بيروت: فيفيان حداد أضاء سماء قصر الصنوبر في بيروت (المقر الرسمي لسفير فرنسا في لبنان) مجسم «برج إيفل» المصنوع من ستة ملايين قطعة من أعواد الثقاب، الذي كان قد أنجزه توفيق ضاهر عام 2005، ودخل من خلاله موسوعة «غينيس» عام 2009، محطما الرقم القياسي لأطول مجسم لـ«برج إيفل» وذلك بدعوة من السفارة الفرنسية لصانعه بمناسبة العيد الوطني لاستقلال فرنسا. وجاءت هذه الدعوة لتكون بمثابة تحية تكريم أرادها السفير الفرنسي في لبنان باتريس باولي لتوفيق ضاهر، المقعد منذ أكثر من عشرين عاما، إثر حادث تعرض له هو الذي وجد في أنامله المطواعة تعويضا عن إعاقته، فبدأت هوايته تتبلور من خلال صنع مجسمات لقلعة بعلبك، وباخرة «التيتانيك» ليصل إلى فرنسا من خلال برجها الشهير. لاقى المجسم الذي ثبت، وسط حديقة قصر الصنوبر في بيروت، إعجاب المدعوين من سياسيين ودبلوماسيين أجانب وعرب، فوقف بعضهم يأخذ صورا تذكارية إلى جانبه، بينما راح البعض الآخر يستوضح من منجزه تفاصيل عملية قيامه بهذا العمل الفني، وعن الوقت الذي استغرقه لإنجازه. تمت إضاءة مجسم «برج إيفل»، الذي استغرق صنعه 2000 ساعة عمل، والذي يقف على قاعدة قطرها 1.93 متر بـ23 مصباح فلاشر (مصابيح تضيء وتطفئ أوتوماتيكيا) إضافة إلى 6240 مصباحا آخر موزعا على الطبقات الثلاث، التي يتألف منها مربوطة بـ2116 مترا من الأشرطة الكهربائية. وقد احتاجت صناعة أجزاء البرج المركبة من ثماني قطع منفصلة 500 كيلوغرام من مادة الغراء اللاصقة ورفع عليه علم لبنان (يبلغ ارتفاعه 6.53 متر) الموقع من الرئيس اللبناني السابق إميل لحود. أما أجزاء البرج المؤلفة من أعواد الثقاب (عددها ستة ملايين)، فلم يتم دهنها بل غطست بعضها بالزيت الساخن (على طريقة القلي) لتتخذ لونا قاتما، لتضفي على المجسم لمسات عريقة وقديمة وفنية معا. ويؤكد توفيق ضاهر في حديث لـ«الشرق الأوسط» أنه شعر بالفخر والسعادة كون جهة رسمية عالمية، كدولة فرنسا، أخذت بعين الاعتبار عمله هذا وقدرته، مشيرا إلى أن وزراء لبنانيين عدة وسياسيين أمثال زياد بارود وسليم وردة وغيرهم من الذين كانوا في الحفل، استوضحوه عن الطريقة التي اتبعها في صنعه لهذا المجسم، على الرغم من إعاقته. وقال: «أنا اليوم أشعر بالفرج، لا سيما أن هذا الإنجاز من صنع يدي وحدي، كما أنني أتطلع إلى تنفيذ مجسم جديد يمثل المسجد الأقصى (في فلسطين)، فلقد وضعت الخطوط العريضة له، وأتطلع لإنجازه في أقرب وقت ممكن». ويرى توفيق ضاهر أن أعواد الثقاب أوفى صديق تعرف إليه، وأحن ما لمسته أصابع يديه، ويتابع: «كنت في السابق أحسب وقت العمل بالأيام والشهور، إلا أن أحد التجار المعروفين في عالم الساعات زارني يوما في جناحي أثناء اشتراكي في معرض وسط بيروت، وبعد أن شاهد أعمالي بشغف ودقة غادر ليعود حاملا معه ساعة يد، وقال لي أتمنى عليك أن تحسب وقت عملك من الآن وصاعدا بالدقائق والساعات. وأستطيع القول إن هذه الدقائق والساعات التي أمضيها برفقة عيدان الكبريت من أجمل الأوقات التي ترافقني في حياتي اليومية». ومن مشاريعه المستقبلية إنشاء متحف خاص بأعماله في بلدته التي يسكنها على أن يصبح مقصد الزوار والسياح العرب والأجانب، لافتا إلى أن ابنه (أسعد) يساعده أحيانا قليلة في عمله من خلال تلبيته لطلباته، ويقول: «هو لا يشبهني في هذه الهواية، ولكنه لا يوفر خدمة في استطاعته أن يؤمنها لي في حال حاجتي له. فعملي يلزمه كثير من الصبر والتأني، وهما أمران قلما نجدهما في جيل اليوم الذي يبحث دائما عن الأسهل والأسرع».
مشاركة :