إصابة الغويل بعد خسارة معاقله للسراج في معارك طرابلس

  • 3/16/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

أخذ الصراع بين الحكومتين المتنافستين على السلطة والنفوذ في العاصمة الليبية طرابلس منحى جديدا أمس، بعدما نجحت ميليشيات مسلحة موالية لحكومة الوفاق الوطني، التي يترأسها فائز السراج وتحظى بدعم بعثة الأمم المتحدة، في السيطرة على مجمع كان يشغله غريمه السياسي خليفة الغويل رئيس حكومة الإنقاذ الوطني الموالية للمؤتمر الوطني العام (البرلمان) المنتهية ولايته، بعد معارك شرسة لمدة يومين، أصيب فيها الغويل في قدمه على ما يبدو. وأجل السراج زيارة كانت مقررة أمس إلى السودان، حيث أعلنت وزارة الخارجية السودانية أن إبراهيم غندور وزير الخارجية السوداني تلقى اتصالا هاتفيا من محمد سيالة وزير الخارجية بحكومة السراج، أبلغه تأجيل الزيارة وإتمامها في أقرب وقت حال تجاوز ما سماها «الظروف الراهنة». وقالت مصادر أمنية وسكان محليون لـ«الشرق الأوسط» إن الميليشيات التابعة لحكومة السراج نجحت في طرد ميليشيات موالية للغويل بعد اشتباكات بالأسلحة الثقيلة في محيط قصر الضيافة، الذي يستخدم مقرا لقيادة مجموعات الغويل. وظهر حراس كتيبة الأمن المركزي بمنطقة أبو سليم المتحالفة مع حكومة السراج، وهم يقفون خارج مجمع فندق «ريكسوس» الذي اتخذه الغويل مقرا لحكومته، حيث تم هدم إحدى بوابات المجمع، بينما أمن مقاتلو الكتيبة الطرق المحيطة بالمجمع. وترددت معلومات عن إصابة الغويل في الاشتباكات، لكن مصادر مقربة منه أكدت لـ«الشرق الأوسط» أنه ما زال يتواجد في طرابلس، مشيرة إلى أنه لم يفقد بعد سيطرته الكاملة على مناطق واسعة من المدينة من بينها وخلة الفرجان ووادي الربيع وطريق المطار، حيث يحتفظ الغويل بالقوة الأكبر الموالية له هناك. وأعلن الغويل في تصريحات صحافية أمس أن حكومته انسحبت من بعض مقراتها في طرابلس، متهما المخابرات الإيطالية بالتورط مع ميليشيات السراج، وجادل مجددا بأحقية حكومته في اعتبارها الحكومة الشرعية في البلاد. وبدأت ميليشيات موالية لحكومة السراج هجوما يوم الثلاثاء الماضي على مجمع الغويل الواقع في جنوب وسط البلاد وفي منطقتي حي الأندلس وقرقارش السكنيتين والتجاريتين، علما بأن الغويل الذي عبر مرارا عن انتقادات لحكومة السراج، كان يعتمد على مسلحين من مسقط رأسه مصراتة (غرب) ومجموعات أخرى في طرابلس تتمركز خصوصا في جنوب العاصمة. وأحرق مجهولون مقر قناة «النبأ» التلفزيونية الخاصة، المحسوبة على جماعة الإخوان، والتي يمتلكها عبد الحكيم بلحاج الزعيم السابق لتنظيم الجماعة الليبية المقاتلة، ما أدى إلى تعليق بث القناة وقطعه. وكانت القناة قد توقفت عن البث لعدة أسابيع في نهاية العام الماضي عندما تعرض مقرها لهجوم بالتزامن مع وصول أعضاء المجلس الرئاسي لحكومة السراج إلى طرابلس. واندلع القتال نتيجة خلاف بشأن السيطرة على بنك في حي الأندلس بغرب طرابلس، قبل أن يتحول إلى صراع نفوذ بين الجماعات المتنافسة من طرابلس ومن مدينة مصراتة الساحلية، وبين جماعات منحازة لحكومة السراج وحلفائها. واستمرت أحدث موجة من القتال في غرب طرابلس قبل أن تمتد إلى الأحياء الجنوبية في المساء، حيث تم سماع دوي تبادل كثيف لإطلاق النار وانفجارات بصورة غير معتادة في وقت متأخر من الليل، وانتشرت دبابات وأسلحة ثقيلة أخرى في الشوارع. كما استهدفت صواريخ وقذائف مباني مكتبية وفندقية بارزة قرب الساحل الغربي لطرابلس، وكذلك مستشفى بحي أبو سليم، فيما اندلع حريق بقسم طب الأطفال، كما ألغيت الدراسة في مدارس بوسط طرابلس نتيجة العنف. بعد ذلك عاودت حكومة الغويل ومؤيدوها المسلحون الظهور، بينما تكافح حكومة السراج لفرض سلطتها، واندلعت عدة جولات من القتال العنيف بين الجماعات المسلحة المؤيدة للحكومة المدعومة من الأمم المتحدة والجماعات المعارضة لها. وتعاني طرابلس من أزمة سيولة حادة وغالبا ما تكون البنوك بؤر توتر وتندلع بسببها أعمال العنف، علما بأن حريقا اندلع الأسبوع الماضي في مقر بنك بعد اندلاع القتال خارج المبنى. ومنذ سقوط النظام السابق تخوض المجموعات المسلحة صراع نفوذ في العاصمة، التي باتت تخضع لسيطرة هذه الجماعات، التي كونت مناطق نفوذ محلية وتتنافس على السلطة منذ انتفاضة 2011. ومنذ أن بدأت عملها في مارس (آذار) من العام الماضي، لم تتمكن حكومة السراج من بسط سلطتها في كل أنحاء البلاد، لكنها حصلت في طرابلس على تأييد بعض المجموعات المسلحة، باستثناء عدة أحياء ما زالت خاضعة لسيطرة ميليشيات الغويل المعادية لها. إلى ذلك، أكد الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، رسميا، أنه استعاد السيطرة على ميناءي رأس لانوف والسدر من فصيل منافس، كان قد سيطر عليهما في وقت سابق من هذا الشهر، مشيرا إلى أنه بدأ ملاحقة فلول المنافسين في الصحراء. وأعلن العقيد أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم قيادة الجيش، إنهاء عملية «البرق الساحق» لاستعادة منطقة الهلال النفطي من الجماعات الإرهابية، مؤكداً استمرار ملاحقة فلولها إلى داخل المناطق التي انطلقت منها. وقال المسماري في مؤتمر صحافي مساء أول من أمس داخل بنغازي «سنطارد العدو حتى منطقة الجفرة»، مشيرا إلى أن عناصر الإخوان وتنظيم القاعدة المتحالفة مع تنظيم «سرايا الدفاع عن بنغازي» بدأوا في العودة إلى مدينة مصراتة. وأوضح المسماري أن رئيس المؤسسة الوطنية للنفط في شرق ليبيا ناجي المغربي، تفقد بعد انتهاء المعارك الأضرار التي لحقت بالمنشآت النفطية، وقال: إن «معركة الهلال النفطي أسقطت أقنعة كثيرة اليوم محلية وخارجية، ومن كان يمشي على أصابعه يوم أمس، أصبح الآن زاحفاً»، على حد تعبيره. وبينما أكد سكان رأس لانوف أن قوات الجيش دخلت المدينة المجاورة للميناء والمصفاة بعد اشتباكات وغارات جوية، قال بيان لمنفذ إعلامي تابع لسرايا الدفاع عن بنغازي إن مقاتلي السرايا يرابطون في المنطقة إلى الآن. وأثار القتال للسيطرة على موانئ النفط مخاوف من تصاعد العنف، وعرقلة جهود الدولة العضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) لإنعاش إنتاجها النفطي. وتحدثت مصادر طبية عن مقتل عشرة جنود وإصابة 18 آخرين، لكن لم ترد أرقام عن القتلى والجرحى في صفوف سرايا الدفاع عن بنغازي. وبينما طمأنت المؤسسة الوطنية للنفط المجتمع الدولي بأنها ستتسلم الموانئ النفطية من الجيش الليبي فور انتهاء العملية العسكرية هناك، رأى المسماري أن تسليم الموانئ هذه المرة للمؤسسة في طرابلس غير مضمون، وقال: إن القرار بشأن من سيتولى العمليات في الموانئ سيتخذ في وقت لاحق، موضحا أن رئيس مكتب المؤسسة الوطنية للنفط في الشرق سيتفقد الموانئ. وجاء ذلك بعد ظهور رسالة من ناجي المغربي، رئيس فرع المؤسسة الوطنية للنفط في الشرق، قال فيها إنه لا يستطيع الالتزام باتفاق الوحدة الذي وقع مع المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس العام الماضي. وفي المقابل، دعا سفراء فرنسا وإيطاليا وبريطانيا والولايات المتحدة في بيان مشترك إلى أن يبقى إنتاج وصادرات وعوائد النفط تحت ما وصفوه بالإشراف الحصري لمؤسسة النفط، وفقا لقرارات مجلس الأمن الدولي، وحثوا على وقف القتال وتجنب أي أفعال تضر بالبنية التحية للنفط. ومنذ سيطرة سرايا الدفاع عن بنغازي على السدر ورأس لانوف تراجع الإنتاج مجددا من 700 ألف برميل يوميا إلى 600 ألف، مع تعطل عمليات في الميناءين.

مشاركة :