حظيت الزيارة التاريخية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود إلى إندونيسيا بالترحيب والمحبة البالغة، والتي لم ترها العاصمة جاكارتا منذ نصف قرن، حيث استقبلت آنذاك الفيصل - طيب الله ثراه - في رحلات التضامن الإسلامي، وتميز الاستقبال الرسمي والشعبي بالترحيب العالي والذي لم يؤد من قبل لأي رئيس دولة ضيف على الدولة الإندونيسية، فقد امتزجت مظاهر الضيافة الشعبية والرسمية مع بعضها بمظاهر ود وأخوة لم تكن مسبوقة أبداً. وشاركت ظروف الأجواء المناخية بالمطر المنهمر والذي أضاف للترحيب االشعبي البالغ ظروفاً من جمال تضاريس العاصمة جاكارتا الخضراء، فالرئيس جوكو ويدودو يبادر بأن يكون على رأس مستقبلي أخيه الملك سلمان في مطار جاكارتا الجوي، ورافق فخامته ضيف إندونيسيا الكبير من المطار حتى قصر الضيافة الرئاسي في مدينة بوغر المجاورة. ووصف الزيارة الملكية بالتاريخية، متمنياً توثيق العلاقات الأخوية المتينة بين البلدين الإسلاميين. الإعلام الإندونيسي المقروء والمرئي رحب بالزيارة المباركة ووصفها بالإستراتيجية للعلاقات المتطورة والقوية بين البلدين الشقيقين المملكة العربية السعودية وإندونيسيا، حتى أن جميع القنوات التلفزيونية الرسمية والشعبية قطعت إرسالها لتبث وصول الرمز الإسلامي الكبير خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز عاهل المملكة العربية السعودية ضيفاً عزيزاً على بلادهم الإسلامية والتي تضم أكبر تجمع إسلامي في عالمنا الإسلامي الواسع بدعوة كريمة من الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو وضيفاً كريماً على الشعب الإسلامي في الجزر الإندونيسية الثلاثة الآلاف، وبهذا التوقيت المهم للأمة العربية قبيل انعقاد مؤتمر القمة العربية التامن والعشرين في عمان والذي يوصف جدول أعماله بمجمع القرارات المصيرية لتحقيق السلام والاستقرار في كل دولنا العربية التي ابتليت بوباء الإرهاب العالمي ووضع الإستراتيجيات العملية للقضاء على بؤر العصابات الإرهابية ومصادر تمويلها وتنظيف عالمنا الإسلامي من الكهوف الحاضنة لهذه المجموعات المتطرفة الانتقامية والتي أساءت للمعاني النبيلة للديننا الحنيف الوسطي ورسالاته السماوية في التسامح والمحبة والدعوة للسلام والتعايش مع كل الأديان والشعوب في أرضنا المعمورة... وجاءت زيارة الملك سلمان للشرق الأقصى وما لها من دلالتها وأهمية الملفات المعروضة بين الزعيمين الإسلاميين الكبيرين، وكل الأقلام الإعلامية الإندونيسية والعربية أجمعت على توفر الأجواء الإيجابية المهيئة لإنجاح جهود الزعيمين للوصول إلى الحلول المباركة والتي تدعو لخير الأمة الإسلامية وتحقيق الأمن والاستقرار والسلام لمنطقتنا الإقليمية كافة، والتأكيد على تحالف الدولتين الكبيرتين المحوريتين والذي يهدف أساساً إلى تحقيق السلام وينبذ العدوان. وقد أجرى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان اجتماعاً مع أخيه الرئيس ويدودو تناول العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين ومكافحة الإرهاب المتطرف في منطقتنا الإقليمية، ومن ثم انضمت الوفود الرسمية من كلا البلدين للاجتماعات الرسمية والتي تناولت مجمل الوضع السياسي في الشرق الأوسط والملف الأول إسلامياً قضية السلام في فلسطين السليبة وأمن القدس الشريف من الاعتداءات الإسرائيلية، وقضية اللاجئين ومساعدتهم في إيجاد الممرات الآمنة لعودتهم إلى ديارهم، وملف الشعب اليمني وجهود السلام المبذولة لتطبيق قرارات مجلس الأمن بحقها، إضافة إلى بحث عدد من الملفات الإقليمية والدولية. وتم توقيع إحدى عشرة اتفاقية اقتصادية تتضمن حجماً استثمارياً يقدر بنحو ثمانية عشر مليار دولار في مجالات الطاقة وتكرير البتروكيمياويات ومشاريع مشتركة أخرى في الحقول الاقتصاد الإندونيسي المشتركة بين البلدين الشقيقين، وتناولت تلك الاتفاقيات مجالات تعليمية وأمنية وسياسية بمراسم بروتوكولية حضرها خادم الحرمين الشريفين والرئيس جوكو ويدودو، وسيعقد في نهاية الاجتماعات الرسمية مؤتمر صحفي يحضره عدد من الرسميين في القطاعات الاقتصادية ورؤساء أرامكو وهيئة الاستثمار في البلدين الشقيقين.. وشهدت القاعة الرئيسة في القصر الرئاسي الجديد استقبالاً خاصاً من نوعه بتقليد الملك سلمان أعلى وسام إندونيسي «وسام نجمة الجمهورية». وقد بيَّن الرئيس ويدودو حرصه على العمل سوية مع خادم الحرمين الشريفين، مشيداً بدعمه للأمن والاستقرار في المنطقة، والوسام الأعلى يقدمه الشعب الإندونيسي للملك سلمان لجهوده في تعزيز العلاقات وروابط التعاون بين البلدين الشقيقين، واصفاً الزيارة الملكية التاريخية برسالة قوية معبرة لمدى قوة ومتانة العلاقات بين البلدين الشقيقين. وأعرب خادم الحرمين الشريفين عن شكره وتقديره على تكريمه بهذا الوسام العالي، حيث قال - حفظه الله- «أود أن أعبِّر عن شكري وتقديري لتقلدي هذا الوسام الكبير الذي اعتبره ليس تكريماً لي فقط ولكن للمملكة العربية السعودية حكومةً وشعباً، وأن هذا التكريم يجسد عمق العلاقة والصداقة بين بلدينا والتي أساسها ديننا الإسلامي الحنيف». وتتطابق تمنيات الشعبين السعودي والإندونيسي بأن يقضي ملكنا المفدى سلمان ومرافقوه إجازة خاصة في جزيرة بالي الإندونيسية بعد الجهود المتراكمة التي أداها - حفظه الله - لخدمة الدين والأمة، واستعداداً للزيارات الرسمية القادمة في الدول الآسيوية وحضور القمة العربية بعمان في نهاية الزيارة الميمونة. متَّع الله عاهل البلاد الملك سلمان بالصحة والعزم ونصره في مساعيه المباركة لخير أمتنا العربية والإسلامية.
مشاركة :