صحيفة وصف : أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور أسامة بن عبدالله خياط, المسلمين بتقوى الله, فهي وصية الله للأولين والآخرين، مشيرًا إلى أن المرء لا يزال بخير ما اتقى الله وخالف نفسه وهواه. وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم: إذا كان لكل أمرئ وجهة هو موليها وجادة هو سالكها فإن الموفقين من أولي الألباب الذين يمضون حياتهم على هدى ربهم واقتفاء لأثر نبيهم صلوات الله وسلامه عليه لا يملكون وهم يأسون الجراح ويتجرعون مرارة الفرقة وغصص التباغض والتدابر لا يملكون إلا أن يذكروا آيات الكتاب الحكيم وهي تدلهم على الطريق وتقودهم إلى النجاة. وأضاف: تذكرهم بتاريخ هذه الأمة المشرق الوضئ وتبين لهم كيف سمت وعلت وتألق نجمها وأضاء منارها وكيف كان الرعيل الأول منها مستضعفاً مهيب الجناح تعصف به أعاصير الباطل وتتقاذفه أمواج المحن وتعبس له الأيام وتتجهم له الوجوه وترميه الناس عن قوس واحدة فآواه الله ونصره نصراً عزيزاً مؤزراً وأسبغ عليه نعمه وأفاض عليه البركات ورزقه من الطيبات. وأردف: لا غرو أن يبلغ ذلك الرعيل الأول من التقدم والرقي مبلغاً لم يسبقه إليه ولم يلحق به من بعده أحد عاش على هذه الأرض لأن الإيمان دليله ولأن الإسلام قائده ولأن الشريعة المباركة منهجه ونظام حياته فاستحق الخيرية التي كتبها الله لمن آمن به واتبع هداه وتبوأ مقام الشهادة على الناس يوم القيامة. وتابع: آيات الكتاب الحكيم تذكرنا أن الاستمساك بدين الله والاستقامة على منهجه واتباع رضوانه وتحكيم شرعه لا يقتصر أثره على الحظوة بالسعادة في الآخرة فحسب بل يضمن كذلك التمتع بالحياة الطيبة في الدنيا بطمأنينة القلب وسكون النفس وبلوغ الأمل وتلك سنة من سنن الله في عباده لا تتخلف ولا تتبدل. وقال إمام وخطيب المسجد الحرام: حين تكون حيدة الخلق عن دين الله والجفوة بينهم وبين ربهم بالإعراض عن صراطه ومخالفة منهجه والصد عن سبيله يقع الخلل ويثور الاضطراب المفضي إلى شر عظيم وفساد كبير عانت من ويلاته الأمم من قبلنا، فحل الخصام بينهم واشتعلت نار العداوة والبغضاء بعدما كانت المحبة والآلفة تظلهم وهو خلل يتجاوز أثره وتتسع دائرته فتعم الأرض كلها، ذلك أن الصلة وثيقة بين هذه الأرض وبين ما نعمرها به وما نقدم عليه من أعمال. وأضاف: المؤمن حين يقف على مفترق طرق وحين تعرض عليه شتى المناهج لا تعتريه حيرة ولا يخالجه شك في أن منهج ربه الأعلى وطريقه هو سبيل النجاة وطريق السعادة في حياته الدنيا وفي الآخرة، وأما المعرض عن ذكر ربه بمخالفة أمره وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم فهو الشقي الخاسر حقاً، قال تعالى (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى). واختتم “خياط” بالقول: ضنك المعيشة في الدنيا كما قال الحافظ ابن كثير رحمه الله بألا يجد طمأنينة ولا انشراحاً لصدره بل صدره ضيق حرج وإن تنعم ظاهره ولبس ما شاء وأكل ما شاء وسكن حيث شاء فإن قلبه لم يخلص إلى اليقين والهدى فهو في قلق وحيرة وشك فلا يزال في ريبة يتردد. (1)
مشاركة :