إضاءات / «الفصحى والمحكية»... في لغتنا العربية - ثقافة

  • 3/19/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

لن تتوقف الصراعات والتجاذبات بين شكلي اللغة العربية «المحكي أو الشعبي والفصيح»، وهذا الصراع رغم أنه حسم في ما يطلق عليه اللغة اليومية لصالح الشكل المحكي، وأصبح من النادر الآن ان تجد شخصا في كل حديثه يلتزم باللغة العربية الفصحى نحوا وصرفا، فكل مجتمع عربي لديه لهجته العربية التي يتحدث بها، مع ما تتضمنه هذه اللهجة من تقارب أو اختلاف بين دولة عربية وأخرى، إلا أنها تبقى لغة محكية لا تعبر بشكل حقيقي عن اللغة الأم «الفصحى»، نتيجة لدخول بعض الكلمات الغريبة عليها، وتحوير بعض كلماتها إلى معان غير واردة في الفصحى.ولكن العزاء الوحيد أننا في مختلف الأقطار العربية، لو تحدث كل واحد بلهجته ربما نستطيع بنسب كبيرة فهم بعضنا البعض، ولكن تبقى جُمل أو كلمات قليلة غير مفهومة للطرف العربي الآخر.والصراع لا يزال قائما وعلى أشده بين الشكلين «المحكي والفصيح»، عبر وسائل الإعلام المختلفة المقروءة والمسموعة والمرئية، وهو صراع لن يحسم مع مرور الوقت، وأعتقد أنه سيظل لأمد طويل قائم، فيصر ويتمسك بعض الإعلاميين والأدباء باستخدام اللغة العربية الفصحى في كتاباتهم الصحافية وفي أحاديثهم الإعلامية، من خلال ما يؤمنون به من أهمية الفصحى في التقارب العربي العربي، ولقناعتهم بأن الفصحى السليمة هي لغة عربية مشتركة يفهمها كل عربي في أي دولة.وفي المقابل نجد أن البعض من الإعلاميين والأدباء اتجهوا بشكل كامل إلى اللهجات المحكية كل حسب بلده، لتجد مذيعا أو مذيعة في برنامج ما قد استخدم بشكل كامل لهجة بلده، وكذلك الاتجاه السائد لاستخدام اللهجات العربية في كتابة الشعر الشعبي أو العامي أو النبطي، كذلك يستخدم بعض كتاب القصة القصيرة والرواية وحتى النصوص المسرحية اللهجة المحكية بديلا عن الفصحى. وقد وصل الأمر إلى أن بعض كتاب الأعمدة الصحافية والصحافيين أنفسهم في بعض الجرائد العربية استخدم بشكل أو بآخر اللهجة المحكية.مما دعا بعض المهتمين باللغة العربية الفصحى إلى دق ناقوس الخطر، والتخوف من اندثار الفصحى... وهذه الدعوة قديمة جدا، ومع ذلك لا تزال الفصحى العربية تمارس دورها ولا تزال لها الصدارة، وذلك- في رأيي- لأسباب عديدة من أهمها أنها لغة القرآن وهو المحفوظ في الصدور، والسبب الثاني أنها الأقرب إلى الفهم من أي لهجة أخرى بين عربيين مختلفين في البلد، والثالث لأن فيها الجمال الذي تفتقره اللهجات بشكل عام، وفيها المفردات الكثيرة، وموسيقى الشكل والمضمون.وأرى أنه ليس هناك ما يخيفنا من انتشار اللهجات على نطاق واسع خصوصا عبر الإنترنت، لأن الفصحى ستظل محتفظة بخصوصيتها وتميزها، وافتتان المثقفين والكتاب بها كتابة وقراءة وحديثا، والدليل على ذلك أنه في مقابل برامج التلفاز المعتمدة على العامية المحكية هناك برامج أخرى تعتمد اعتمادا كاملا على الفصحى، ويكفي أن الغالبية العظمى من نشرات الأخبار تستخدم الفصحى في أحاديثها.* كاتب وأكاديمي في جامعة الكويتalsowaifan@yahoo.com

مشاركة :