موقف المتفرج

  • 4/26/2014
  • 00:00
  • 23
  • 0
  • 0
news-picture

النسخة: الورقية - سعودي كادت الحمية الرجولية والشهامة والنخوة (والصفات النبيلة المماثلة) أن تندثر، بسبب انتشار اللامبالاة، وتفشي ثقافة «نفسي نفسي»، فالجيران لا يهتمون بجيرانهم، ففى العمارة الواحدة والباب بالباب، تمر الأعوام من دون أن يزور الجار جاره. مع أن لدينا وصية نبوية: «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه» الحديث. وقس على ذلك كثيراً من الأمور، ومنها إفشاء السلام، فمع انشغال الإنسان بحاجاته اليومية، وضغوطات الحياة ربما يفوت إلقاء التحية. وإذا ألقى أحد عليه التحية يرد رداً مقتضباً أو جافاً، فيشيع الجفاء بين الناس، وصار التوحش هو طابع التعامل حتى وصل الأمر إلى الإساءة إلى المعلمين في المدارس وخارجها، والقيادة الاقتحامية والسرعة الجنونية وهو ما نتج منه حوادث قاتلة، وجعل الجميع يعيش في رعب وشد عصبي فيرتفع الضغط ونحوه من الأمراض. تلك الضغوطات بأنواعها أدت إلى عوارض نفسية واجتماعية ترسخت في الشعور واللاشعور ولم يسلم منها أحد. وإذا تابعت الإعلام بأنواعه، والتواصل الاجتماعي وأحاديث المجالس، ستلمس المعاناة. كل هذا أدى إلى حال من اللامبالاة، وإلى درجة عدم تدخل الناس وهم يشاهدون شخصاً يُقدم على قتل إنسان بالساطور (كما حدث بالسويدي )، أو التحرش الجماعي الذي شاهده الجميع في «يوتيوب»، وفي كلتا الحالتين اكتفى الناس بالتصوير من دون محاولة التدخل الرجولي. «موقف المتفرج» حالة خطرة إذا تفشت في المجتمع فقل عليه السلام. وهناك أسباب متنوعة تجعل الإنسان يقف موقف المتفرج، كقلة الحيلة، أو مكفوف اليد جبرياً وذاتياً لأنه لم يستطع سداد «ساهر»، ويعرف أن الغرامة ستتضاعف، فيعيش تحت ضغوط لا يحتملها، وكذلك «قياس» غير المرتبط أصلاً بجودة التعليم، فيصاب الطالب بانتكاسة نفسية، ويجد نفسه في النهاية في خانة البطالة. وهناك حالة «النبذ» الاجتماعي الدفين الذي ينخر في شخصية الفرد كالسوس، والمتمثل في تفشي أنواع العنصرية المناطقية منها أو القبلية وغيرهما، هذا النبذ الاجتماعي المتبادل «الدفين» ينعكس على شخصية الفرد وتركيبته النفسية سلباً، فيصبح فاقداً الثقة بالآخرين، ويفقد الدافع للقيام بالواجب كشخص يهمه الآخرون، ويصبح دوماً في خانة المتفرجين. «موقف المتفرج» هذا على المستوى الفردي والجماعي انعكس على ما يحدث محلياً وخارجياً، فالمواطن الذي هو رجل الأمن الأول صار يتردد كثيراً في الإبلاغ عما يجب الإبلاغ عنه؟ يقول لنفسه: «لماذا أنا؟» بل على المستويات الخارجية ازدادت اللامبالاة إلى درجة مرور أكثر من ثلاثة أعوام من دون حسمٍ لما يحدث في سورية ووقف نزيف الدم، فالمشاهد يرى صور المجازر وقتل الأطفال والشيوخ والنساء يومياً، وهو يتناول عشاءه، ثم ينتقل إلى مسلسلاته وبرامجه، وكأنها أمور عادية؟ ولإعادة الأمور إلى نصابها لا بد من إخضاع كل تلك الحالات إلى دراسات علمية دقيقة ووضع حلول ناجعة، سواء بعمل تشريعات، بحيث يطبق على الجميع، مع عقوبات محددة لكل المخالفات العنصرية، فليس لعربي على عجمي فضل إلا بالتقوى، وكلنا لآدم وآدم من تراب، ومع استتباب هذه الأسس التي أتى بها الإسلام سيستعيد الناس طبائعهم السليمة، وستختفي السلبية الخطرة. «تركت فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا أبداً كتاب الله وسنتي». الحديث، وللعمل بموجبه يقتضي التفرغ والانصراف الكلى لاستنباط الأحكام لكل المستجدات الحديثة بأنواعها، وكتابتها بصورة مكتملة مبوبة بلوائح وبنود ونقاط مفصلة، بحيث يعرف كل إنسان ما له وما عليه.  

مشاركة :