تركيا ـ أطفال سوريون بين الحاجة للعمل واستغلال أرباب العمل

  • 3/13/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

جولة في المنطقة الصناعية في مدينة غازي عنتاب التركية وقت خروج العمال تكفي لمعرفة أن الكثير من هؤلاء هم من الأطفال دون الخامسة عشر. أحاديث وروايات كثيرة يرويها هؤلاء لـ DW عربية عن الأسباب والظروف التي أجبرتهم على العمل. الصروة من الأرسيف لطفل سوري يمارس الخياطة في تركيا لم تمنعه يداه الصغيرتان وقصر قامته كطفل في الثانية عشرة من عمره من رغبته في تعلم  الخياطة، فهي ليست سوى تحد بسيط يخوضه محمد  مقارنة بالتحديات الكبيرة التي اضطرته ظروف الحرب في سوريا إلى خوضها، بعد أن سرقت منه  أغلى ما يملكه طفل في سنه؛ أسرته وموطنه. اختار محمد تعلم هذه الحرفة كنشاط تقدمه دار كريم لرعاية الأيتام، والذي يعيش فيه مع رفاقه في مدينة غازي عنتاب التركية. الشيء الإيجابي وسط هذه العتمة هو أن هذا العمل لا يعيق محمد عن متابعة دراسته والمضي نحو حلمه بأن يكون مهندس معماري في المستقبل ليساهم في إعمار بلدته التي دمرتها الصواريخ والقذائف. ويتحدث محمد لـDW عربية عن تجربته في تعلم حرفة الخياطة بالقول "أحب حرفة الخياطة وأنتظر يوم العطلة لأمارس هذا النشاط، فلا يسمح لنا بممارستها يوميا حتى لا ننشغل عن الدراسة". من جانبه يوضح محمد إسماعيل، مشرف دروس الخياطة الهدف من نشاط الخياطة الذي يقدمه الدار للأطفال، بالقول"الأولوية من خلال هذا النشاط ليس تعلم الخياطة، فحسب بقدر ما نقوم بتقويم الكثير من الجوانب السلوكية في شخصية الأطفال، حيث نعلمهم على الالتزام والانضباط والصبر وتحمل المسؤولية ، بالإضافة إلى حب الانجاز. فقد أصبح الكثيرين منهم يلبسون من إنتاج عملهم في الخياطة ويحضرون حاليا لمعرض يعرضون فيه كافة منتجاتهم التي صنعوها بأيديهم". رشا خضر إحدى مشرفات دار كريم تتحدث لـDW   عربية مبدأ الدار في حماية أطفاله من الاستغلال في سوق العمل، وتقول"نحن نتعهد هؤلاء الأطفال مادام الدعم مستمراً حتى يبلغوا السن القانونية، والتعليم يأتي في أهم الأولويات بالنسبة لهم ثم نوجه الأطفال إلى الأنشطة المختلفة سواء الخياطة، التمثيل، كرة القدم والشطرنج ، ولا نسمح لأي جهة بالتدخل في شؤونهم حتى يصبح الطفل قادرا على تحديد خياراته." "المصروف يكسر الظهر" يبقى حال الطفل محمد على الرغم من فقدانه لأبويه أفضل من الطفل خالد 14 عاما، الذي اضطرته ظروف اللجوء الصعبة إلى مرافقة والده إلى معمل الأحذية، حيث يعملان لمدة عشر ساعات يوميا مقابل ما يعادل حوالي 30$ أسبوعيا لكل شخص. هذه الأجرة الزهيدة بالكاد تسد رمق أفراد الأسرة الخمسة، بالإضافة إلى أجرة المنزل التي تستنزف السوريين القاطنين في تركيا. بعد جهد كبير استطعنا أن نحصل على كلمات سريعة من خالد بسبب معارضة والده للحديث معنا حول عمل إبنه في ورشة الأحذية، يقول خالد "دائما أبي يقول لي أن المصروف "يكسر الظهر " وأنا مضطر ساعد أبي. تركت المدرسة لأن دوامها  مع دوام المعمل، ولكن الحمد لله أتقنت العمل وأنا أتعلم مهنة". تحدث خالد هذه الكلمات وركض مسرعا خشية أن يراه أباه أو صاحب الورشة. أما "لانة" ذات الـ 13 ربيعا، وبسبب تعلقها الشديد بالدراسة تسعى جاهدة التوفيق بين العمل والدراسة، وتقسم ساعات اليوم بين الورشة والمدرسة، وتقول لـ DW عربية " أعمل في ورشة الخياطة من الساعة السابعة وحتى الواحدة ظهراً، ثم أخرج إلى مدرستي حتى السابعة مساءً، وبعدها أعود للورشة حتى العاشرة مساءً". "لانه" تعتز بنفسها وبقدرتها على الموازنة بين العمل والدراسة، وهو أمر متاح لها على عكس الكثيرين من الأطفال، الذين يعملون لساعات طويلة مما يحرمهم من متابعة دراستهم. تحايل على تطبيق القانون   الصروة من الأرسيف لطفل سوري يمارس الخياطة في تركيا عمل الأطفال تحت سن الخامسة عشرة مخالف للقانون التركي ويعاقب عليه كل من ولي أمر الطفل وصاحب العمل بعقوبة السجن لعام كامل، كما يغرّم صاحب العمل بمبلغ يتجاوز 350 دولارا أمريكيا. إلا أن الكثيرين يغضون الطرف عن هذا القانون بل على العكس أصبحت هذه الفئة مستهدفة من قبل أرباب العمل وأصحاب الورش لعدة أسباب أهمها أن اليد العاملة الصغيرة تعمل بأجور زهيدة بسبب حاجة هؤلاء الأطفال الماسة للعمل وهو ما يناسب أرباب العمل بالإضافة إلى أنهم يقبلون العمل بظروف قاسية دون تذمر أو اعتراض وخاصة الأطفال الذين يجدون بالعمل مفرا لهم من الدراسة وخاصة في ظل تشجيع الأهل على ذلك. وضع الحماية المؤقتة للسوريين هو المشكلة الدكتور جلال نوفل أخصائي في علم النفس يتحدث عن أسباب هذه المشكلة في حديث لـDW عربية ويقول " السبب الأساسي يكمن في قانون الحماية المؤقتة الذي يخضع له السوريين على الأراضي التركية. هذا القانون سمح للسوريين بالبقاء على أراضيها ولكن لم يمنحهم حقوق اللجوء، فالسوريين كلاجئين باسم ضيوف يعيشون على حسابهم الشخصي، وغلاء المعيشة يحاصرهم من كل جانب، فضلا عن صعوبات الاندماج والتي تلقى على عاتقهم أيضا ". ويتساءل نوفل " كيف لي أن أمنع الآباء من تشغيل أطفالهم وهم غير قادرين على إعالتهم أو تأمين حياة كريمة لهم ولو بأدنى الشروط "؟. أيضا يلقي دكتور نوفل باللوم على دور المنظمات والجمعيات الأهلية والتي لا تهتم إلا فيما ندر بالسوريين على الأراضي التركية، وتوجه جل اهتمامها إلى الداخل السوري، ويقول "مصلحة الطفل كل لا يتجزأ، فإخراج الطفل من دائرة الخطر والموت في سوريا، وتركه يتعرض للاستغلال في سوق العمل ليقع ضحية أمور كثيرة قد تقضي على مستقبله، هو كمن تركه يموت بشكل بطيء. مروة الغفري ـ تركيا

مشاركة :