عندما نفدت إمدادات مركز للغسيل الكلوي في مدينة دوما الخاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة الشهر الماضي توفي ثلاثة أشخاص. قال أبو باسل وهو جراح في المستشفى المحلي، إنه بعد ذلك بقليل «جاءت قافلة فيها 250 جلسة فصمدوا البقية.. السنة الماضية صارت نفس الأزمة». وتعد أجهزة الغسيل الكلوي الستة الموجودة في المستشفى هي الوحيدة بمنطقة الغوطة الشرقية التي تضم أحياء خاضعة لسيطرة المعارضة في دمشق تحاصرها القوات الحكومية منذ عام 2013. ومع مرور ست سنوات على اندلاع الحرب يتعرض الأطباء هناك لضغوط متزايدة بسبب هجوم جديد للجيش، في حين يبدو الرئيس بشار الأسد، أكثر مناعة وقوة. ويكافح الأطباء والأطقم الطبية للحصول على الإمدادات التي يحتاجون إليها لإنقاذ الأرواح. وبدون المستلزمات الطبية التي تستخدم لمرة واحدة لكل مريض تصبح أجهزة الغسيل الكلوي بلا أية فائدة. وقال أبو باسل الذي طلب عدم ذكر اسمه بالكامل في محادثة هاتفية عبر الإنترنت مع «رويترز»، «طالبنا كتير الأمم المتحدة و مجلس الأمن و منظمة الصحة العالمية»، مشيرا إلى أن شحنات المساعدات التي تصلهم لا تكفي إلا لبضعة أشهر بالكاد. وتابع قائلا، «كل فترة بتخلص المواد… بيموت مرضى منن». وقالت الأمم المتحدة، إن السلطات السورية منعت دخول أدوية يحتاجها الأطباء لإنقاذ الأرواح من قوافل المساعدات التي أرسلت إلى دوما ومناطق محاصرة أخرى. وقال مدير عمليات الإغاثة في الأمم المتحدة في تقرير رفعه لمجلس الأمن العام الماضي، إن تلك الإجراءات وضعت خصيصا حتى تتسبب في مزيد من المعاناة بين المدنيين «عمدا وبلا مبالاة». ورفضت الحكومة السورية تلك الاتهامات. وقالت منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان في تقرير يوم الثلاثاء، إن السلطات منعت دخول إمدادات خاصة بجلسات الغسيل الكلوي بعدة قافلات توجهت إلى دوما العام الماضي. ولم يبق إلا القليل من الأطباء في مدن محاصرة مثل دوما حيث يعالجون المصابين عادة على الأرض بالمستشفيات التي نفدت منها الإمدادات. وقال أبو باسل، إن الصراع زاد خبرات الأطباء في معاقل المعارضة في مجال طب الإصابات الناجمة عن المعارك. لكن مع تدفق المصابين على المستشفيات يضطر الأطباء والمسعفون لإهمال الحالات المزمنة. وأضاف، «نحن منطقة حرب.. منطقة مدنيين متعرضة للقصف بشكل مستمر لحوالي 4 سنوات»، ولذلك فعلى الأطباء في دوما الاقتصاد في إمدادات جلسات الغسيل الكلوي.نقص إمدادات .. أنهكت الحرب النظام الصحي السوري الذي كان يوما نظاما قويا. وذكرت منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان، أن مئات العاملين في القطاع الطبي قتلوا وأكثر من نصف أطباء البلاد البالغ عددهم 30 ألفا فروا. ووثقت المنظمة ومقرها نيويورك، 400 هجوم على الأقل على منشآت طبية على مدى الأعوام الستة الماضية، وألقت باللائمة في أغلبها على الحكومة السورية وحلفائها الروس. وأضافت المنظمة، أن تنظيم «داعش»، وعدة جماعات من المعارضة المسلحة، استهدفوا مستشفيات أيضا. واتهمت مجموعات إغاثة ودول غربية، الحكومة السورية وروسيا بتعمد قصف المنشآت الطبية. وتقول موسكو ودمشق، إنهما لا تستهدفان إلا المتشددين. وقال أبو باسل، «بشكل عام الحالة الطبية والصحية في سوريا ككل عامة نزل المستوى أدنى من قبل الثورة حتى بمناطق النظام.. الموارد قليلة. الكفاءات هربت. غلاء أسعار الأدوية». ويقول أطباء في مناطق خاضعة لسيطرة مسلحي المعارضة في محافظتي حلب وحماة وضواحي دمشق، إن ذلك يعني أن العديد من المرضى المصابين بأمراض عادية توفوا. وقال عاملون في القطاع الطبي، إن المضادات الحيوية واللقاحات عادة ما تنفذ، في حين تعد أدوية السرطان والغسيل الكلوي غالية الثمن جدا ويصعب الحصول عليها. ووفقا للرابطة الطبية السورية الأمريكية، وهي رابطة تساند القطاع الطبي في مناطق المعارضة في الأغلب، فقد مات آلاف المرضى بسبب عدم تلقي العلاج للإصابة بالسرطان والفشل الكلوي والسكري. وقال أبو باسل، إن عددا قليلا من المصابين بأمراض مزمنة فروا عبر خطوط المواجهة إلى دمشق. وأضاف، أن كثيرين لا يحاولون القيام بذلك خشية الاعتقال في نقاط التفتيش أو بسبب ارتفاع تكلفة العلاج أو طول الانتظار لتلقيه. وتيسرت الخدمات الطبية بصورة أفضل في جيوب يسيطر عليها مقاتلو المعارضة في شمال سوريا، حيث تصل إليها إمدادات في شاحنات من تركيا. وقال عبد الله درويش مدير إدارة الرعاية الصحية في الجزء الخاضع للمعارضة من محافظة حماة، «لكن في نقص بالأخصائيين.. بيأثر كتير. ما في أخصائي كلى. كما إنه لا يوجد أخصائي أورام. العلاج الكيميائي والإشعاعي غير موجود». وأضاف درويش، الذي يدير أيضا مستشفى في قبو على عمق 17 مترا تحت الأرض في ريف حماة، أن المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة ليس بها مراكز لعلاج السرطان. وقال محمد ياسر الطباع المؤسس المشارك للرابطة الطبية للمغتربين السوريين، التي تمول مستشفيات في مناطق المعارضة، إن الأطباء لا يستطيعون فعل ما هو أكثر من استئصال الأورام جراحيا. وأضاف، «يجرون جراحة لتخفيف الألم أو مسكنات في محاولة لتقليل المعاناة فيما يموت الشخص».خيارات صعبة .. قال الطباع، وهو طبيب سوري في السعودية، «من الصعب أن أقول ذلك لكن بتكلفة علاج مريض واحد بالسرطان يمكننا أن نفتح عيادة لعلاج مئات الأطفال». وأضاف، «هناك أطفال يموتون من الحمى. حتى أطباءنا يقتلون… لدينا استنزاف مستمر للموارد.. نزيف مستمر. في بعض الأحيان علينا أن نتخذ قرارات صعبة». ويبذل الأطباء جهودا مضنية لمنع انهيار البنية التحتية الطبية في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة في سوريا، حيث يعيش آلاف المدنيين الذين يخشون حكم الأسد. وفي الغوطة الشرقية وإدلب حاولوا سد العجز من خلال مدارس لتدريب الممرضات والممرضين والمسعفين. وبسبب تهديد الضربات الجوية اعتمدوا بشكل كبير على المستشفيات الميدانية والمنشآت المؤقتة والعيادات المتنقلة. وقال الطباع، «الكثير منها دون المعايير في مباني مدرسة أو في أقبية تحت الأرض». وعلى الرغم من ذلك قال الطباع، إن الخدمات الطبية في جيوب المعارضة التي تتعرض للهجوم صمدت لفترة أطول لأنها حيوية للبقاء. وأضاف، «هناك مستشفيات أعدنا بناءها أو أصلحناها أو غيرنا موقعها خمس مرات».أخبار ذات صلة4 عرب يتنافسون على قيادة اليونسكو2.1 مليون طلب لجوء بأوروبا في 2016 غالبيتهم لألمانيافيديو| نشر قوات أمريكية في شمال سوريا استعدادا لخوض معركة…شارك هذا الموضوع:اضغط للمشاركة على تويتر (فتح في نافذة جديدة)انقر للمشاركة على فيسبوك (فتح في نافذة جديدة)اضغط للمشاركة على Google+ (فتح في نافذة جديدة)
مشاركة :