أظهرت الحصيلة السينمائية لعام 2016 التي كشف عنها المركز السينمائي المغربي، على هامش فعاليات الدورة الـ18 للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة، التي اختتمت أخيرا، استمرار دينامية الإنتاج السينمائي المغربي، من خلال إنجاز 24 فيلماً طويلاً و105 أفلام قصيرة، وتخصيص ما يناهز 70 مليون درهم (7 ملايين دولار) من الدعم العمومي لإنعاش الإنتاج السينمائي الوطني. وأكدت الحصيلة انخفاض ارتياد الجمهور المغربي للقاعات السينمائية بـنحو 17 في المائة، الشيء الذي تؤكده معاملات الأفلام المغربية، مثلاً، التي بينت أن فيلم «دالاس» لمحمد علي المجبود حقق نحو 111 ألف ورقة دخول، متبوعاً بـ«الشمبرة 13» (الغرفة 13) لعزيز الجاحدي بـنحو 28 ألف ورقة دخول. ويسهم في انخفاض ارتياد السينما تقلص عدد القاعات السينمائية، رغم أن الدولة تواصل دعمها المالي لإحداث وتجديد وتأهيل القاعات السينمائية. ويحدد مرسوم وزاري شروطا وإجراءات لدعم إنتاج الأعمال السينمائية ورقمنة وتحديث وإنشاء القاعات السينمائية وتنظيم المهرجانات السينمائية، حيث يُخصص دعم مالي لفائدة هذه العمليات، تُحدد شروط ومعايير منحه وطرق صرفه بقرار مشترك للوزير المكلف بالاتصال والوزير المكلف بالمالية. وهو يهدف إلى دعم الإنتاج السينمائي الوطني ورفع جودته وترويجه وتنمية الإنتاج المشترك الدولي، وتطوير بنى الصناعة السينمائية واستعمال التقنيات الحديثة الرقمية، وتشجيع حرية الإبداع والانفتاح على العالم والتجارب الإنسانية وصيانة تعددية تيارات الرأي والفكر، وتثمين مكونات ومقومات الهوية المغربية، وتعزيز إشعاع حضارة وثقافة وتاريخ المغرب، وتمكين وتقوية التعبيرات الثقافية الجهوية والمحلية على مستوى الإبداع السينمائي، وإبراز التنوع الجهوي والمجالي الجغرافي، وتقوية الاشتغال على قضايا المجتمع، وتشجيع الإبداع السينمائي للشباب وتوفير شروط ترويجه ودعمه. وما بين دينامية الإنجاز وانخفاض ارتياد السينما وتقلص القاعات، واصلت السينما المغربية، حسب تقرير المركز السينمائي المغربي، حضورها في التظاهرات العالمية، عبر المشاركة في 94 مهرجاناً وتظاهرة سينمائية في 45 بلداً، عبر العالم، سنة 2016، فيما شاركت الأفلام المغربية في المسابقة الرسمية لـ45 مهرجاناً، مقابل حضورها خارج المسابقة الرسمية في 42 مهرجاناً، الشيء الذي مكنها من إحراز جوائز لـ15 فيلماً مغربياً، منها 11 فيلماً طويلاً وأربعة أفلام قصيرة. وكان المغرب يتوفر، في سبعينات القرن الماضي، على أكثر من 300 قاعة سينمائية، كانت تغطي كل مدن المملكة، تقريباً، فيما كان بوسع سكان القرى مشاهدة أفلام سينمائية، من خلال قوافل متنقلة. لكن، الوضع تغير كثيراً، بين الأمس واليوم، إذ أظهرت تقارير المركز السينمائي المغربي، أن عدد القاعات تراجع إلى نحو 30 قاعة سينمائية فقط. وليس التراجع الكبير والمقلق، على مستوى عدد القاعات السينمائية هو ما يثير الانتباه والحيرة، بل، أيضاً، اختفاؤها من عدد من المدن التي عرفت، في الماضي، بإشعاعها السينمائي، كالجديدة وآسفي وورززات وسطات والقنيطرة وبني ملال وخريبكة وطانطان، التي ما زالت تبرمج ببعضها مهرجانات سينمائية ذات صيت قاري، كما هو حال مدينة خريبكة التي ينظم بها مهرجان السينما الأفريقية، أو ورززات التي تحتضن أحد أهم استوديوهات التصوير في العالم، والتي صورت وتصور بها أضخم الإنتاجات السينمائية العالمية. وحين يمعن المتتبع النظر، في عدد القاعات التي يتوفر عليها المغرب، اليوم، يجد نفسه أمام مفارقة لافتة، إذ يبين هذا العدد، عند مقارنته بعدد سكان المغرب، أننا بصدد نسبة أقل من قاعة سينمائية واحدة لكل مليون مغربي. بل إن بعض القاعات السينمائية تتحول، بين الحين والآخر، إلى قاعات لعرض مباريات «الليغا» الإسبانية و«التشامبيونزليغ» الأوروبية، وغيرها من البطولات الكروية الشهيرة، في سعي من أصحابها لتحقيق التوازن، لمواصلة البقاء وتأجيل قدر وقرار الإغلاق ولو إلى حين. ومن المفارقات اللافتة، أيضاً، أن تراجع عدد القاعات السينمائية يترافق مع ازدياد في عدد المهرجانات السينمائية، وكذا في عدد الأفلام التي يجري إنتاجها على الصعيد الوطني.
مشاركة :