عمارة مهجورة في طهران تتحول إلى بيت للفنانين

  • 4/27/2014
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

طهران: بهار أصلاني قبل مائة عام، وفي منتصف النهار من أيام الصيف، استند کامران مرزا، وهو أحد أولاد السلطان صاحبقران الـ42، على وسادة أجداده القاجاريين تحت شجرة الزيزفون في حديقته، وقام بالتحديق في المعماري النمساوي الماهر، فيشر. وفي ما بعد عرفت هذه العمارة باسم «فيشر آباد» (عمارة فيشر). وبعد خمسين عاما تحولت عمارة «فيشر آباد» إلى نزل يستضيف قوات الحلفاء، وجرى فيها تشييد مبان عسكرية، وأخذ يدوي فيها صخب الأحذية العسكرية التي كان أصحابها من رواد النزل. انتهت الحرب وبقيت عمارة فيشر آباد مقصدا للعسكريين، وتحولت إلى عمارة مهجورة بعد أعوام من قيام الثورة في إيران. وفي 1999 أصبحت «فيشر آباد» من ممتلكات بلدية طهران، وتولى بهروز غريب بور عملية إعادة بناء العمارة المهجورة، لتتحول إلى أحد المراكز الثقافية والفنية في العاصمة. وبعد عام واحد قام الرئيس الأسبق محمد خاتمي بافتتاح العمارة والحديقة، وبات عنوانها بيت الفنانين، وتحولت حديقة العمارة إلى حديقة الفنانين التي تضم بركا کبرة، ومركزا للرياضة، وسوقا صغيرة، وموقعا لألعاب الأطفال، وتم إلحاق مسرح «إيران شهر» بالمجموعة. وتتوزع الأقسام الرئيسة لهذا المركز الثقافي داخل العمارة التي تتكون من طابقين، وثلاث قاعات تحمل أسماء شهناز، وفريدون ناصري، وغلام حسين أمير خاني. وتقام في هذه القاعات عدة فعاليات مثل عرض الأفلام، وإقامة دورات تدريبية، والاجتماعات والجلسات الفنية المتوالية. وتقام على سطح العمارة ورشات مسرحية، وعرض الدمى المسرحي برعاية الممثل الإيراني عزت الله انتظامي. وتضم العمارة معرضا للفنون السبعة، ومتجرا للمعروضات الفنية، إذ يبهر الزوار بمشهد الأشجار الباسقة التي تزين الحديقة عند النظر من خلال الشبابيك الخشبية الطويلة لغرف العمارة. وتحول الفرعان اللذان يصلان جانبي العمارة ببعضها بعضا إلى معقل لرواد العمارة التي تعرف الآن باسم «بوستان» والحديقة التي جرت تسميتها بـ«غلستان». وتضم «غلستان» مطعما إيرانيا تقليديا، وآخر يقدم وجبات للنباتيين. ويحظر التدخين في «غلستان» التي تتميز بأجواء هادئة بعيدة عن الضوضاء، وباتت معقلا للفنانين القدماء الذين يتجمعون فيها تاركين «بوستان» للشباب الذين يطلقون ضحكات بصوت مرتفع، ويستمتعون بتدخين السجائر، ويتبادلون أطراف الحديث، ويناقشون الأحداث الفنية اليومية بالنظرات والكلام. ويمثل «بوستان» جيل الشباب، فيما يمثل «غلستان» الجيل الماضي. وتشهد العمارة ازدحاما في الأمسيات، وقد تضطر إلى الانتظار في الطابور أمام بركة الماء، وأنت ترى أن الموسيقار الإيراني المعروف لوريس جكنواريان يمر من أمامك، وتسمع أن الشخص الذي يقف بجانبك يتحدث عن مجموعة غربية تنتمي إلى مجموعة ميتاليكا. وتلفت انتباهك الأزياء الإسلامية الملونة للبنات، والقبعات التي يرتديها الشباب وهي تتماشى مع الموضة. وفي كل مرة تزور العمارة تلتقي بالأصدقاء هناك، وترى عددا من الزوار وهم جالسون على الأعشاب. معظم هؤلاء طلبة فرع الفنون. وفي فترة سابقة فإنك كنت مثلهم، لكنك الآن ترتاد «بوستان» وتطلب قهوة اسبريسو أو طبقا من البطاطس المقلية والجبن. وانتشرت شائعات لمرات عديدة بأنهم يعتزمون إغلاق بيت الفنانين «لأنه أصبح عشا للدبابير والفساد». لكنك عندما تصل بيت الفنانين تراه يستقبل الزوار. ويبقى الضوء الصادر من بيت الفنانين إشارة تدل على استمرار الفعاليات فيها رغم تغيير المديرين، والموظفين، والفصول. *إعداد «الشرق الأوسط» بالفارسية «شرق بارسي»

مشاركة :