أظهرت دراسة أجريت الشهر الماضي ونشرت نتائجها أمس الثلاثاء، أن الغالبية العظمى من الشركات الألمانية التي وظفت مهاجرين، راضية عن عملهم رغم أن أغلب الوظائف كانت لعمالة منخفضة المهارة. وبدأت الدفعة الأولى من نحو 1.2 مليون شخص وصلوا إلى ألمانيا في عامي 2015 و2016 من دول منها سوريا والعراق وأفغانستان في دخول سوق العمل. ووجد نحو 14 في المائة منهم وظائف بالفعل. وقال أكثر من ثلاثة أرباع أصحاب الأعمال الذين شاركوا في الدراسة إنهم لم يجدوا صعوبات تذكر في العمل اليومي مع اللاجئين الذين قاموا بتوظيفهم. والذين وجدوا صعوبات أرجعوها في الأغلب إلى عدم إجادة اللغة الألمانية، أو الافتقار للمهارات المهنية أو اختلاف عادات العمل أو حالة عدم التيقن المرتبطة بطول فترة بقاء العامل في ألمانيا. وقلص تدفق اللاجئين على البلاد شعبية المستشارة أنجيلا ميركل، وأدى إلى صعود نجم حزب البديل من أجل ألمانيا المناهض للمهاجرين، رغم أن التأييد للمهاجرين ظل قوياً في الكثير من قطاعات المجتمع. وشملت الدراسة 2200 شركة ألمانية وأجرتها رابطة الغرف التجارية والصناعية الألمانية ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية لصالح منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وبدأت أعداد الألمان الداخلين إلى سوق العمل تقل نظراً لارتفاع متوسط أعمار السكان. وقالت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إنه مع معدل بطالة يبلغ 5.9 في المائة فقط وهو أدنى معدل منذ توحيد شطري ألمانيا عام 1990، وأحد أدنى المعدلات بين الدول الأعضاء بالمنظمة، تصبح ألمانيا واحدة من أفضل أسواق العمل للوافدين الجدد. على صعيد آخر، تتوقع أوساط اقتصادية ألمانية أن الأزمة الراهنة في تركيا والسياسة التي يتبعها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ستصيبان فروعاً مهمة من الاقتصاد الألماني. وتوقع اتحاد شركات صناعة الآلات «في دي إم إيه» أنه لا يمكن لقطاع صناعة الآلات الحفاظ خلال هذا العام على فائض التصدير الذي حققه في تركيا في عام 2016 والذي بلغ 3 في المائة تقريبا. وقال الخبير الاقتصادي بالاتحاد فريدريش فاجنر في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء الألمانية إن هناك «إحجاماً عن الاستثمار». يذكر أن القطاع صدر آلات إلى تركيا العام الماضي بقيمة 3.9 مليار يورو. يشار إلى أن قيمة صادرات السيارات الألمانية إلى تركيا تراجعت في عام 2016 بنسبة 10 في المائة تقريباً، بحسب الأرقام الصادرة من رابطة صناعة السيارات بألمانيا «في دي إيه»؛ حيث بلغ إجمالي الصادرات 6.9 مليار يورو في عام 2015، وانخفضت العام الماضي إلى 6.3 مليار يورو. يشار إلى أن تركيا تحتل المرتبة رقم 15 بين شركاء التصدير بالنسبة لألمانيا. ولكن معدل النمو في تركيا تراجع مؤخراً بسبب الهجمات الإرهابية، وكذلك اللهجة العدوانية لإردوغان. يذكر أن الرئيس التركي اتهم جمهورية ألمانيا الاتحادية بالقيام بـ«ممارسات نازية»، واتهم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بدعم الإرهاب، وذلك بعد إلغاء فعاليات كان مخططا أن يظهر بها أعضاء حكومته بألمانيا من أجل الترويج للتعديل الدستوري المنتظر في تركيا المقرر التصويت عليه منتصف شهر أبريل (نيسان) المقبل. وبذلك احتدمت الاضطرابات السياسية بين البلدين. ومن بين أكثر من 3 ملايين شخص من أصل تركي يعيشون في ألمانيا، يحق لنحو 1.4 مليون شخص التصويت في الاستفتاء. في مقابل ذلك، دعت نائبة رئيس البرلمان الألماني كلاوديا روت إلى وقف المساعدات المالية لتركيا على خلفية الأزمة الدبلوماسية بين أنقرة وعدة دول في الاتحاد الأوروبي. وقالت روت، المنتمية لحزب الخضر الألماني المعارض، في تصريحات لإذاعة ألمانيا أمس الثلاثاء: «ما نقطة ضعف إردوغان؟ نقطة الضعف هي الاقتصاد والأزمة المالية؛ أي أن الأمر يتطلب إلغاء واضحا للمساعدات المالية اللازمة لتخفيف وطأة الأزمة الاقتصادية». كما طالبت رئيسة كتلة الخضر في البرلمان الأوروبي، سكا كيلر، بزيادة الضغط الاقتصادي على تركيا. وقالت كيلر في تصريحات لصحيفة «رور ناخريشتن» الألمانية الصادرة أمس، إنه حان الوقت للنظر إلى الوضع السياسي في تركيا والخلاف المتفاقم بشأن ظهور وزراء أتراك في فعاليات انتخابية ترويجية لأن تتفق كل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على سياسة مشتركة في التعامل مع تركيا، وأضافت: «المفاوضات حول توسيع الاتحاد الجمركي تتيح إمكانية التأثير على تركيا». وفي الوقت نفسه، أوصت روت بعدم حظر دخول وزراء أتراك إلى دول الاتحاد الأوروبي، وقالت: «إذا فعلنا ذلك فإننا سنضع أنفسنا بذلك على مستوى الإجراءات نفسها التي يتبعها إردوغان، وسنكون حينها في ملعبه». وأوضحت روت أن اتخاذ إجراء بحظر السفر لن يمس الرئيس التركي في الواقع، بل سيساعده على إظهار نفسه في صورة الضحية. يذكر أن هولندا سحبت السبت الماضي تصريح هبوط طائرة وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو على أراضيها، ورفضت دخول وزيرة الأسرة والسياسات الاجتماعية التركية فاطمة بتول صايا قايا إلى مقر قنصلية بلادها في روتردام لعقد لقاءات مع الجالية ودبلوماسيين أتراك، ثم أبعدتها إلى ألمانيا في وقت لاحق.
مشاركة :