الأردن قبلة المسؤولين الأميركيين مع اقتراب ساعة الحسم ضد داعشتكتسي زيارة المبعوث الأميركي للتحالف الدولي ضد داعش، ورئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية إلى الأردن ولقاؤهما بالملك عبدالله الثاني أهمية خاصة بالنظر لتوقيتها، خاصة مع اقتراب معركة الحسم ضد داعش في سوريا.العرب [نُشر في 2017/03/10، العدد: 10567، ص(2)]الملك عبدالله الثاني لبرت مكجورك: داعش عدو مشترك عمان - شهدت العاصمة الأردنية عمان، الخميس، زيارتين لافتتين لكل من برت مكجورك، المبعوث الأميركي للتحالف الدولي ضد داعش، والفريق أول جوزيف دانفورد، رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية. وأجرى المسؤولان الأميركيان لقاءين منفصلين مع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، تمحورا أساسا حول جهود مكافحة الإرهاب، وفق بيان للديوان الملكي. ويلعب الأردن دورا محوريا في التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة منذ أغسطس 2014، ضد تنظيم داعش في العراق وسوريا. وتعتبر زيارات المسؤولين الأميركيين أمرا معهودا في الأردن، بالنظر إلى العلاقة الاستراتيجية التي تجمع البلدين، حيث يوجد في الأردن العشرات من العناصر الأميركية في مهمات تدريبية واستشارية، وقد سجلت على مدار السنوات الماضية زيادة هامة في الدعم العسكري الأميركي للمملكة. وتعد عمان منطلقا لطائرات التحالف لضرب مواقع تمركز تنظيم الدولة الإسلامية. ولكن زيارة المسوؤلين الأميركيين هذه المرة تكتسي أهمية خاصة من حيث توقيتها، في ظل اقتراب العد التنازلي لمعركة الحسم ضد تنظيم داعش في الرقة السورية حيث أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، الخميس، أنها شارفت على إطباق حصارها على المدينة، بعد قطع الطرق الرئيسية.زيد النوايسة: عمان لن تتوانى عن المشاركة البرية ضد داعش رغم تكلفتها العالية وقوات سوريا الديمقراطية هي تحالف عربي كردي تعول عليه واشنطن في معركة طرد تنظيم الدولة الإسلامية من المدينة الواقعة شرقي سوريا. وهناك مخاوف أردنية من تداعيات المعركة على أمنها لناحية وجود إمكانية كبيرة لفرار عناصر التنظيم الجهادي وإعادة تمركزهم في مناطق قريبة من حدودها. ومعلوم أن المئات من عناصر داعش قد انضموا، على مدار الأشهر الماضية، بعد فرارهم من معارك في الشمال السوري وأيضا العراق، إلى جيش خالد بن الوليد في البادية السورية وحوض اليرموك عند المثلث الحدودي بين سوريا والأردن والجولان المحتل من قبل إسرائيل. وجيش خالد بن الوليد هو عبارة عن تحالف لجماعات “لواء شهداء اليرموك” و“حركة المثنى” و“جماعة المجاهدين” سبق وبايعت داعش. ومن المرجح أن يعمد عناصر التنظيم في الرقة ومحافظة دير الزور إلى هذه الخطوة بعد تضييق الخناق عليهم في هذا الجزء، وهذا بالتأكيد سيقتضي وضع خطط لمنع حصول هذا الأمر الذي لا يهدد فقط أمن الأردن بل أيضا إسرائيل حليفة واشنطن الثابتة. وكان الجيش الأردني قد شن قبل نحو شهر ضربات جوية على مواقع تمركز عناصر التنظيم في محافظة درعا. ويقول أستاذ العلاقات الدولية المتابع للشأن الأردني زيد النوايسة إن زيارة كل من برت ماكجورك وجوزيف دانفورد “تأتي في إطار التنسيق عالي المستوى الذي يحتاجه الأردن أكثر من أي وقت مضى لأن الأمور في الجبهة الجنوبية السورية وفي منطقة حوض اليرموك سيئة في ظل اقتراب جيش خالد بن الوليد حيث بات على مسافة كلم واحد من الحدود الشمالية للأردن”. ولفت النوايسة في تصريحات لـ“العرب” إلى وجود تحد ثان هو تمدد التنظيم عبر الصحراء المشتركة مع سوريا والأردن والعراق. وأوضح أن “مشاركة الأردن مع التحالف الدولي بقيت حتى الآن في حدود الضربات الجوية لكن في تقديري فإن عمان لن تتوانى عن المشاركة البرية رغم تكلفتها العالية لأنها في دائرة استهداف عصابة داعش وباقي التنظيمات التكفيرية”. وتعرض الأردن خلال الأشهر الماضية إلى عدة هجمات من قبل خلايا محسوبة على تنظيم الدولة الإسلامية، وآخرها في ديسمبر بمحافظة الكرك جنوبي المملكة، وهي محافظة معروف عنها عدم وجود التيار الجهادي فيها بكثرة على خلاف بعض المحافظات الأخرى على غرار الزرقاء والعاصمة عمان، الأمر الذي دفع المملكة إلى دق ناقوس الخطر. والأردن الذي يشهد أزمة اقتصادية كبيرة جزء منها هيكلي وجزء آخر مرتبط بأعداد اللاجئين الذين يحتضنهم (أكثر من مليون لاجئ سوري)، وتراجع الدعم المالي الدولي والخليجي أساسا نتيجة عدم اتضاح موقف المملكة من النظام السوري وأيضا من إيران، بالتأكيد لن يرغب في أي هزة على حدوده، لأنه قد يستغلها البعض في الداخل لضرب استقراره الهش. ومؤخرا حذرت إسرائيل عبر سفيرتها في الأردن عينات شلاين، من إمكانية تدهور الوضع الاقتصادي والأمني للأردن، داعية إلى ضرورة التدخل، الأمر الذي أثار استياء كبيرا داخل المملكة، اضطر الحكومة الإسرائيلية إلى الخروج ومحاولة تخفيف حدة الموقف.سامح محاريق: تصريحات السفيرة الإسرائيلية الهدف منها إحراج النظام أمام الرأي العام وقال سامح المحاريق لـ“العرب”، “الأردن يمر بظروف صعبة لكنه ليس بحاجة إلى تصريحات السفيرة الإسرائيلية لتأكيدها أو نفيها”. واعتبر أن التصريحات كان الهدف الأساس منها إحراج النظام أمام الرأي العام الأردني، لافتا إلى تصاعد التوتر بين الطرفين نتيجة الخلافات حول القضية الفلسطينية. وتبنى النوايسة ذات الموقف حيث رأى أن ما جاءت به إسرائيل كان الهدف منه حشر الأردن في الزاوية، خاصة وأنه يرفض أي طرح يخالف حل الدولتين. وتدور معطيات عن أن إسرائيل تريد إقناع المجتمع الدولي بضرورة ضم الضفة الغربية إلى الأردن في إطار فيدرالية، وهو ما يرفضه الأردن بشدة ويدعم حق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. وأكد النوايسة أن عمان ستسعى وبالتنسيق مع القاهرة إلى أن تكون القمة العربية المقرر عقدها في البحر الميت في 29 مارس الجاري “قمة الموقف الموحد في الملف الفلسطيني كون هذا الملف بات ضاغطا على النظام الأردني محليا ويخشى أن يكون الحل على حسابه”. ويشبه بعض المراقبين وضع الأردن بـ“كمن يمشي على خيط رفيع” فهو من جهة مجبر على إعادة التوازن الاقتصادي المختل والذي قد يفضي في حال استمر إلى ما لا تحمد عقباه، ومن جهة أخرى هو معني بالتدخل أكثر في الحرب على داعش وخاصة على حدوده الشمالية وهذا في ذاته يحمل مخاطرة، وإن كان ليس لديه خيار آخر. ويقول المحلل الأردني سامح محاريق لـ“العرب”، “توجد مؤشرات على أن تشهد منطقة الجنوب السوري المزيد من التصعيد وتدلل على ذلك تصريحات قائد حرس الحدود الذي أكد أن قواته في تمام جاهزيتها للتعامل مع أي محاولات لاختراق الحدود”.
مشاركة :