آخر إصدار نقدي للحراك المسرحي السعودي كان بعنوان «المسرح السعودي.. مسارات التطوّر واتجاهاته- مسرح الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون.. نموذجًا» للناقدة وطفاء حمادي الذي صدر عن الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون عام 2014، وقبله بـ20 سنة تقريبًا أصدر الأديب نذير العظمة كتاب نقدي عن ذات الموضوع. كتابان نقديان معمقان يتحدثان عن المسرح السعودي على مدار سنوات، وإذا ما رحنا نبحث عن مقالات نقدية عميقة في ذات الموضوع لا نكاد نجد إلا النزر اليسير، وهذا بالطبع لا يكفي لانتشال الحراك المسرحي، ولا يسهم في تحديد الاتجاه، ولا يعرف المتلقي السعودي موقع «الحراك المسرحي» محليًا وخليجيًا وعربيًا. ويظل الخط النقدي غائبا لأسباب كثيرة أولها غياب الأكاديميات التي تخرّج نقاد مسرحيين والثاني عدم تقبّل كثير من المسرحيين للنقد، والثالث لا يوجد تراكم معرفي في هذا الجانب، ويمكن أن نضيف سببا رابعا أنه حتى هذه اللحظة لا توجد أصوات مؤثرة تطالب بالنقد المسرحي لا أفراد ولا اتجاهات ولا هيئات ولا جمعيات. وأهمية النقد يأتي باعتباره خطا موازيًا للإبداع، فهو الذي يصحّح مساره وهو الذي يبّين أخطاءه وهو الذي يضع المبدعين في أماكنهم الطبيعية، والبعض لا يتحمس له ولا يحتفي به لأنه سيعيد ترتيب المواقع ويبني وعيا لدى المتلقي يستطيع من خلاله أن يقيم هو الآخر الأعمال المسرحية ويعرف العمل الذي يصفق له والعمل الذي يزيحه جانبا عن ناظريه. النقد ليس مقالة عابرة ولا تعليق في جلسة نقدية، ولا سوالف في ردهات المهرجانات، وإنما هو مشروع متكامل يأتي على شكل دراسات وأبحاث وكتب ومقالات علمية، ويستمر لسنوات، أيضا هو ليس كتاب ولا كتابان وإنما اتجاه نقدي متكامل يقوم به عدد كبير من النقاد المتخصصين أو الممارسين للعملية المسرحية بمختلف المدارس وعلى مدى أجيال. المأساة التي تنسف تطلعاتنا في هذا الجانب، أن المسرح بوصفه مسرحا لم يعد له ذاك الحضور كما كان في السابق، فالأجيال الجديدة لها اهتمامات أخرى غير المسرح، وبات المسرحي غريب اليد والوجه واللسان. لهذا يقول الأصدقاء: أعطني مسرحا، أعطيك (نقدا)، كيف تريد للعملية النقدية أن تظهر وتؤثر من دون حراك مسرحي فعلي على مستوى البنية التحتية والتأهيل والدعم والاهتمام، ويؤكد آخر أن المسرح في حالة تراجع حتى على المستوى العالمي، ويضيف: لا فائدة من كل هذا الركض. هذا رأي كثيرًا أجده هنا أو هناك ، نتفق أو نختلف معه، ولكن الحق أن الناس تغيرت، وعليك أن تتغير.
مشاركة :