طالبت المحامية والناشطة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان أمل كلوني العراق بالموافقة على إجراء تحقيق أممي في الفظائع التي ارتكبها تنظيم داعش في هذا البلد ومحاسبة مرتكبيها أمام القضاء. وفي خطاب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، هو الثاني لها في غضون ستة أشهر في إطار سعيها لمحاكمة المتطرفين، على جرائمهم في العراق، قالت كلوني، وكيلة الدفاع عن النساء الإيزيديات اللواتي تمكنّ من الفرار من أيدي التنظيم المتطرف: «لماذا لم يتم فعل أي شيء حتى الآن؟». ونقلت عنها وكالة الصحافة الفرنسية قولها: «هناك مقابر جماعية تقبع من دون حماية ومن دون أن تنبش وهناك شهود يفرون وما من ناشط واحد في تنظيم داعش يحاكم في أي مكان في العالم بتهمة ارتكاب جرائم دولية». وأوضحت كلوني (39 عاما)، المحامية البريطانية اللبنانية الأصل المتزوجة من الممثل الهوليوودي جورج كلوني، أن لندن أعدت مشروع قرار دوليا لفتح تحقيق أممي في جرائم التنظيم المتطرف في العراق ولكنها ما زالت تنتظر موافقة بغداد الضرورية على هذا النص قبل إحالته على مجلس الأمن لإقراره. ودعت كلوني رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إلى «إرسال رسالة إلى مجلس الأمن يطلب فيها فتح تحقيق في الجرائم التي ارتكبها تنظيم داعش». وأضافت: «لا تدعوا تنظيم داعش ينجو بالإبادة الجماعية» التي ارتكبها في العراق. لكن دعوة كلوني لم تلق آذانا صاغية لدى العراق، إذ أن سفير بغداد لدى الأمم المتحدة محمد الحكيم أكد أمام الجمعية العامة أن بلاده ملتزمة محاكمة المتطرفين وأن المحاكم العراقية تلقت حتى اليوم 500 دعوى بشأن جرائم ارتكبها تنظيم داعش. وأكد السفير العراقي في كلمته أن المطلوب في المرحلة المقبلة بعد أن تتمكن القوات العراقية من تحرير الموصل من قبضة التنظيم المتطرف هو «مصالحة حقيقية» بين المكونات الدينية والإتنية في ثاني كبرى مدن العراق. وأضاف: «نحن بحاجة لأن يكون هناك سلام بين هذه المجموعات» الدينية والإتنية. ويبدو أن النزوح والبحث عن الأمن والأمان صار أبعد ما يتمناه الإيزيديون في سنجار، الذين عادت مئات العوائل منهم إلى مناطقها بعد تحريرها من قبضة تنظيم داعش. وأجبر القتال الذي نشب في مجمع «خانة سور» الأسبوع المنصرم بين قوات «بيشمركة روجافا» السورية التي دربتها حكومة إقليم كردستان ومسلحين تابعين لحزب العمال الكردستاني (بي كي كي) غالبية العوائل التي عادت إلى ديارها على النزوح مجددا إلى مناطق أخرى مجاورة. يشار إلى أن خانة سُوَر هو أحد المجمعات التي كان يقطنها نحو ثلاثين ألف نسمة قبل احتلالها من قبل «داعش» أوائل أغسطس (آب) 2014 ويقع على الحدود السورية، ويسيطر عليه مسلحون وجماعات موالية أو تابعة لحزب العمال الكردستاني. وبعد نزوح العشرات من أهالي مجمع خانة سور إلى مناطق سيطرة قوات البيشمركة خوفا من الأوضاع غير المستقرة في منطقتهم التي تقع حاليا تحت سيطرة حزب العمال الكردستاني، فإنهم يطالبون باحترام رفات قتلاهم ما زالت في المقابر الجماعية وخروج القوات غير القانونية من مناطقهم. وقال سعيد شمو (51 عاما)، وهو أجير ولديه 5 أطفال من أهالي خانة سور لوكالة الأنباء الألمانية: «نحن ليس لنا أي مشاكل مع البيشمركة وحزب العمال الكردستاني، المشاكل الموجودة في شنكال (الاسم الكردي لسنجار) هي بين قوات البيشمركة وحزب العمال وليس بين الإيزيديين والإيزيديين». وأضاف: «نحن نرفُض القتال والحرب يكفينا مصائبنا وإبادتنا التي ما زالت مستمرة، يكفينا معاناة أبنائنا وبناتنا في سجون (داعش). نحن نطالب جميع القوات الموجودة في شنكال إلى احترام شعور وتضحيات الإيزيديين ووضع أياديهم في أيدينا لنقاتل (داعش) ونقضي على الإرهاب». بدورها، قالت شيرين زرو (43 عاما) من مخيم سردشتي في جبل شنكال: «نحن نطالب جميع القوات العسكرية الخروج من شنكال لم نعد نثق بهم نحن الآن بعد الإبادة، أصبحنا ضحية لأهدافهم السياسية، كل من يأتي إلى هنا يعمل من أجل مصالحه، والإيزيديون مهمشون ولا حيلة لهم.. على العالم أن يقف معنا كإيزيديين، لأننا بعد الآن لا نستطيع أن نربط مصيرنا بمصير أحد، كون كارثتنا هي كارثتنا فقط». من جهته، طالب قاسم ششو، قائد قوات البيشمركة في شنكال، مسلحي حزب العمال الكردستاني بالخروج من المنطقة فورا، واعتبرها قوة غير شرعية في العراق بحسب الدستور العراقي، مؤكدا أن قوات البيشمركة قادرة على حماية منطقتهم. وأكد أن الإيزيديين لم يقاتلوا بعضهم بعضا بل إن الاشتباكات كانت بين حزب العمال و«بيشمركة روجافا»، مضيفا: «سمعنا أن من بين الذين قتلوا من مسلحي حزب العمال هناك 7 إيزيديين تم استغلال ظروفهم من قبل حزب العمال لكي يقاتلوا البيشمركة». إلى ذلك، قال دخيل مراد، رئيس عشيرة في خانة سور، إن الإيزيديين الذين ينتمون لحزب العمال لا يتجاوز عددهم 73 شخصا، وهم أيضا لأسباب ربما مادية أو لأنهم يقعون تحت سيطرتهم تم استغلال ظروفهم. وأضاف: «نحن نرفض وجود حزب العمال في منطقتنا، ولا نؤيد القتال والحرب بين الأكراد مهما كان انتماؤهم الحزبي». وتتهم قيادات المسلحين التابعين لحزب العمال الكردستاني الذين يعملون تحت اسم «قوات حماية شنكال»، البيشمركة بالتحرك ضدهم نزولا على طلب الحكومة التركية ويتهمون رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني شخصيا بإصدار الأوامر إلى البيشمركة بقتال مسلحي حزب العمال بعد أن عاد من تركيا واجتمع بالرئيس التركي الأسبوع المنصرم. كما تصر القيادة المذكورة على أن مسلحيهم باقون في شنكال بطلب من أهالي المنطقة ولحماية الإيزيديين من «داعش».
مشاركة :