توقع بن فان بيردن الرئيس التنفيذي لعملاق الطاقة "رويال داتش شل" أن ينمو الطلب العالمي على النفط تدريجيا في السنوات المقبلة، وسيبلغ ذروته في نهاية المطاف ربما في النصف الثاني من العقد المقبل "عام 2025". ونقلت وكالة "بلاتس" الدولية للمعلومات النفطية عن بيردن قوله، "إن "شل" تعمل دوما على تنويع محفظتها الاستثمارية وفق متغيرات السوق وهو التحدي الذي يواجه أغلب الاستثمارات في المرحلة الراهنة"، مشيرا إلى أن الشركة العالمية ستنسحب من مشاريع النفط الرملي في كندا لضعف جدواه الاقتصادية، حيث ستخفض حصتها في مشروع "أثاباسكا" للنفط الرملى إلى 10 في المائة".إلى ذلك، توقع محللون نفطيون استمرار حالة التقلبات السعرية في أسواق النفط الخام خلال الأسبوع الجاري بعد أن اتجهت الأسواق إلى تسجيل انخفاضات قياسية في ختام الأسبوع الماضي وهي الأدنى في أكثر من ثلاثة أشهر وفي ظل ضغوط زيادة الإنتاج الأمريكي بعد استمرار تنامي أنشطة الحفر وبلوغ الحفارات أعلى مستوى منذ أيلول (سبتمبر) 2015.وبحسب المحللين فإن المنتجين التقليديين يكثفون جهودهم واتصالاتهم في المرحلة الراهنة لزيادة نسبة الالتزام بخفض الإنتاج خاصة للدول المنتجة من خارج "أوبك" وفي نفس عمل تفاهمات جديدة مع منتجي النفط الصخري للحد من طفرة الإنتاج الأمريكي الحالية التي قادت إلى انخفاض الأسعار بشكل سريع.وأوضح المحللون أن الارتفاع القياسي في مستوى المخزونات الأسبوع الماضي جدد المخاوف من عودة تخمة المعروض وضغط على الأسعار على الرغم من نجاح تطبيق اتفاق خفض الإنتاج بينما في المقابل تلقت الأسعار دعما محدودا من تراجع الدولار الأمريكي أمام بقية العملات الرئيسية.وفي هذا الاطار، يقول لـ "الاقتصادية"، جوي بروجي مستشار شركة "توتال" العالمية للطاقة، "إنه على الرغم من الجهود الحثيثة التي قادتها منظمة أوبك بالتعاون مع المنتجين المستقلين على مدار الشهور الماضية نحو استعادة التوازن في السوق إلا أن تجاوز حالة تخمة المعروض بات مهة صعبة في ظل النشاط الذي فاق التوقعات في مستويات الإنتاج الأمريكي، وهو ما قاد إلى تسجيل أدنى مستوى للأسعار في ثلاثة أشهر خلال تعاملات الأسبوع الماضي".وأضاف بروجي أن "مستويات الثقة بسوق النفط الخام تتعرض حاليا لضغوط سلبية واسعة نتيجة استمرار ارتفاع مستوى المخزونات وبسبب مسارعة المنتجين الأمريكيين لتعويض فترة الانكماش السابقة بزيادة الحفر والإنتاج دون تدارس تأثير ذلك السلبي في الأسعار"، معتبرا الأزمة قد ترتد إليهم مرة أخرى في ظل احتمال انخفاض الأسعار إلى المستويات الصعبة على مواصلة الإنتاج في الولايات المتحدة.وأشار بروجي إلى أنه على الرغم من انخفاض الأسعار بشكل قياسي في الأسبوع الماضى إلا أن خام برنت بقي في حدود 52 دولارا وهو مستوى متوسط وما زال ملائما لأغلب الاستثمارات، لكن منتجي "أوبك" كانوا يراهنون على اقتراب الأسعار من مستوى 60 دولارا خاصة مع دخول اتفاقية خفض الإنتاج الشهر الثالث من التطبيق، معربا عن أمله ألا يشهد الأسبوع الجاري والاسابيع المقبلة مزيدا من الانخفاضات حيث إن السوق تقترب الآن من السعر الحرج.من ناحيته، أوضح لـ "الاقتصادية"، أمبرجيو فاسولي مدير مركز دراسات الطاقة في مدينة لوزان السويسرية، أن منتجي النفط الصخري الأمريكي يراهنون أكثر مما يجب على قيام منظمة أوبك بتمديد اتفاق خفض الإنتاج لستة أشهر أخرى وهو أمر لم يتم حسمه بعد سواء داخل "أوبك" أو خارجها، كما أن المنتجين قلقون من هذه المراهنات الأمريكية ولا يريدون أن يحصد الأمريكيون وحدهم كل المكاسب جراء خفض الإنتاج خاصة أن الهدف الأول لاتفاق خفض الإنتاج وهو استقرار السوق وسحب المخزونات ما زال بعيدا وحجم التقدم بطيئا.وأشار فاسولي إلى أن بعض شركات النفط الصخري أطلقت تحذيرات من احتمال هبوط الأسعار إلى مستوى 40 دولارا للبرميل في حال عدم مد الاتفاقية الخاصة بخفض الإنتاج وهو ما سيعيد الاستثمارات إلى حالة الأزمة والانكماش السابقة.ويعتقد فاسولي أن منتجى "أوبك" والمستقلين – على الأرجح – لن يمددوا الاتفاقية ما لم يشعروا بتحسن جذري في علاج مشكلة سحب المخزونات والحد من تخمة المعروض، مشيرا إلى أن العلاج الأفضل للحالة الراهنة في السوق هو استمرار خفض الإنتاج بمعدلات أكبر مع ضرورة دمج الإنتاج الأمريكي في منظومة العمل على الحد من تخمة المعروض.من جانبه، يقول لـ "الاقتصادية"، إيفليو ستايلوف المستشار الاقتصادي البلغاري في فيينا، "إن اجتماع أسبوع "سيراويك" لمنتجي النفط الخام في مدينة هيوستن الأمريكية بدأ في مستويات سعرية جيدة للخام وما لبث أن انتهى على انخفاضات حادة"، مشيرا إلى أن الأمر يعكس استمرار أزمة الثقة بين المنتجين التقليديين وبين منتجي النفط الصخري، كما أن حالة غياب التعاون والتنسيق يبدو أنها باقية وانعكست سريعا على مستوى الأسعار.وذكر ستايلوف أن كبار المنتجين بقيادة السعودية حذروا من منتجي الولايات المتحدة من الاعتماد على فكرة تمديد العمل باتفاقية خفض الإنتاج، لكن على ما يبدو أن الإنتاج الأمريكي ما زال يسابق الزمن للاستفادة من الظروف الراهنة، وهو ما يجعل فرص عودة الاستقرار إلى السوق ضعيفة وبطيئة، كما أن احتمال تراجع الأسعار بشكل كبير بعد انتهاء الاتفاقية دون مدها ما زال باقيا ويؤثر في مجريات السوق بقوة.وأشار المستشار الاقتصادي البلغاري إلى أن أغلب الشركات تركز الآن ليس على مستوى الأسعار الذي صار التقلب سمة أساسية فيه بل يتم التركيز على التقنيات الحديثة التي تعظم الإنتاج وتقلل التكاليف خاصة أن كثيرين يعتقدون أن مستقبل الإنتاج في حقل النفط والغاز سيجيء من الموارد الصعبة والضيقة في المستقبل.وكانت أسعار النفط قد انخفضت في ختام تداولات الأسبوع الماضي، لليوم الخامس على التوالي وذلك بعد أن سجل أدنى مستوى في ثلاثة أشهر ونصف وسجل انخفاضا للأسبوع الثاني على التوالي، وذلك في ظل المخاوف من تخمة المعروض.يأتى انخفاض أسعار النفط في ظل استمرار المخاوف من تخمة المعروض من النفط في الأسواق بعد بيانات المخزونات الأمريكية التي ارتفعت إلى مستويات قياسية تعكس ارتفاع معدلات إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة الأمريكية.ولا تزال السوق تعاني ضغوط انتعاش الإنتاج الأمريكي منذ بدء تطبيق اتفاق خفض الإنتاج مطلع العام الجاري خاصة بعد أن كشفت أحدث البيانات الأسبوعية أن عدد منصات الحفر النفطية الأمريكية ارتفع للأسبوع الثامن على التوالي ليصل إلى أعلى مستوى منذ أيلول (سبتمبر) 2015.وبحسب "رويترز"، فقد هبط الخام الأمريكي نحو 9 في المائة منذ إغلاق الثلاثاء في أكبر انخفاض على مدار ثلاثة أيام منذ شباط (فبراير) 2016، وانخفض الخام الأمريكي 79 سنتا أو ما يعادل 1.6 في المائة إلى 48.49 دولار للبرميل في التسوية بينما نزل خام القياس العالمي مزيج برنت 82 سنتا أو 1.6 في المائة إلى 51.37 دولار للبرميل.وهبط الخام الأمريكي دون 50 دولارا للبرميل يوم الخميس للمرة الأولى منذ كانون الأول (ديسمبر)، وعبر بعض كبار منتجي النفط مثل السعودية والإمارات عن مخاوفهم من أن تؤدي زيادة إنتاج النفط الصخري الأمريكي إلى تقويض جهودهم الرامية إلى تخفيض الإنتاج.وأفادت شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة أن شركات الحفر زادت عدد المنصات النفطية بمقدار ثماني منصات في الأسبوع المنتهي في العاشر من آذار (مارس) ليرتفع إجمالي عدد منصات الحفر إلى 617 منصة وهو أكبر عدد منذ أيلول (سبتمبر) 2015.وزادت شركات الطاقة الأمريكية عدد منصات الحفر النفطية للأسبوع الثامن على التوالي لتصل إلى أعلى مستوى منذ أيلول (سبتمبر) 2015 مواصلة التعافي المستمر منذ عشرة أشهر مع زيادة الشركات المنتجة للنفط الصخري إنفاقها للاستفادة من تعافي أسعار الخام، منذ أن وافقت "أوبك" على خفض الإنتاج العام الماضي.وذكرت "بيكر هيوز" لخدمات الطاقة أن شركات الحفر زادت عدد المنصات النفطية بمقدار ثماني منصات في الأسبوع المنتهي في العاشر من آذار (مارس) ليرتفع إجمالي عدد منصات الحفر إلى 617 منصة مقارنة بـ 386 منصة قبل عام.تأتي تلك الزيادة على الرغم من انهيار العقود الآجلة للخام هذا الأسبوع إلى أدنى مستوى في ثلاثة أشهر لأن المنصات التي جرى تشغيلها هذا الأسبوع كان قرار عودتها إلى العمل من جديد قد اتُخذ قبل شهرين عندما كانت أسعار الخام أعلى من ذلك.واستقرت العقود الآجلة للخام الأمريكي عند نحو 48 دولارا للبرميل بعدما هبطت خلال الأسبوع إلى أدنى مستوى منذ تشرين الثاني (نوفمبر) تحت ضغط وفرة الإمدادات الأمريكية على الرغم من تخفيضات الإنتاج التي قادتها "أوبك".ومنذ أن تجاوزت أسعار الخام 50 دولارا للبرميل للمرة الأولى في أيار (مايو) بعد تعافيها من أدنى مستوى لها في 13 عاما الذي سجلته في شباط (فبراير) 2016 أضافت الشركات ما إجماليه 301 منصة نفطية في 37 أسبوعا من 41 أسبوعا وهو أكبر تعاف منذ أن أدت تخمة معروض النفط العالمي إلى هبوط السوق على مدى أكثر من عامين منذ منتصف 2014.وتراجع عدد منصات الحفر النفطية الذي تحصيه "بيكر هيوز" من مستوى قياسي بلغ 1609 منصات في تشرين الأول (أكتوبر) 2014 إلى أدنى مستوياته في ست سنوات عند 316 منصة في أيار (مايو) مع هبوط أسعار الخام الأمريكي من فوق 107 دولارات للبرميل في حزيران (يونيو) 2014 إلى قرب 26 دولارا في شباط (فبراير) 2016.Image: category: النفطAuthor: أسامة سليمان من فييناpublication date: الاثنين, مارس 13, 2017 - 19:07
مشاركة :