"عاشق كاديلاك" سبعيني سوري يعود لسياراته المحطمة في حلب

  • 3/17/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أبوعمر أو محمد محيي الدين أنيس سيعمل على إصلاح سيارته من طراز بويك بعدما عاد الهدوء إلى المدينة بعد أن رفض عروضاً عديدة لشرائها رغم حالتها السيئة. العرب  [نُشر في 2017/03/17، العدد: 10574، ص(24)]حنين إلى الماضي بلحن حزين لا يزال الأمل يلازم السبعيني محمد محيي الدين أنيس بعد أن فقد منزله في حي الشعار بمدينة حلب السورية، حيث عاد ليتفقد سياراته القديمة التي لا تقدر بثمن حتى يعيد بريقها الذي فقدته بفعل معارك الحرب التي شهدتها المدينة. حلب – ينظر أبوعمر أو محمد محيي الدين أنيس (70 عاماً) الذي يهوى جمع سيارات قديمة الطراز إلى سيارة رمادية من طراز بويك عام 1955، بأسى ويدور حولها موضحاً أن أضراراً لحقت بسقفها وغطاء محركها ونوافذها جراء القصف. ويقول “انظروا إليها، كيف تفتح فمها وتصرخ. إنها جريحة” موضحاً أنه سيعمل على إصلاحها بعدما عاد الهدوء إلى المدينة. وشهدت حلب في العام الماضي معارك عنيفة بين الفصائل المعارضة والجيش الذي تمكن من السيطرة عليها في ديسمبر. وتبدو آثار هذه المعارك وما تخللها من قصف، واضحة على الأبنية المدمرة أو المنهارة جزئياً وكذلك على واجهات المحال المتصدعة والنوافذ المحطمة. ومن طالب في اختصاص الطب بمدينة سرقسطة الإسبانية في السبعينات، ثم مترجم كتيب لشركة “فيات” في مدينة تورينو الإيطالية، اختار أبوعمر العودة إلى مسقط رأسه، حيث افتتح مصنعا لمستحضرات التجميل وتحديداً أحمر الشفاه، أطلق عليه تسمية “ميلا روبنسون”. إلا أن جمع السيارات القديمة بقي شغفه الحقيقي، في هواية ورثها من والده الثري الذي كان يعمل في مجال دباغة الأقمشة ويقود سيارة من طراز بونتياك عام 1950، لا تزال موجودة لدى ابنه الذي يحتفظ بها بفخر. وكانت المجموعة التي يملكها أبوعمر تضم ثلاثين سيارة قبل أن يخسر عشرا منها، بعد اندلاع النزاع في عام 2011، جراء سرقة بعضها وتضرر بعضها الآخر كلياً خلال المعارك. وفي وقت لا يزال يحتفظ بـ13 سيارة منها أمام منزله وفي حديقته، صادرت الشرطة سبع سيارات أخرى كان يركنها على جانبي الطريق. ويقول الرجل المتزوج من امرأتين، إحداهما تقيم في حلب والأخرى في حماة (وسط) ولديه منهما ثمانية أولاد، “أحب السيارات لأنها كالنساء، جميلات وقويات”. ورغم اهتمامه بالسيارات ذات الطراز القديم عموماً، إلا أنه يفضل السيارات الأميركية المصنوعة في الخمسينات، على غرار كاديلاك وهودسن وبويك وشفروليه وميركوري، ولكن أيضاً فولكسفاغن الألمانية وسيتروان “2 سي في” الفرنسية. ويوضح بثقة “لدي ثلاث سيارات كاديلاك لأنها الأكثر فخامة. وعلى كل جامع للسيارات القديمة أن يقتني واحدة. وإذا لم يكن لديه واحدة فهذا يعني ان مجموعته بلا رأس”. ويتباهى كثيراً بسيارة كاديلاك مكشوفة حمراء مصنوعة عام 1947. ويقول إن ستة رؤساء جمهورية على الأقل في سوريا استخدموها. وعلى متن هذه السيارة، وفق أبوعمر، تجول الرئيس المصري جمال عبدالناصر ونظيره السوري آنذاك شكري القوتلي في دمشق، بعد إعلان قيام الجمهورية العربية المتحدة عام 1958. ويقول “اشتريتها قبل 12 عاماً في مزاد علني مقابل 620 ليرة سورية، لكنني دفعت قيمة هذا المبلغ مئة مرة كضرائب لأن السيارة لم تكن مجمركة”. وخشية تعرضها للسرقة، يخبئ أبوعمر المغرم باقتناء كل ما هو قديم، عجلات السيارة ومقاعدها داخل منزله، وهو لا يخفي، حزنه على الحالة المزرية التي آلت إليها سياراته المشوهة والمتضررة بفعل المعارك. ويشرح منفعلاً كما لو أنه يتحدث عن كائنات حية “كلها جريحة” مؤكداً في الوقت ذاته أنه ينوي إصلاحها قبل إعادة تأهيل منزله المتضرر أيضاً، لا بل إنه يقول “أخطط لشراء سيارات أخرى”. ويقول جاره نيهاد سلطان إن سكان الحي بذلوا جهوداً لإقناع مقاتلي المعارضة بعدم وضع مدفع مضاد للطيران على إحدى هذه السيارات وهي “بيك آب” من طراز شفروليه. ورغم تضرر منزله كثيرا جراء الحرب، لا يتردد أبوعمر أحياناً في الجلوس في غرفة نومه كالمعتاد. ويشعل غليونه ويدير الفونوغراف مستمعاً إلى أغنية بعنوان “حكاية حبنا” للملحن والمطرب السوري محمد ضياء الدين. ويضيف “أحب التاريخ لأنه يعيش فيّ. كان ماضيّ سعيداً جداً لكن الأشياء تغيرت. الحاضر قاس ولكن يجب ألّا يدفعنا ذلك لليأس”. ورفض أبوعمر عروضاً عدة تلقاها لشراء سياراته رغم حالتها السيئة.

مشاركة :