3 روائيين بحرينيين يستعرضون تجاربهم في كتابة الرواية

  • 3/18/2017
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

كيف يتحدث الروائيون البحرينيون الشباب عن تجاربهم الروائية؟ ماذا يريدون من وراء رواياتهم؟ كيف يشكلون عوالمهم داخل النص؟ وكيف يفصلون بين ذواتهم وذوات شخوص رواياتهم؟ وما مدى الخيالي والواقعي في كتاباتهم؟ وما هو دور المرجعيات الثقافية في اشتغالهم؟ كل ذلك تناوله ثلاثة روائيون هم: جليلة السيد، حسين عبد علي، أيمن جعفر، في أمسية حوارية نظمتها «أسرة الأدباء والكتاب» مساء الأحد (8 مارس)، وأدارها الروائي رسول دريش، تحت عنوان «روائيون بحرينيون»، إذ استعرض الروائيون الثلاثة تجاربهم، ورؤاهم حول الرواية.من الذي يكتب الرواية؟ في مستهل الأمسية أجاب الروائيون عن سؤال: «من يكتب الرواية، هل هو الروائي نفسه أم أن الأحداث هي من تفرض نفسها على الكاتب؟»، إذ أكدت الروائية جليلة السيد، بأنها كروائية، كانت محكومة بالألم، هذا الألم الذي يخلف جروحًا لابد أن تتصافى معها، لهذا جاءت باكورتها «كولادة من عمق الألم»، أي أن الألم هو المحرك لفعل الكتابة، فيما ارتأى الروائي حسين عبد علي بأنه هو من يكتب الرواية بوعيه، «لا تفرض الأحداث نفسها علي، فالنص الروائي جملة بلاغية ليس لها حضور، ففكرة الكتابة تأتي بعد مرحلة السؤال الذي يتسبب في إزعاجك وإقلاقك، وهكذا ولدت (متاهة زهرة)»، ويضيف «الكاتب أشبه بحيوان منوي، والرواية هي البويضة التي يتوجب تخصيبها». من جهته قال الروائي أيمن جعفر بأن «كثيرًا من الأحداث هي من تفرض نفسها علي»، وبناءً على ذلك فأنه يقوم بالتمهيد والتحضري لها، قبل أن يشرع في كتابتها.ما الذي يريده الروائيون؟ قد يبدو سؤال «ماذا تريد من ذلك؟»، سؤالاً حاضرًا أمام كل فعل بشري، فلكل فعل هدف وغاية، وللكاتب غايته التي يريد لها التحقق من خلال روايته، إلا أن هذه الغايات والأهداف تتفاوت، وتتنوع، وقد بين عبد علي بأن «فكرة تغيير العالم فكرة ماركسية، لهذا أرى بأن الهدف من الرواية، هو اكتشاف الذات على المستوى الفردي، واكتشاف ذوات الآخرين»، وتابع موضحًا «الأدب لم يأتِ لتحسين العالم، فالعالم مأخوذ بالسوق، وإنني ككاتب ومشتغل بالفن، أضع عدة اسئلة، لأربك المتلقي، فيعيد صياغة نفسه». إلا أن أيمن أكد بأن وضع هدف قبل الشروع في أي عمل، «خطأ كبير»، مضيفا «لا أميل للأفكار الكبيرة التي تنادي بتغير العالم، إذ أني أميل للتصالح مع الذات، والواقع، لأبدو أفضل، لهذا تضمنت إصداراتي الثلاث كتابات بلا هدف، حاولت من خلالها أن أوصل قيمة الحقيقة بلا وهم أو إيهام، فأنا لا أرسم أهدافا كبيرة لتغيير هذا العالم في أي من مؤلفاتي». واتفقت جليلة السيد مع عبد علي وأيمن، مبينة إن نجاح أي عمل أدبي ليس في إيصال الرسالة، وإنما الوصول إلى أكبر عدد ممكن من القراء، «وهذا هو الهدف الذي أسعى إلى تحقيقه».ذات الروائي وامتزاجها بالنص هل الكتابة نبش في التجربة الحياتية الخاصة بالكاتب؟ هذا سؤال لطالما طرح ويطرح على كل أديب وروائي، فما مدى الفصل بين الذات والنص؟ عن ذلك أجاب إيمن بأنه «ربما يتسرب الكثير من الذاتي إلى النص، رغم أني لا أتقصد ذلك، فأنا أحب لشخوص كتاباتي أن تكون حرة، ففي (مداد الروح)، كتبت قصتي مع مدرس الخط، وربما كان البطل يشبهني، إلا أني كما أسلفت لم اتقصد ذلك، إلا أن جدلية الذات الفعلية والمتخيلة ستبقى حاضرة دائما». من جانبها، بينت جليلة السيد بأن «الرواية بكل شخوصها ليست تفاصيل كاتبها، إلا أنه لابد بأنك ستلتقي بمن يشبهك من الشخوص، لهذا أرى بأنه لا توجد كتابة ناجحة خارج الواقع، فأنا لا أميل للكتابة الخيالية البحتة، وما عملت عليه في روايتي (أنا لست لي)، هو مزج بين الواقعي والخيالي». إلا أن عبد علي أكد بأن الإجابة على هذا السؤال تتخذ حالتين، فـ «عن نفسي كروائي، فأنا موجود في رواية (متاهة زهرة)، لكني موجود في صور شتى».التأثر والخلفيات الثقافية للروائي لابد أن كل تجربة روائية بها مقدار من المرجعيات الثقافية قبل الشروع في فعل الكتابة، فكيف يستند الروائيون لهذه المرجعيات، وكيف يوظفونها لخدمة النص؟ يؤكد عبد علي بأن تراكم البحث في التفاصيل، ونضج الفكرة التي تختمر في ذهن الروائي لفترة طويلة، يقودان للتجربة الروائية بكل ما تحتويه من مرجعيات، ويضيف «في روايتي (متاهة زهرة)، لم أكن أكتب رواية تاريخية، بل هي منجز بحثي، لفكرة اختمرت في رأسي لزمن طويل، وقد تحركت على أثر هذه الفكرة، وأخذت في مراقبة اليومي، والانتباه للتفاصيل». فيما قسم أيمن المرجعيات إلى عدة أقسام، «مرجعيات علمية، وثقافية متنوعة، ودراسات نفسية»، وتابع «انا لا أغفل أي من هذه الدراسات، لصوغ شخوصي رواياتي، وأحداثها، ففي مجموعتي (دفاتر البحر والموت) لجأت كثيرا لأبن عربي، نتاج قراءاتي الكثيرة عن الصوفية وعلم الأساطير، وفي روايتي (مداد الروح) اضطررت للقراءة في تاريخ الخط العربي، ومدارسه»، وجاء رأي جليلة في ذات السياق، إذ أنها لجأت للعديد من المصادر والمراجع، للقراءة عن عهد حزب البعث في العراق، لكون روايتها تتناول هذه المرحلة الزمنية من تاريخ العراق. هذا على مستوى المرجعيات، إلا أنه وقبل أن يضع الكاتب في اعتباراته مرجعايته، فإنه خاضع بأردة أو دونما ذلك إلى عملية تأثر لا واعية، جراء قراءته العديدة، وإعجابه بالكتاب الآخرين الذين يقرأ لهم، وعن ذلك تقول السيد «تأثرت في قراءتي بالكثير من الكتاب الكلاسيكيين»، وتردف «الشارع الثقافي له حدين في التأثير على الكتابة، الأول إيجابي، والثاني سلبي، فالحد الإيجابي هو كثرة الإصدارات التي تنم عن أقلام واعدة وموهوبة، لم تكن موجودة سابقا، وتبرز منها أقلام قوية، أما الحد السلبي فهو أن جميع من يكتب يريد أن يملأ كأسه، وبالتالي عليك أن تفريق بين الغث والسمين». من جانبه، أكد أيمن «أن المد الروائي مد عالمي، ونحن في زمن الرواية وتداخل الأجناس الأدبية، وبالتالي تأثرت بالعديد من أدباء أمريكا الجنوبية، واتباع مدرسة الواقعية السحرية، إلى جانب عدد من أدباء لبنان، كالروائية نجوى بركات، وربيع جابر، وإلياس خضوري، بالإضافة للروائي السعودي عبده خال». أما عبد علي فقد أكد ما أورده أيمن من كوننا «في زمن الرواية»، مضيفا «هذا الجنس الأدبي لم يصلنا كاملاً كما وصلنا الشعر والمسرح، وبالتالي فهو ما يزال في طور التجريب»، مبينا أن التأثيرات كثيرة «نحن نتاج تراكم من التأثيرات، حتى على مستوى التجارب السيئة، والرواية لا تعزل عن المسرح ومختلف الفنون، وهذا ما اشتغلت عليه في (متاهة زهرة)، إذ حاولت أن أعزز المسرح والسينما والصورة الفوتوغرافية بنصها».بين الخيالي والواقعي.. والنقد! لكل رواية مهما كانت واقعية، جوانب خيالية، هذا ما أكد عليه عبد علي بقوله «إن مسألة وجود الخيال في الرواية، مسألة حتمية، فليست مهمة الروائي نقل الواقع، وإنما إعادة صياغته بمخيلته»، وهذا ما وافقت عليه السيد التي بينت أنه «لابد أن نضع أحلامنا وخيالاتنا نصف أعيننا قبل الشروع في فعل الكتابة»، ليؤكد أيمن «إن عملية السرد لابد لها من الخيال، إلى جانب رصد الواقع، وما دام الكاتب يقرأ فهو يجد ما يقرأه معاشا، فالكاتب الجيد هو الذي يحاول توظيف كل شيء في كتاباته». وفيما يتعلق بالنقد، وما إذا كان الروائي يضع الناقد نصب عينه أثناء العملية الكتابية، بين أيمن «بأن الناقد يأتي في مرحلة تالية، فما يعنيني أثناء الكتابة، محاولة استدراج القارئ نحو النص، لأوجد قارئ متلهفا يقرأ لي»، وتابع «عن نفسي لا أعول على الناقد بقدر ما أعول على القارئ». أما السيد فارتأت بأن «الكاتب الناجح هو من يبعد الناقد عن عمله أثناء كتابته»، إلا أن عبد علي طرح رأيا مخالفا، إذ بين «أضع زوجتي نصب عيني، لكونها ناقدة شرسة»، مضيفًا «هناك فهم خاطئ لدور الناقد، فدوره الحقيقي يأتي قبل الكتابة، وليس بعدها، فهو من يفتح آفاقًا للكاتب قبل الشروع في الكتابة، وهو من يوجد المجالات الجديدة للكاتب».

مشاركة :