الموصل (العراق) - على الأعمدة الرخامية الأنيقة في إحدى كنائس الموصل، وضعت ملصقات تدعو إلى الصلاة في المساجد من قبل تنظيم الدولة الإسلامية الذي حول مكان العبادة المسيحي إلى مقر لشرطته "ديوان الحسبة". وكتب على لوحة كبيرة تعلو بوابة كنيسة "أم المعونة" في حي الدواسة الواقع في الموصل ثاني أكبر مدن العراق "كنيسة الكلدان الكاثوليك". لكن على الجدار الخارجي للمبنى كتب الجهاديون "ممنوع الدخول بأمر من الحسبة". وقال المقدم عبدالأمير المحمداوي المتحدث باسم قوات الرد السريع إن "الكنيسة كانت مكتبا مهما لفرض الأوامر على السكان مثل إطالة اللحى وإتباع أوامرهم المتطرفة". وأمام الكنيسة، ما زالت جثث خمسة جهاديين ملقاة على الأرض في الحي الذي دمرته المعارك وبات مقفرا. وقد استعادته القوات العراقية التي تخوض معارك للسيطرة على غرب الموصل بعد استعادتها في يناير/كانون الثاني شرق المدينة آخر أكبر معقل للجهاديين الذين استولوا عليها في 2014 وفرضوا قوانين إسلامية متشددة على السكان. وحاول مقاتلو التنظيم الدولة نزع صليب على باب من حديد ودمورا صليبا آخر فوق بوابة الكنيسة الملونة. وداخل الكنيسة، لم ينج صليب ولا تمثال ليسوع المسيح أو مريم العذراء. كل إشارة إلى الديانة المسيحية أزيلت بشكل ممنهج. وحده المذبح الأنيق المصنوع من رخام رمادي نجا من عملية التدمير هذه. وتحت واحدة من القباب بقيت قاعدة تمثال دمر على الأرجح، مزينة بورود حمراء وصفراء. رسوم مثيرة للاشمئزاز وكتب على أحد الملصقات أدعية دينية تقرأ صباحا ومساء بينما يتحدث ملصق آخر عن فوائد الصلاة في المسجد. ويتضمن إعلان آخر 14 قانونا تكشف ما فرضه الجهاديون على المدينة مثل "حظر التجارة واستهلاك الكحول والمخدرات والسجائر"، وفرض "ارتداء ملابس محتشمة" على النساء وعدم خروجهن إلى الشارع إلا عند الضرورة فقط . ويوضح كتيب عثر عليه وسط الأنقاض أشكال العقاب الجسدي الذي يفرض على من يرتكب سرقة أو يتناول الكحول أو يمارس الزنى أو على المثلية الجنسية. وقد أرفق برسوم مثيرة للاشمئزاز. وحفر الجهاديون أسماءهم الحركية على جدران الكنيسة التي القي واحد شمعدانات الصلاة فيها في فنائها. وفي غرف جانبية صغيرة تابعة للكنيسة تتجاور أكاليل من الورد الاصطناعي تعود إلى أصحابها الأصليين مع ملصقات توضح كيفية استخدام رشاشات الكلاشنيكوف. ويمثل الكلدان غالبية المسيحيين العراقيين وكان عددهم أكثر من مليون شخص قبل 2003 في عهد الرئيس الأسبق صدام حسين. وقد انخفض هذا العدد إلى أقل من 350 ألفا اثر أعمال العنف التي ضربت البلاد ودفعتهم إلى الهجرة. وقد سيطر تنظيم الدولة الإسلامية في يونيو/حزيران 2014 على الموصل وفرض على المسيحيين اعتناق الإسلام أو دفع الجزية أو المغادرة أو مواجهة عقوبة الإعدام. وبعد أسبوع على سيطرتهم على لموصل، اجتاح الجهاديون بلدة قرقوش وباقي مناطق سهل نينوى غرب المدينة حيث كان يقطن ما يقارب من 120 ألف مسيحي ما دفعهم إلى الفرار. لكن وضع كنيسة أم المعونة أفضل من باقي مناطق حي الدواسة التي دمرت بشكل كبير إثر المعارك. ففي أحد الشوارع التجارية الفارغة، تحولت واجهة محل براقة إلى بقايا حديد وكتل خرسانية مدمرة. وكان هناك ملصقات دعائية تروج لملابس رجالية حجبت فيها الوجوه والأذرع، حسب أوامر وتفسير تنظيم الدولة الإسلامية التي تحرم تمثيل البشر.
مشاركة :