فن محاكاة الأطباق لجذب الزبائن في مطاعم اليابان

  • 3/15/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

توكوروزاوا (اليابان) - منذ 62 عاما يصمم نوريوكي ميشيما أطباقا تعرض في الواجهات تحاكي تلك التي تقدم في المطاعم اليابانية من سوشي وقريدس وخضار مقلية ومعكرونة، بهدف جذب الزبائن وإثارة شهيتهم. ويروي هذا الرجل صاحب الوجه الباسم والذي يبلغ قريبا عامه الثمانين خلال إخراجه من الفرن طبقا على شكل لحم بقري مصنوع من الراتنج "لم أقم بالعد لكني صنعت على الارجح عشرات آلاف الأطباق". وتعرض أكثرية المطاعم في اليابان أطباقا تحاكي الأطعمة الحقيقية خصوصا في المؤسسات التي تقدم أغذية رخيصة. أما المطاعم الفاخرة فتعرض عن هذه العادة. ويمكن تاليا للمارة أمام الواجهات رؤية أطباق مزينة من السوشي ومعكرونة النودلز وثمار البحر أو الخضار المقلية. وفي بعض الأحيان، عندما يكون المطعم تحت الأرض، يتيح عرض أطباق مزيفة في واجهة صغيرة في الطبقة الأرضية بإرشاد الزبائن إلى الموقع وجذب انتباه المارة. ويوضح ميشيما الذي يعمل في شركة هاتاناكا الصغيرة التي أسسها في العام 1965 في توكوروزاوا بضاحية طوكيو أن الاصعب في إنجاز هذه الاطباق المنسوخة ، "هو وضع الألوان". وفي هذا المصنع، لا وجود لآلات بل حرفيون يعتبرون أن ما يقومون به نوع من الفن. ويقول نوريهيتو هاتاناكا الذي ورث الشركة العائلية "لا يمكن من خلال الصور معرفة حجم الطبق: أما النسخ فهي بحجم حقيقي ما يتيح للزبون أن يعرف فورا الكمية التي يتوقع الحصول عليها حتى قبل دخول المطعم". ولا يثير التقدم التقني أي قلق لدى هاتاناكا. ويقول "الطابعات بالأبعاد الثلاثة غير قادرة على صنع الملمس المحدد عينه الذي ينتجه فنان". ويقول "العمل مع نسخ مصنوعة بتقنية الطباعة بالأبعاد الثلاثة أكثر كلفة من صنع أطباق مزيفة يدويا لأن المعدات باهظة وسيتعين في كل الحالات استخدام المهارات اليدوية للرسم والطلاء". كما أن مكننة هذا العمل ستفقده اللمسة البشرية وفق هاتاناكا الذي يؤكد ضرورة توافر "الحس الجمالي" قائلا "هذا عمل يجب أن يقوم به انسان لأنه يقدم الإبداع الذي تفتقر إليه الآلات غير القادرة على معرفة ما هو جميل وشهي". ويشير ميشيما إلى أن "المهمة الأصعب تكمن في صنع نسخ عن منتجات من الطعام النيء مثل السمك. الأغذية المشوية تتميز بألوان أكثر تعبيرا يسهل نسخها. غير أن لون الأكل الطازج يصعب نقله. الأمر سيان بالنسبة للفواكه والخضر". ويقول إنه أجرى نسخا عن كل الأطباق الموجودة في اليابان بما فيها تلك الأجنبية. ويوضح ميشيما أنه يستخدم أدوات بسيطة في عمله بينها سكاكين وريشة الرسم وعبوات بخ الألوان. ويمكن صنع نسخ تحاكي كل الأطعمة بما في ذلك قوالب الحلوى اللزجة. ويتم بهذه الطريقة صنع آلاف الأطباق المزيفة سنويا. وفي البدء يصنع قالب من السيليكون استنادا إلى المنتج الأصلي، لتذوب بعدها مادة الراتنج ويتم طهوها. ولصنع نسخة من شطيرة البرغر، يتم صنع كل عنصر على حدة ثم رسمه (كاللحم والخبز والطماطم والجبن)، على أن يتم تجميع المزيج ووضع طبقة من الطلاء عليه. هذه الأطعمة الوهمية التي تحاكي الأطباق موجودة منذ ما يقرب من قرن في اليابان بلد الذواقة. وهي عادة ما تكون مصنوعة بحرفية كبيرة لدرجة يتعين على الشخص لمس الطبق لتمييز ما هو أصلي عن النسخة. ويلفت هاتاناكا إلى أن كلفة اليد العاملة والمواد المستخدمة تفسر سعر نسخ الأطباق التي تصل الى مئات الدولارات بالنسبة للأطعمة المصنوعة من مكونات عدة كما الحال بالنسبة لأطباق احتفالات رأس السنة "وهي الأغلى". وتفضل مطاعم استئجار نسخ للأطباق بدل شرائها نظرا إلى أن الأغذية حتى المزيفة تفقد جودتها مع مرور الوقت. ويوضح هاتاناكا "على المدى الطويل، العرض في الواجهة يؤدي إلى تبدل الألوان". وتهيمن مجموعة "ايوازاكي" المؤسسة لهذه الشركة على نصف سوق "الأطباق المزيفة" فيما تستحوذ شركات صغيرة أخرى على ما تبقى من هذه السوق في البلاد وهي لا تزال تعمل وفق الأساليب القديمة. هذا النشاط قد يستمر لفترة طويلة وفق ميشيما الذي يعمل إلى جانب ثلاث شابات. وتقول أسومي شيمودايرا وهي إحدى هؤلاء الشابات الثلاث "حلمي منذ الطفولة كان صنع هذه الأطعمة المزيفة"، مضيفة "نحن لا نعمل وفق خط انتاج بل كل شخص ينجز قطعته بكل مراحل تصنيعها".

مشاركة :