نيويورك - لندن: «الشرق الأوسط» رجح دبلوماسيون غربيون، استنادا إلى معلومات مخابرات من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة، أن سوريا تحتفظ بالقدرة على نشر أسلحة كيماوية، مما قد يعزز الاتهامات بأن الجيش السوري استخدم غاز الكلور في الآونة الأخيرة. وتعكس هذه التصريحات قناعة متزايدة لدى العواصم الغربية بأن الرئيس السوري بشار الأسد لم يكشف بالكامل عن برنامج الأسلحة الكيماوية السورية رغم وعوده بإنهائه. بينما تنفي سوريا احتفاظها بالقدرة على نشر أسلحة كيماوية وتصف الاتهامات بأنها محاولة أميركية وأوروبية لاستخدام سياساتها «الصبيانية» في ابتزاز حكومة الأسد. لكن في اعتراف ضمني بوجود نقص في الإعلان الأصلي قدمت سوريا في وقت سابق من الشهر الجاري قائمة أكثر تحديدا بأسلحتها الكيماوية لبعثة نزع السلاح الدولية بعد أن أبلغ مفتشون عن وجود تناقضات على الأرض، حسبما أوردته وكالة رويترز نقلا عن مسؤولين. وتحت تهديد من الولايات المتحدة بشن غارات جوية اتفق الأسد مع واشنطن وموسكو في سبتمبر (أيلول) الماضي على التخلص من أسلحته الكيماوية بعد مقتل مئات الأشخاص في هجوم بغاز السارين في أغسطس (آب) على أطراف دمشق. ويتولى فريق مشترك من الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية عملية التحقق من إعلان سوريا بشأن ترسانتها من الغازات السامة وتدميرها. ويقول دبلوماسيون إن الحكومات الغربية تشك منذ فترة طويلة في أن سوريا لم تفصح عن كل جوانب برنامجها من الأسلحة الكيماوية. ولكن مبعوثين يقولون إنهم التزموا الصمت بشأن هذه المسألة لتفادي منح الأسد ذريعة لتقليص التعاون مع بعثة الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية وتأخير جدول زمني لشحن المواد السامة إلى خارج البلاد. وبعد أن أصبح أكثر من 90 في المائة من المخزونات الكيماوية السورية المعلنة خارج البلاد الآن، بدأ المسؤولون الغربيون في الخروج عن صمتهم. وقال دبلوماسي غربي لرويترز: «إننا مقتنعون ولدينا بعض معلومات المخابرات التي تظهر أنهم لم يعلنوا كل شيء». وأضاف أن معلومات المخابرات تلك جاءت من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة. وردا على سؤال بشأن حجم ما أخفته سوريا من برنامجها قال الدبلوماسي: «إنه كبير». ولم يذكر تفاصيل. ورفض بشار الجعفري سفير سوريا لدى الأمم المتحدة الاتهام، وقال: «هذه الدول غير موثوق فيها فعلا، وسياساتها تجاه تنفيذ الاتفاق بين الحكومة السورية ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية لا تقوم على مبادئ، وإنما بالأحرى صبيانية. إذا كان لديهم بعض الأدلة فعليهم أن يتقاسموها مع منظمة حظر الأسلحة الكيماوية بدلا من التظاهر بأن لديهم أدلة سرية». وقال الجعفري إن هدف القوى الغربية الثلاث هو تمديد مهمة الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية دون حاجة لذلك من خلال «مواصلة فتح (الملف الكيماوي) لأجل غير مسمى، ومن ثم يمكنهم أن يواصلوا ممارسة الضغط على الحكومة السورية وابتزازها». من جانبه، قال مسؤول غربي، طلب عدم ذكر اسمه، إنه لا يوجد يقين تام باحتفاظ سوريا بأسلحة كيماوية، لكن القوى الغربية الثلاث اتفقت على وجود «احتمال كبير» على أن سوريا لم تعلن عن كامل مخزوناتها من المواد الكيماوية المتعلقة بالأسلحة. وأشار المسؤول إلى كمية كبيرة من مادة أولية تستخدم في صنع السارين «اختفت» في سوريا ومزاعم لم يتحقق منها أطلقتها دمشق عندما قالت إنها دمرت معظم مخزوناتها من غاز الخردل قبل وصول بعثة الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية، إلى غير ذلك من التناقضات بين تصريحات الجانبين. وفي مقابلات أجريت خلال الشهرين الماضيين مع مسؤولين غربيين مطلعين على معلومات المخابرات بشأن سوريا، شملت مخاوف هؤلاء من غاز الأعصاب الريسين وغاز الخردل ومواد أولية تستخدم في صنع السارين وغاز الكلور الذي ترددت أنباء في الآونة الأخيرة عن استخدامه في سوريا. وتحدث مسؤولون أميركيون وبريطانيون عن غموض ومشكلات في إعلان سوريا عن أسلحتها الكيماوية. وتعمقت الشكوك بشأن عدم اكتمال إعلان سوريا عندما لم تبلغ منظمة حظر الأسلحة الكيماوية بامتلاكها لغاز السارين الذي استخدم على مشارف دمشق يوم 21 أغسطس أو كيفية توصيل ما يقدر بنحو 300 لتر من الغاز السام. وقال الدبلوماسي الغربي الكبير إن بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة قدمت معلومات إلى المنظمة قبل أشهر، من بينها مواقع محددة للأسلحة الكيماوية لم تكشف عنها دمشق. وأضاف أن الدول الثلاث أمدت روسيا حليفة الأسد بهذه المعلومات «لكن لم يصدر عنها رد فعل». ولم ترد المنظمة على طلبات للتعقيب على الأمر. وقال متحدث باسم بعثة روسيا لدى الأمم المتحدة إنه ليس لديه تعليق، لكن موسكو أكدت أول من أمس أن مزاعم استخدام الحكومة السورية للأسلحة الكيماوية خاطئة.
مشاركة :