا نعرف بعضنا البعض من خلال اللهجة والتصرفات وحتى النظرات المحبة للخير، ليصل وطننا الحبيب إلى مراتب عالمية عالية في التسامح والإنسانية والسلام.نعم لا أريد لأي مواطن أن ينسى أنه ابن هذا البلد المعطاء، الذي تضرب به الأمثال في الجود والكرم، وفي الاستقرار ومساحة الحرية التي تكفي كل صاحب رأي ليقول رأيه بحرية تامة، طالما أنه لا يتعرض بالأذى للآخرين، فمن الواجب عليه أن نكون جميعنا على قدر المسؤولية التي تجعلنا لا نرضى لأي فاسد أو مستهتر أن يكون له مكانة في صفوف مجتمعنا، وأن نكون خير مدافعين عن وطننا، بكل ما نملك من أدوات وقدرات.فالوطن نعمة خصوصا إذا كان آمنا ومستقرا ولحمته الوطنية تضرب بها الأمثال، وله تاريخ طويل من الأعمال الخيرية والإنسانية.* كاتب وأكاديمي في جامعة الكويتalsowaifan@yahoo.com
مشاركة :