ماجد عبدالنور | مع انطلاق الثورة السورية، التي هدفت إلى تغيير سياسي وإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، سعت الشخصيات والجهات السياسية المعارضة إلى إقامة جسم سياسي يمثل الثورة، ويطرح رؤيته لمستقبل البلاد، ويعكس حراكها الشعبي في المحافل الدولية، فكان تشكيل المجلس الوطني أول جسم سياسي لتمثيل الشارع السوري المنتفض ضد نظام الأسد، وضم أغلب أطياف المعارضة، ومنها الإخوان المسلمون وإعلان دمشق والمؤتمر السوري للتغيير وشخصيات مستقلة. أعلن عن تشكيل المجلس في 2 اكتوبر 2011 في مدينة إسطنبول، وترأسه برهان غليون لثلاث دورات متتالية، ثم استقال بعد ذلك، لينتخب عبدالباسط سيدا، وتوالت بعده شخصيات على ترؤس هذا المجلس حتى انتهائه، وتشكيل الائتلاف السوري لقوى المعارضة. يرى عضو المجلس الوطني، وأحد مؤسسيه، مازن جمعة، أن تشكيل المجلس في تلك الفترة كان حالة ضرورية، ليكون واجهة سياسية تمثل الثورة في الخارج، موضحا أنه جمع أغلب الشخصيات السياسية التي ناضلت طويلاً ضد حكم الأسد. ويضيف أن المجلس لو تلقى الدعم المطلوب لكان خير ممثل للشعب السوري، لكنه عانى كثيراً من الاتهامات الظالمة وانعدام الدعم الدولي عنه بشكل مقصود من أجل إنهائه، وتم ذلك فعلا، وأُذيب في الائتلاف الوطني الذي تم تشكيله فيما بعد. تشكيل الائتلاف تشكّل الائتلاف في الدوحة في نوفمبر 2012، وانتخب معاذ الخطيب، إمام المسجد الأموي في دمشق سابقا، أول رئيس له، ويعتبر الخطيب من التيار الديني المعتدل. كما انتخب كل من رياض سيف وسهير الأتاسي نائبين للرئيس، ومصطفى صباغ أمينا عاما. ضم الائتلاف 63 مقعدا، ومثل أعضاؤه معظم قوى المعارضة، ومن مكوناته الأساسية المجلس الوطني السوري، والهيئة العامة للثورة السورية، ولجان التنسيق المحلية، والمجلس الثوري لعشائر سوريا، ورابطة العلماء السوريين، واتحادات الكتاب، والمنتدى السوري للأعمال، وتيار مواطنة، وهيئة أمناء الثورة، وتحالف معا، والكتلة الوطنية الديموقراطية السورية، والمكون التركماني، والمكون السرياني الآشوري، والمجلس الوطني الكردي، والمنبر الديموقراطي، والمجالس المحلية لكل المحافظات، إضافة إلى بعض الشخصيات الوطنية، وممثل عن المنشقين السياسيين. استقال الخطيب من رئاسة الائتلاف، وخلفه لفترة مؤقتة جورج صبرا باتفاق من الهيئة العامة للائتلاف، وتناوب على رئاسة الائتلاف بعد الخطيب كل من أحمد الجربا لدورتين، وهادي البحرة وخالد خوجا، ومن ثم أنس العبدة الذي لا يزال يمارس عمله حتى اليوم. الهيئة العليا باتفاق روسي ـــ أميركي تم الإعلان عن عقد مؤتمر يجمع المعارضة مع وفد لنظام الأسد في يونيو 2012 عرف بـ«جنيف 1»، وذلك برعاية من الأمم المتحدة، حيث اتفق الأطراف في البيان الختامي على تشكيل هيئة حكم انتقالية بصلاحيات تنفيذية كاملة، وإجراء تعديلات في الدستور، وإجراء إصلاحات دستورية، ومن ثم يطرح على استفتاء شعبي وتجري انتخابات عامة. لم يلتزم نظام الأسد بمضمون «جنيف 1»، وكانت هنالك مراوغات من قبله بدعم من حلفائه، وفي مرحلة متقدمة من محادثات جنيف، قررت المعارضة تشكيل وفد تحت اسم «الهيئة العليا للمفاوضات» بدعوة من المملكة العربية السعودية في الرياض. مؤتمر الرياض هو مؤتمر سياسي سوري، انعقد في 8 ديسمبر 2015 في العاصمة السعودية، بين الأطراف السياسية والعسكرية السورية المختلفة، في ظل أحداث الحرب السورية والتدخل العسكري الروسي، وهدف المؤتمر إلى الخروج بوثيقة ورؤية موحدة حول مكونات المرحلة الانتقالية، بناء على «ما تقتضيه مصلحة الشعب السوري، وفي إطار بيان جنيف 1»، ومن أجل بحث كيفية التعامل مع مقررات فيينا، وتشكيل لائحة مشتركة من المعارضة للتفاوض مع النظام. وفي ختام المؤتمر، اتفق المجتمعون بعد ثلاثة أيام من الجلسات النقاشية على أن يكون شكل الدولة «مدنية ديموقراطية وغير مركزية»، مؤكدين أن هدف التسوية السياسية هو تأسيس نظام سياسي جديد، لا مكان فيه لنظام الأسد أو أي من أركان حكمه. مؤتمر أستانة حضرت الهيئة العليا للمفاوضات، ممثلة للشعب السوري في مؤتمر «جنيف 3»، الذي كان من المرجح حسب تصريحات الموفد الأممي إلى سوريا ستيفان دي مستورا، أن يحقق انتقالاً سياسياً، وتشكيل حكومة انتقالية، والإفراج عن المعتقلين، وإدخال المساعدات إلى المناطق المحاصرة من قبل نظام الأسد وحلفائه، وعاد نظام الأسد إلى سياسة الحصار مرة أخرى، ليفرض طوقا على مدينة حلب، ومورست عليها ضغوطات من خلال الحملة العسكرية، التي قادتها روسيا، حيث ارتكب في المدينة عشرات المجازر، واستهدفت فيها المستشفيات ومقرات الدفاع المدني، مماأاجبر فصائل المعارضة على الدخول بوساطة تركيا، وبمفاوضات مباشرة مع الروس، من أجل خروج قوات المعارضة والمدنيين من داخل المدينة باتفاق تركي ــ روسي. وتضمن وقف نار يشمل كل الأراضي السورية، يستثنى منه تنظيما داعش والنصرة باعتبارهما إرهابيين، وبعد مضي شهر على تنفيذ الهدنة، ورغم هشاشتها، فإن منسوب العنف خف في تلك الفترة، أعلنت كل من روسيا وتركيا وإيران، ضمن اتفاق أُطلق عليه «اتفاق موسكو»، ضرورة عقد مؤتمر يخص الوضع السوري وينهي العنف بشكل كامل، ويؤكد وقف النار من دون مناقشة مصير الأسد أو أي هيئة حكم انتقالي، وتم حديد تاريخ 29 ــ 1 ــ 2017 موعدا لمؤتمر يعقد في أستانة عاصمة كازاخستان، وشهد حضوراً ضعيفاً من الجانب الأميركي. أوفدت المعارضة وفداً عسكرياً برئاسة محمد علوش، وعدد من ممثلي الفصائل، لبحث وقف إطلاق النار من دون الحديث عن انتقال سياسي، وهذا ما أكده علوش في كلمته الافتتاحية في أستانة، وطالب بالإفراج عن المعتقلين وإدخال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة. وحاولت روسيا فرض مشروع الدستور، الذي أعدته على المعارضة، التي رفضت، وقالت إنه لم يكن ضمن أجندة الاجتماع مناقشة مثل هذا الأمر. انتهى مؤتمر أستانة، وحكم عليه الكثير من السياسيين بالفشل، نتيجة عدم التزام نظام الأسد وحلفاؤه، وعدم قدرة الضامن الروسي على ردع النظام وإيقاف العنف والهجمات، وخاصة في الغوطة الشرقية ووادي بردى. وفي منتصف فبراير من هذا العام دعي مرة أخرى إلى عقد مؤتمر «جنيف 4» بين الأطراف السورية المتنازعة، لم تكن نتيجته أفضل مما سبقه، فمضمون هذه المرحلة ضبابي، ولا يمكن لأحد التنبؤ بما سيحصل وما تخبئه التفاهمات والتحالفات الدولية في المنطقة. تتطلب عرض الشرائح هذه للجافا سكريبت.
مشاركة :