كل الوطن- الخليج اون لاين: اجتاح اللباس المحتشم العالم، بعد أن كان يثير نظرات الاستغراب في الغرب، وحاربه العديد من الأشخاص، واعتبروه ظلماً للمرأة ويدل على “التشدد”، ولكن بعدها تحوّل الأمر بشكل مفاجئ، لتحتفي به دور الأزياء العالمية، ويهتم به أشهر المصممين. وكتبت الصحف العالمية عن عروض أزياء اللباس المحتشم، كما تناقلت القنوات الغربية ذلك، إذ لم يكن اللباس المحتشم حكراً على المسلمات فقط. ونشرت صحيفة “الغارديان” تقريراً عن الزي الإسلامي للنساء، وبحسب التقرير فإن تعبير “الأزياء المحتشمة” كان يثير نظرات مستهجنة إلى وقت قريب، لكن الأسابيع القليلة الماضية جلبت تغييراً سريعاً وملحوظاً حوله. وبدأ صدور مجلة “فوغ العربية”، التي تعنى بالموضة، وترأس تحريرها الأميرة السعودية دينا الجهاني عبد العزيز، وظهرت على غلافها الصادر في مارس/آذار الجاري، عارضة الأزياء الأمريكية ذات الأصول الفلسطينية، جيجي حديد. وعرضت شركة “نايكي” للمنتجات الرياضية حجاباً للنساء المسلمات. واستضافت العاصمة البريطانية لندن أسبوع الأزياء المحتشمة في غاليري ساتشي، يومي 18 و19 فبراير/شباط. ونظّم الحدث موقع “Haute Elan” في المملكة المتحدة، وهو منصّة إلكترونية تضم 150 مصمماً ومتجراً مختصاً بالأزياء المحتشمة. وشاركت 40 علامة تجارية حول العالم في عرض تشكيلاتها من الملابس والعباءات وغيرها ضمن هذا العرض الحصري، الذي سيصبح حدثاً مستمراً بين فعاليات أسبوع لندن للأزياء. وأصبحت متاجر “دبينامز” الأولى بالعاصمة البريطانية التي تبيع الحجاب بمتاجرها في وسط المدينة. وفي يوم المرأة العالمي، أطلق مشروع تجاري على الإنترنت للأزياء المحتشمة تحت اسم The Modist. وتعطي هذه الخطوات جميعها انطباعاً بأن عصر الموضة الإسلامية قد بدأ بخطوات قوية وجرئية ليحدث تغييراً هائلاً في الأزياء. وسيبلغ حجم الاستثمار فيه 484 مليار دولار بحلول عام 2019، وفقاً لوكالة رويترز، ومؤسسة أبحاث دينار ستاندرد. – الاحتشام ليس حكراً وعن دور الأزياء تقول المخرجة الأردنية سماح صافي، التي تقيم في أمريكا: “أصبح هناك تطوّر يعبرون من خلاله عن الاحتشام، وسط بقاء أفكار جريئة ومجنونة وغير محتشمة، مع وجود مساحة للملابس المحتشمة”. وترى صافي في حديثها لـ “الخليج أونلاين”، أن “الاحتشام ليس حكراً على المحجّبة، وهو مطلب وثقافة تتطلّبه الكثير من الأديان؛ منها اليهودية والمسيحية، ومن بعدهما جاء الإسلام”. وتقول: “هناك الكثير من النساء المحتشمات حول العالم، حتى في أمريكا، وهو نوع من التعبير عن النفس بطريقة محتشمة، سواء باللباس (المظهر)، أو بأسلوب الحياة والفكر والعمل، فبرأيي هو ليس حكراً على الإسلام أو على المحجبات”. وتؤكّد صافي لـ “الخليج أونلاين”، أنه “شئنا أو أبينا هناك العديد من المسلمات يبحثن عن ملابس محجّبات ومصمّمات محتشمات، وهذا أمر جميل أن ترى العالم يتقبّل فكرة الحجاب أكثر، وأن يحتفي بها، وأن يكون هناك ملابس معاصرة وجميلة، وكل أنثى بحاجة لأن تظهر بشكل جميل وتلقائي وبملابس تناسب قيمها”. وتتّفق منال محيي الدين مع صافي في قولها، وتقول: “كوني غير محجبة، عندما أذهب لشراء ملابس أحاول أن تكون أنيقة وغير ملفته جداً، إذ أوقن أنني في أي مكان سأكون معرّضة للنظرات، فأُفضّل أن أختار ملابس مريحة وعملية، ولا أتسبب بأي إحراج لنفسي أو غيري”. وتتابع محيي الدين لـ “الخليج أونلاين”: “في عصرنا بعض المحجّبات بعيدات عن الاحتشام؛ بحيث تكون ملفته أكثر من غيرها بلباسها غير المحتشم، وبنظري أحب ألا يلتفت أي شخص لي بطريقة خاطئة، وأن أتعامل معه بكل أريحية؛ لأنكِ في مجتمعنا من الصعب جداً أن تتجوّلي بأي مكان دون أن تسمعي أي تعليق من الشباب، والاحتشام يعدّ فضيلة، سواء كان لأسباب أخلاقية أو دينية”. وتؤكّد أن “الفتاة عقل وجسم، وليس جسداً فقط”. – الإنترنت واللبس المحتشم وفي الفترة الأخيرة انتشرت العديد من الصفحات لمصممات أزياء عربيات، يعرضن عبرها تصاميم لملابس محتشمة تواكب الموضة العالمية وتتماشى مع الأفكار والمعتقدات السائدة، وباتت في متناول جميع النساء. تقول هبة قطوس، مصممة الأزياء ومالكة مشروع “موروث عائشة” Aysha Lagacy لتصميم الأزياء للمحجبات، في الأردن ودبي بالإمارات، نحن نعاني كمحجبات حين نبحث عن ملابس ساترة وتتماشى مع الموضة أو معاصرة، أو حتى تكون بتصاميم تناسب أذواقنا، من هذا المنطلق فكّرنا في صنع ملابسنا بأيدينا”. وتضيف قطوس لـ “الخليج أونلاين”: “في مايو/أيار من العام 2016، افتتحنا صفحة Aysha Lagacy على موقعي التواصل الاجتماعي فيسبوك وإنستغرام، واخترنا هذا اسم (Aysha) ليدلّ على فتاة تعيش وتبحث عن الحياة، و(Lagacy) ويعني إرث، ويدل على تماشي هذا اللباس مع دين الفتاة ومجتمعها”. ووجدت قطوس تفاعلاً كبيراً من الفتيات اللواتي كُنّ يبحثن عن اللباس المحتشم المواكب للموضة، وتابعت: “نحن نحاول مواكبة الموضة العالمية، ونستمع لآراء الناس وتعديلاتهم، ونحسّن هذه الملابس لننتج ما يليق بالفتاة المحتشمة”. وأكّدت أن “دور الأزياء العالمية تؤثّر في التصميمات العربية وفي الأذواق، ونحن دورنا مواكبتها والتعديل عليها بما يتناسب مع الدين والمجتمع”. من جهتها تقول أروى قطوس، وهي شريكة في “موروث عائشة”، لـ “الخليج أونلاين”، إنه “أصبح هناك العديد من المصممين والمصممات العرب الذي اشتهروا عبر وسائل التواصل الاجتماعي ويصمّمون الأزياء بناء على رغبة المشتري وحاجة السوق، وتكون أفكار تصاميم اللبس مأخوذة من دور أزياء عالمية، وهذا سبب نجاح الملابس، وإقبال الفتيات عليها؛ لأنها جمعت الموضة العالمية والاحتشام”، وأكدت حاجة المحجبات لتصاميم عصرية. في حين ترى قطوس أنه أصبح هناك مساحة كبيرة للبس المحتشم في دور الأزياء العالمية، ما يدعو للتفاؤل بالنسبة إلى المحجبات. وجدير بالذكر أنه في العام 2014 أطلقت أزياء DKNY مجموعة تصاميم لأزياء محتشمة، ومنذ العام 2015 بدأ الحجاب بالدخول لعالم الأزياء بخُطا واثقة، مع ظهور عارضة الأزياء البريطانية مارية إدريسي ضمن حملة لمتاجر H&M وهي ترتدي الحجاب، وظهور الصحفية الأمريكية نور تغوري في مجلة “بلاي بوي” وهي ترتدي الحجاب، واختيار علامة “كوفر غيرل” للمدونة المحجبة نورا عافية لتكون أحد الوجوه للحملة الدعائية لأحد منتجاتها.
مشاركة :