أبوظبي: إيمان سرور أكدت دراسات تربوية أن الألعاب الإلكترونية التي تمارس عبر الإنترنت تسهم في تحسين بعض المهارات الاجتماعية والأكاديمية لدى اللاعبين مثل مهارة البحث عن المعلومات، والطباعة، والكتابة، واكتساب اللغات الأجنبية، والتفكير الناقد ومهارات حل المشكلات، فيما أكد تربويون أن الألعاب الإلكترونية قد تعرض الأطفال إلى خلل في العلاقات الاجتماعية، واعتلال صحتهم النفسية والبدنية إن أدمنوا على ممارستها، مشيرين إلى خطورة الاستخدام المفرط للألعاب، وبالذات الشخصيات الإلكترونية التي تكون بعيدة عن الواقع، حيث إن هذه الشخصيات الخيالية وإن كانت تنمي خيال الطفل فإنها في الوقت ذاته تنمي مساحة انفصاله عن واقعه، وهو ما يفجر طاقات التوتر، والعنف، والتحدي، والخصومة الدائمة مع المجتمع المحيط به. وأوصى اختصاصيون نفسيون واجتماعيون بأنه ينبغي على التربويين وأولياء الأمور الإحاطة بأهم الجوانب الإيجابية والجوانب السلبية للألعاب الإلكترونية، بهدف العمل على تعزيز الجوانب الإيجابية والحد من آثار الجوانب السلبية في المدرسة والبيت وخارجه، وأن تتبنى الجهات التربوية والتعليمية في الدولة بعضا من الألعاب الإلكترونية التعليمية الجيدة وتضمينها في المناهج الدراسية، وعمل مسابقات ذات صلة بهذه الألعاب داخل المدرسة وخارجها. آثار سلبية وأكد الدكتور محمد الحوسني موجه التربية النفسية أن الألعاب الالكترونية لها أضرار عدة منها دينية، سلوكية، أمنية، صحية، اجتماعية، وأكاديمية وأضرار عامة، ويندرج تحت كل فئة عدد من الآثار السلبية، مشيرا إلى أنه ينبغي على التربويين وأولياء الأمور الإحاطة بأهم الجوانب الايجابية والجوانب السلبية للألعاب الإلكترونية بهدف العمل على تعزيز الجوانب الايجابية والحد من آثار الجوانب السلبية.وقال إن هناك عددا من العوامل التي تدفع طلاب التعليم العام لممارسة الألعاب الإلكترونية مثل السعي للفوز، المنافسة، التحدي، حب الاستطلاع، التخيل والتصور وغيرها من عناصر الجذب والتشويق والإثارة، ولكن في الجانب الآخر فإن الألعاب الالكترونية تتسم بالعنف وتؤدي إلى مضاعفة الهيجان الفسيولوجي الوظيفي وتراكم المشاعر والأفكار العدوانية، وتناقص في السلوك الاجتماعي السوي المنضبط، بالإضافة إلى الآثار السلبية على صحة الطالب كالسمنة المفرطة وحدوث النوبات المرضية كالصداع والتشنج. انطواء وأشار نصر الدين عبدالرحيم الاختصاصي الاجتماعي بمدرسة الصقور إلى أن الألعاب الالكترونية غير المقننة تصنع طفلاً غير اجتماعي، فالطفل الذي يقضي ساعات طوالاً في ممارستها بدون تواصل مع الآخرين، يجعل منه طفلاً منطوياً على ذاته على عكس الألعاب الشعبية التي تتميز بالتواصل، كما أن إسراف الطفل في التعامل مع عوالم الرمز يمكن أن يعزله عن التعامل مع عالم الواقع فيفتقد المهارة الاجتماعية في إقامة الصداقات والتعامل مع الآخرين ويصبح الطفل خجولا لا يجيد الكلام.ورأت استشارية الأمراض النفسية والطب الأسري الأستاذة الدكتورة أمل المسلمي أن الألعاب الإلكترونية تُعد سلاحاً ذا حدين، موضحة أن الأجهزة لها إيجابياتها إذا ما استعملت بطريقة جيدة وسليمة، ولها مخاطرها إذا ما استخدمت بطريقة سلبية، وتكمن الإيجابية في البرامج التربوية المفيدة للطفل بينما تكمن السلبية في برامج العنف والقتل والشدة، وهذا قد يعرض الطفل إلى التأثر المباشر بهذه الألعاب ويبدأ ممارستها بشكل مستمر في المنزل وخارجه. سهر وقالت هاجر الحوسني الاختصاصية النفسية بمجلس أبوظبي للتعليم إن من سلبيات الألعاب الإلكترونية التي أثبتها الباحثون أنه عندما يتعلق الطفل الصغير «ما دون العاشرة» بهذه الألعاب فإن ذلك يؤثر سلبا على دراسته ونطاق تفكيره، كما أن سهر الأطفال والمراهقين طوال الليل في ممارسة الألعاب الإلكترونية يؤثر بشكل مباشر على مجهوداتهم في اليوم التالي، مما قد يجعل اللاعبين غير قادرين على الاستيقاظ للذهاب إلى المدرسة، وإن ذهبوا، فإنهم قد يستسلمون للنوم في فصولهم المدرسية، بدلاً من الإصغاء لشرح المعلم للدروس.وحول الأضرار والأعراض السلبية نتيجة الإفراط في استخدام هذه الألعاب قالت ابتسام الحواني الاختصاصية الاجتماعية بمدرسة الريم في أبوظبي إن بعض المفكرين أكدوا أن هناك إدماناً على هذه الألعاب بشكل علني، وهذا يدفعنا كتربويين واختصاصيين نفسيين واجتماعيين إلى الاهتمام بهذا الأمر وتوعية الناس بخطر هذه الأجهزة الإلكترونية، وإننا نجد أطفالاً من شدة تعلقهم بهذه الألعاب يحسبون وقت بقائهم في المدرسة بالدقيقة والثانية رغبة منهم في العودة إلى المنزل بهدف اللعب على هذه الألعاب، وهذا يُعد من أخطر وأشد أنواع الإدمان. بلا طعام طوال اللعب محمد السمهوري - ولي أمر- قال إنه لاحظ أثناء وجوده في أحد محال الألعاب الإلكترونية رجلاً يبدو عليه علامات الغضب ونهر طفله أمامه، فسأله عن السبب في ذلك فقال له، إن طفله لم يَعُد يتواجد في المنزل، فما إن يأتي إلى البيت قادماً من المدرسة حتى ينكفئ على نفسه داخل غرفته لممارسة الألعاب الإلكترونية لأكثر من خمس ساعات، أو يذهب إلى صالات الألعاب الالكترونية فلا يتفرغ لأداء واجباته المدرسية، ويظل بدون طعام طوال هذه الفترة، حتى إن مستواه الدراسي تأخر منذ أن عرف الطريق إلى ممارسة الألعاب الإلكترونية وبدأت صحته تتدهور. مها عمر الميسري - ولية أمر - قالت إن الألعاب الإلكترونية انتشرت بسرعة هائلة في المجتمعات العربية بوجه عام والخليجية بوجه خاص، فلا يكاد يخلو بيت في الخليج منها حتى أصبحت جزءا من غرفة الطفل، بل أصبح الآباء والأمهات يصطحبونها معهم أينما ذهبوا ليزيدوا الأطفال إدمانًا على ممارستها. إجهاد للعين عن التأثير السلبي للألعاب الالكترونية وانعكاساتها على صحة الطالب يقول طبيب العيون سالم السعيدي إن سهر الأطفال والمراهقين طوال الليل في ممارسة الألعاب الإلكترونية يؤثر بشكل مباشر على مجهوداتهم الشخصية في اليوم التالي، كما أنه يزيد من تعب الجسم والصداع، اذا كان اللعب بشكل متواصل لمدة طويلة دونما انقطاع وتصل إلى سبع ساعات واكثر. كما أن حركة العينين تكون سريعة جدا أثناء ممارسة الألعاب الإلكترونية مما يزيد من فرص إجهادهما، وهذا بدوره يؤدي إلى حدوث احمرار بالعين وجفاف وحكة وزغللة، وكلها أعراض تعطي الإحساس بالصداع والشعور بالإجهاد البدني وأحيانا بالقلق والاكتئاب.هشاشة وبدانة يقول استشاري العظام عمار شوكت إن بقاء الأطفال في المنازل في ساعات النهار لممارسة الألعاب الإلكترونية، وعدم الخروج للتعرض لأشعة الشمس والحصول على الفيتامينات المطلوبة لنمو العظام يتسبب في المستقبل بإصابتهم بنقص فيتامين «د»، ويؤدي إلى إصابتهم بهشاشة في العظام بصورة مبكرة عن غيرهم، وآلام في الظهر وفي الركبتين قد تتطور إلى التهابات في المفاصل كما تصبح مناعتهم ضعيفة.ويقول عامر سعيد أخصائي رعاية صحية، إن الألعاب الإلكترونية تؤدي إلى الإصابة بسوء التغذية والبدانة، فالطفل لا يشارك أسرته في وجبات الغذاء والعشاء فيتعود على الأكل غير الصحي في أوقات غير مناسبة للجسم، مشيرا إلى أن ارتفاع حالات البدانة يعود إلى تمضية فترات طويلة أمام التلفاز أو الحاسب وأن الأطفال والشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 8 و 18 سنة يمضون معظم أوقاتهم في ممارسة الألعاب الإلكترونية أكثر من أي نشاط آخر وهذا بدوره يؤدي إلى انخفاض النشاط البدني، ويوفر بيئة مثالية لزيادة الوزن والسمنة.
مشاركة :