فيما يواصل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز جولته الآسيوية نزل ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ضيفًا على البيت الأبيض في زيارة تحمل في مضامينها الكثير من الرسائل التي تبدأ من أن الدور السعودي المحوري في الشرق الأوسط والعالم يتواصل بفاعلية من خلال حراك دبلوماسي تحاول من خلاله السعودية أن تخفف من توترات المنطقة المتزايدة خاصة مع التطورات في الحرب على داعش وتقهقر تنظيم داعش مما يستدعي مواجهة مرتقبة مع مئات الآلاف الذين سيغادرون العراق وسوريا مما يضع تحديًا أمنيًا أمام دول المنطقة، كما أن محاولة تثبيت الاستقرار في أسواق النفط العالمية تعد واحدة من أهم مسببات الحراك الدبلوماسي السعودي لضمان استقرار الاقتصاد العالمي. ما يمثله لقاء الأمير محمد بن سلمان مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه يأتي في إطار إعادة ضبط العلاقة السعودية الأمريكية التي أصيبت بأضرار جسيمة أثناء فترة رئاسة باراك أوباما في السنوات الثماني الماضية، فالعلاقة التي بدأت منذ عام 1945م بلقاء الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود -طيب الله ثراه- والرئيس الأمريكي روزفلت لم تعرف فتورًا طويلاً كما حصل خلال السنوات الأخيرة، ومن المؤسف أن هذه المرحلة شهدت توترًا غير مسبوق في الشرق الأوسط نتيجة محاولة الإخوان المسلمين المدعومين من الجمهورية الإسلامية الإيرانية إثارة الفوضى في عدد من الدول العربية. أسهمت رياح ما يسمى الربيع العربي في زعزعة استقرار دول كبيرة منها مصر وليبيا واليمن وسوريا والعراق وتونس، وشجع الإيرانيين هذه الفوضى عبر أذرعتهم الطائفية كما حصل من خلال الحوثيين وحزب الله والحشد الشعبي، كما أن تنظيم الإخوان المسلمين تحرك في هذا الإطار فمنذ 2011م والعالم العربي يشعر باهتزازات خطيرة أنتجت أكبر عملية نزوح للاجئين الذين فروا من تلك الحروب خاصة في سوريا والعراق، كما أن هذه الاضطرابات تسببت بشكل مباشر في تزايد خطر الإرهاب في أوروبا والعالم فضلاً مما أصاب العالم العربي من ضربات إرهابية مباشرة. توافق السعودية والولايات المتحدة حول مسألة «الاتفاق النووي» الإيراني تحديدًا التي وصفها الأمير محمد بن سلمان بأنها سيئة وخطيرة تُعد مدخلاً صحيحًا يتوافق تمامًا مع الحرب المعلنة على الإرهاب، فالإرهاب الذي يتغذى من إيران على اعتبار أنها الحاضن لقيادات تنظيم القاعدة، وأنها من خلال السورية أوجدت مساحات واسعة لتنظيم داعش ليتمدد في عشرات الكيلومترات من المساحة الجغرافية، كذلك الشحن الطائفي الذي غذته طهران شكل عنصرًا خطيرًا في تأجيج الصراعات مما أدى إلى زيادة معدلات الإرهاب في الشرق الوسط والعالم. من الأهمية إعادة ضبط العلاقة بين الرياض وواشنطن وتفعيل حركة الضغط على إيران التي أثبتت التجربة التاريخية معها انكفاءها مع العقوبات الاقتصادية التي كانت مفروضة عليها منذ الكشف عن برنامجها النووي في نهاية التسعينيات الميلادية، فلقد تقلص الدور الإيراني بشكل لافت خلال تلك الفترة غير أنه تزايد بشكل خطير وأصبح يهدد الاستقرار العالمي بعد الاتفاق النووي، وهذا هو مدخل صحيح لعلاقة السعودية بالولايات المتحدة بتحديد الخطر الذي تشكله إيران إضافة إلى البعد الاقتصادي بين الرياض وواشنطن التي تعول عليهما الأسواق العالمية لقيادة الدفع بوتيرة أعلى في أسواق النفط والأوراق المالية.
مشاركة :