ما المقصود بتكلفة الفرصة وما فائدتها؟

  • 3/13/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

فكرة تكلفة الفرصة Opportunity Cost أو بالأحرى تكلفة فرصة القيام بعمل من الأعمال، تعني قيمة أحسن اختيار متروك. فهم العبارة السابقة الأخيرة مبني على فهم وقبول الآتي: رغبات وشهوات الناس "طلباتهم" لا حدود لها، بينما الموارد المتاحة للأفراد "من أملاك ودخول وأوقات" لتحقيق تلك الرغبات لها حدود، وعلى هذا لا بد من الاختيار بين الرغبات أو الطلبات، والتضحية بالباقي. لو كانت الموارد لا حدود لها لأمكن تحقيق كل الطلبات، ولما وجدت أصلا مشكلة اختيار، ولكن هذا موجود في الجنة فقط، جعلنا الله من أهلها. بما أن الرغبات المتروكة ليست متساوية الأهمية في نظر صاحبها، فإن تكلفة الفرصة لدى الاقتصاديين يقصد بها أعلى قيمة متوقعة مضحى بها، أي القيمة المتوقعة لأول خيار بديل، ولعل المثال المضروب في الفقرة التالية يساعد على فهم هذا. من المهم أن يعرف أن تحديد أهم خيار بديل وقيمته المتوقعة يرجع فقط إلى الشخص الذي بيده القرار، ولذا فإن تكلفة الفرصة تقديرية وليست موضوعية قابلة للقياس من الآخرين كالأسعار، ولكن هذا لا يمنع من إمكان وجود تقارب في تقديرها. مثلا: حينما يتوافر لديك مبلغ من المال وتشتري به سيارة: شراء السيارة يعني التضحية بالاختيارات الأخرى مثل ترميم المنزل أو الاستثمار في مصرف أو شراء أرض.. إلخ. نفترض أن أقرب بديل في نظرك – أنت - لإنفاق المبلغ هو ترميم منزلك، أي أنك لو لم تشتر السيارة لرممت منزلك. يعد ترميم المنزل "أي المنفعة التي تتوقع الحصول عليها حسب تقديرك لو أنفقت المال على ترميم المنزل" هو تكلفة فرصة شراء السيارة "أي المنفعة التي حصلت عليها من شراء السيارة". مثال آخر: إنسان يمتلك محلا وعنده عدة خيارات للاستفادة من هذا المحل، منها أن يؤجره أو يتخذه مكانا لممارسة نشاط تجاري أو مكتبا لمؤسسته "إذا كان عنده مؤسسة" أو يبيعه. لنفترض أنه جعله متجرا، ولنفترض أن أقرب بديل هو تأجيره. يعد مبلغ الإيجار الذي فات المالك الحصول عليه هو تكلفة فرصة استعمال المحل، ويسمى هذا النوع من تكلفة الفرصة التكلفة الضمنية التي لا بد أن تقدر عند حساب الأرباح والخسائر للمحل. محاسبيا لا ينظر إلى تكلفة الفرصة، بل ينظر إلى ما دفع من مال فعلا لتوفير "إنتاج" سلعة أو خدمة في السوق، أو الحصول عليها. وهذا هو المعنى المتبادر إلى الذهن. أما المصلحة أو الفائدة المتروكة بسبب اختيار غيرها فلا تعد تكلفة محاسبيا، ولكنها تعد كذلك اقتصاديا. طبعا للقارئ العادي أن يسأل القارئ عن الفائدة من هذه النظرة عند الاقتصاديين؟ السبب هو أن علم الاقتصاد يعنى بفهم وتحليل السلوك الاقتصادي للأفراد والمؤسسات. فكرة تكلفة الفرصة تساعد على فهم هذا السلوك، كما أنها، من جهة أخرى، تساعد على تقييم السياسات الاقتصادية في قدر تحقيقها المصلحة العامة. وهنا مزيد توضيح. من المواضع التي تظهر فيها فائدة فكرة تكلفة الفرصة، حينما تكون الأموال أو الموارد المدفوعة لا تعكس تكلفة هذه الموارد على الآخرين أو المجتمع، بينما يجب أن تظهر إظهارا حقيقيا تكلفة هذه الموارد على المجتمع أو الآخرين. مثال: إذا اشتريت سلعة بـ100 ريال وكانت تكلفتها على البائع مثلا 80 ريالا، أي أنه لم تكن هناك خسارة على البائع. المشكلة تظهر إذا كان المجتمع قد تحمل أضرارا نتيجة إنتاج "أو استهلاك" تلك السلعة، وهذه الأضرار لم تدخل ضمن التكاليف التي دفعها البائع، أي أن إنتاج أو استهلاك السلعة يحدث أضرارا على الآخرين دون دفع تعويض عن هذه الأضرار أو دفع تكاليف لمنعها. وجود الكسارات والمصانع داخل المدن، ووجود المدخنين بين غيرهم أمثلة تطبيقية للمثال النظري السابق. في هذه الحالة يكون المشتري قد حصل على جزء من موارد غيره مجانا. كيف تقدر السلطات قيمة الأضرار؟ أو قيمة "فائدة" منعها؟ من وسائل التقدير استخدام تكلفة الفرصة على المتضررين، فهي إذا تساعد على تصحيح الصورة المشوهة لتكلفة الموارد على المجتمع. من الأمثلة الأخرى استخدام تكلفة الفرصة عند تخطيط وتوزيع مخصصات الميزانية. ولكن قد يساء الاختيار. مثلا أثير نقاش قبل عشر سنوات تقريبا عن زيادة رواتب موظفي الحكومة. مما قيل آنذاك أيهما أكثر فائدة زيادة رواتب موظفي الحكومة أو تخصيص مبالغها سنويا لصندوق التنمية العقارية؟ على أساس صعوبة توافر المال لتحقيق الاثنتين مع مرور السنين. أكثرية الناس طبعا اختارت العاجلة زيادة الرواتب. وهذا ما صار.author: د. صالح السلطان

مشاركة :