لم تعلن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أي مواقف واضحة تحدد توجهاتها السياسية واستراتيجيتها الجديدة إزاء تطورات الأزمة الليبية، وإن كانت الترجيحات تؤكد أن الإدارة الأميركية الجديدة، لن تواصل السياسات التي اعتمدتها إدارة الرئيس السابق باراك أوباما منذ قرار التدخل العسكري، في إطار حلف شمال الأطلسي عام 2011، لإسقاط حكم معمر القذافي. وما تبع ذلك من تطورات ميدانية دراماتيكية، كان أخطرها مقتل أربعة دبلوماسيين أميركيين، بينهم السفير كريس ستيفن، خلال هجوم إرهابي استهدف القنصلية الأميركية في بنغازي في سبتمبر 2012، التي مثلت نكسة للسياسة الأميركية. وفي دراسة نشرها »معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى« قبل أسابيع، رأى الباحث بين فيشمان، وهو عضو سابق في مجلس الأمن القومي الأميركي، والمسؤول عن ملف شمال أفريقيا بين عامي 2009 و2013، أن الشيء الرئيس الذي لا يمكن التنبؤ به بالنسبة لليبيا، هو إذا ما كانت إدارة ترامب ستواصل سياسة أوباما القائمة على تشجيع »مجلس النواب« وجماعات أخرى للانضمام إلى رئيس المجلس الرئاسي لـ »حكومة الوفاق«، مع الحفاظ على الموقف المناهض لتنظيم »داعش«. روسيا ومصر ويتخوف المسؤول السابق في إدارة أوباما من اتجاه إدارة ترامب إلى التفاهم والتعاون مع كل من روسيا ومصر في المسألة الليبية، وبالتالي، انضمام واشنطن إلى موسكو والقاهرة في دعم المشير خليفة حفتر في مواجهة المجموعات المتشددة، ومن أجل استكمال معركة القضاء على ما تبقى من عناصر لتنظيم داعش. السيناريو السوري ويتخوف العديد من المراقبين في واشنطن، من تكرار السيناريو السوري في ليبيا، حيث تسعى روسيا إلى ملء الفراغ بعد انحسار الدور الأميركي، وخصوصاً بعد توطيد العلاقات الروسية المصرية واللقاءات العديدة بين المسؤولين العسكريين الروس والجنرال حفتر. ورغم الانخراط الأوروبي المباشر في المسالة الليبية، لاعتبارات القرب الجغرافي ومكافحة الهجرة غير الشرعية إلى دول الاتحاد الأوروبي، فإن التفاهم المتوقع بين البيت الأبيض والكرملين، سيعيد خلط الأوراق، ويقلب موازين القوى بين الأطراف الليبية المتنازعة لصالح الجنرال خليفة حفتر، حليف موسكو والقاهرة.
مشاركة :