التدين: قراءة عابرة في واقع المتدينين (2)

  • 3/18/2017
  • 00:00
  • 27
  • 0
  • 0
news-picture

إن وجود مزج بين قداسة النص وقداسة الفهم للنص أحدث حالة ارتباك معرفي ديني، فهناك متخصصون في قراءة النص الديني كحال العلوم الأخرى، هؤلاء يبذلون جهودًا كبيرة لكي يمتلكوا الأدوات في قراءة النص الديني والخروج منه برؤية حول التشريعات الإلهية والقوانين، والتحقق من نسبته الوحي، وأغلبهم يقضون جل عمرهم في التعلّم والتعليم والتدريس، لكن هذا الجهد المشكور لا يحولهم إلى معصومين، فمخرجاتهم العلمية تبقى في إطار الفهم البشري الذي قد يسقط بعضه مع التقادم وقد يبقى بعضه لصلاحيته في كل زمان ومكان، فالثابت هو النص المثبوت الموافق القرآن والقداسة لهذا ذاتا، أما فهم العلماء للنص فتحكمه كثير من الظروف المحيطة التي تشكل مسبقات حكمية في ذهنية العالم تلعب دورًا بارزًا في قراءة النص، وقد تشكل موجهات لقراءة وفهم النص، وهي قابلة للنقد والتعديل من قبل المتخصصين. وهو ما يعني أن هناك قراءات متغيرة تحتاج إلى تثوير يتناسب وراهن القراءة التي تتجدد مع كل زمن لكي لا يسهم ذلك في جمود الدين وعدم مواكبته وهو ما يخالف خلوده من جهة وعالميته من جهة أخرى. هذا المنهج في التعاطي مع مختلف القراءات للنصوص يعمل على تنميط القراءة الدينية، وبالتالي تنميط وسطها المتدين بها، خصوصًا حينما تتحول لدين مجتمع وأفراد وأحزاب، وتصبح مسلمات ومرجعيات معرفية ومعيارية يقيم على أساسها الأفراد والمشاريع والأفكار. الشعور بالمسؤولية والدور في الحياة هو سمة إنسانية جامعة وقيمة ثابتة، لكن تجلياتها ذات مراتب مشككة تكون في أقصاها تجليًا في المجال الديني، وهذا لا يعني فصل الدين عن باقي الحياة، بل يعني توصيف تجليات المسؤولية وفق مجالاتها والوظائف المختلفة في الحياة البشرية. فمثلا الأنبياء والأوصياء من أكثر الناس شعورًا بالمسؤولية في تبليغ رسالة السماء إلى الأرض، لذلك نجد تجليًا لتلك المسؤولية بشكل دقيق في سلوكهم بحيث يقدمون نموذجًا كاملاً للإنسان، فيكونون بذلك دعاة هدى ورحمة لله تهتدي بهم كل القلوب. وتقل رتبة هذا الشعور بالمسؤولية من الأعلى مرتبة إلى الأقل، حتى نصل إلى طبقة المتدينين، التي هي أيضًا طبقة تختلف في مراتبها في الشعور بالمسؤولية، وهو ما يدفع كثيرين منهم إلى ممارسة دور مطلق من دون أن يشعر، هذه الممارسة غالبًا لا تكون عن دراية وبحث ومعرفة وتنقيب في التشريعات والتاريخ والفكر الديني. إيمان شمس الدينechamseddin@gmail.com

مشاركة :