بات ليستر سيتي هو النادي الإنجليزي الوحيد الذي يتأهل لدور الثمانية في دوري أبطال أوروبا هذا الموسم، وهو ما يجعل الأندية الإنجليزية تفكر مليا في أسباب هذا الخروج المعتاد خلال السنوات الأخيرة من البطولة الأقوى في القارة العجوز. وقبل كل شيء، يجب أن نتذكر أن ليستر سيتي هو حامل لقب الدوري الإنجليزي الممتاز، فلماذا لا يواصل الفريق تقدمه في دوري أبطال أوروبا؟ ورغم أن نادي مانشستر سيتي كان يمني النفس بأن يضفي جوسيب غوارديولا لمحة من أداء برشلونة على النادي الإنجليزي، فيبدو من الواضح أن هناك فارقا كبيرا بين الفريقين فيما يتعلق بالكرة الهجومية الشاملة، فالعملاق الكتالوني تمكن من تحقيق عودة تاريخية ربما تكون الأكبر في تاريخ الساحرة المستديرة بعد تأخره في مباراة الذهاب بأربعة أهداف دون رد أمام باريس سان جيرمان الفرنسي، لكن مانشستر سيتي على الجانب الآخر فشل في تسديد كرة واحدة على المرمى لمدة ساعة كاملة في مباراته الأخيرة أمام موناكو الفرنسي. وكان من السهل على أي شخص شاهد المباراة الأولى على ملعب الاتحاد أن يدرك جيدا أن موناكو قادر على خلق مشكلات كبيرة لمانشستر سيتي، وهو ما ظهر جليا في مباراة العودة حتى في ظل غياب النجم الكولومبي راداميل فالكاو عن النادي الفرنسي. وأثبتت مباراة العودة على ملعب لويس الثاني بإمارة موناكو أنه لا يمكن لنادي تهتز شباكه بستة أهداف كاملة في مباراتين أن يتوقع مزيدا من التقدم في دوري أبطال أوروبا. لقد نجح موناكو في التأهل لدور الثمانية لأن شباكه تلقت هدفا واحدا فقط على ملعبه، بينما اهتزت شباك مانشستر سيتي بثلاثة أهداف على ملعب الاتحاد. ورغم الإثارة التي رأيناها في مباراتي الذهاب والعودة، فإن المحصلة النهائية تتمثل في أن نتائج مانشستر سيتي في دوري أبطال أوروبا كانت أفضل الموسم الماضي تحت قيادة مانويل بيليغريني بالمقارنة بنتائج الموسم الحالي. ورغم أنه كان من الصعب للغاية على مانشستر سيتي أن يطيح بريال مدريد الإسباني من المسابقة العام الماضي، فإنه خرج من البطولة بفارق هدف وحيد فقط عن الفريق الإسباني. ويبدو من الواضح تماما أن غوارديولا بات بحاجة إلى إحداث تغيير شامل في الخط الخلفي للفريق إذا كان يرغب في تحقيق نتائج أفضل مما حققها خلال الموسم الحالي في دوري أبطال أوروبا. وباتت نتائج الفرق الإنجليزية في دوري أبطال أوروبا آخذة في التراجع، ومنذ فترة وليس من الآن فحسب. ويجب أن نشير إلى أنه ليس هناك حاجة فورية للقلق من تراجع الأندية الإنجليزية خلف الأندية الإيطالية أو الفرنسية، لأن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم يضمن تأهل أربعة أندية من كل بطولة من البطولات الأربعة الكبرى في القارة بدءا من عام 2018، في الوقت الذي تأتي فيه إنجلترا في الترتيب الثالث حاليا. ومع ذلك، أظهر مسح عن المتأهلين لدور الثمانية في دوري أبطال أوروبا على مدى السنوات الخمس الماضية نتائج محبطة للأندية الإنجليزية، فمن بين 40 فريقا متأهلين لدور الثمانية على مدى الخمس سنوات السابقة كان نصيب إسبانيا منها 15 مقعدا مقابل تسعة لألمانيا وأربعة فقط لإنجلترا. وحتى فرنسا كانت أفضل من إنجلترا في هذا المسح بستة مقاعد. وقبل 10 سنوات فقط من الآن كان نهائي دوري أبطال أوروبا بين ناديين من إنجلترا وكان الاتحاد الأوروبي لكرة القدم قلقا للغاية من هيمنة الأندية الإنجليزية على البطولة الأقوى في القارة. وكانت هذه المباراة النهائية بين مانشستر يونايتد وتشيلسي، لكن الشيء اللافت للنظر يتمثل في حقيقة أن الناديين قد فشلا حتى في التأهل للمسابقة خلال الموسم الحالي! وإذا ما استبعدنا هذين الناديين الأكثر نجاحا وخبرة في دوري أبطال أوروبا، فإن نتائج الفرق الإنجليزية ستكون محبطة ومخيبة للآمال بكل تأكيد. وسوف يعزو توتنهام ومانشستر سيتي خروجهما المبكر من البطولة إلى قلة الخبرة، أو على الأقل هذا هو ما يردده المديران الفنيان. ومن الصعب للغاية تفسير فشل آرسنال المتكرر في تجاوز دور الستة عشر للبطولة كل عام، لا سيما أن الفريق لا يفتقر للخبرات أو للاعبين الجيدين، وإن كان الخروج المهين هذه المرة بنتيجة عشرة أهداف مقابل هدفين في مجموع مباراتي الذهاب والعودة أمام بايرن ميونيخ الألماني يثبت أن الفارق بين آرسنال والعملاق البافاري كان كبيرا للغاية. ورغم أن سجل آرسنال في التأهل لدوري أبطال أوروبا يعد رائعا للغاية، فإن الفريق دائما ما يكون قلقا بشأن إمكانية إنهاء الدوري الإنجليزي ضمن المراكز الأربعة الأولى المؤهلة لدوري أبطال أوروبا، على العكس تماما من بايرن ميونيخ الذي يبدو دائما المرشح الأول للفوز بالدوري الألماني والتأهل لدوري أبطال أوروبا. وهناك عدد قليل من البطولات الأخرى التي تشبه الدوري الألماني في هذا الصدد، أما في الدوري الإنجليزي الممتاز فهناك أندية بحجم تشيلسي ومانشستر يونايتد تفشل في إنهاء المسابقة ضمن المراكز الأربعة الأولى المؤهلة لدوري أبطال أوروبا. ورغم أنه لا يتبقى سوى شهرين فقط على انتهاء الموسم الحالي، فمن المستحيل التنبؤ الآن بأصحاب المراكز الأربعة الأولى في الدوري الإنجليزي الممتاز. ورغم أننا نبسط الأمر كثيرا عندما نقول إن الجهد الكبير الذي يبذله اللاعبون في الدوري الإنجليزي الممتاز هو السبب وراء إخفاق الأندية الإنجليزية في دوري أبطال أوروبا، يشير مراقبون أجانب إلى أننا نحن من نصعب الأمور على أنفسنا من خلال عدم منح الأندية وقتا للراحة في فصل الشتاء. وتفخر كرة القدم الإنجليزية بالمباريات القوية التي تقدمها، لكن الواقع يتمثل في أن هذا المجهود الكبير لا يكون مناسبا لاستئناف مباريات دوري أبطال أوروبا في شهر فبراير (شباط). ومع ذلك، من الإنصاف أن نذكر أن توتنهام ودع البطولة قبل احتفالات عيد الميلاد هذا الموسم، وأن الدوري الإنجليزي الممتاز كان من الممكن ألا يكون بهذه القوة والتنافسية والإثارة لولا نجاح ليستر سيتي المهدد بالهبوط في الفوز بلقب الدوري الموسم الماضي. وعلى عكس كل التوقعات، عادت عناوين القصص الخيالية للظهور مرة أخرى خلال الأسبوع الجاري بعد نجاح ليستر سيتي في التأهل لدور الثمانية لدوري أبطال أوروبا على حساب إشبيلية الإسباني. صحيح أن كلاوديو رانييري أصبح جزءا من الماضي، لكن الحلم بتحقيق المستحيل لا يزال مستمرا. ربما يشعر ليستر سيتي بالإحباط نتيجة خروج مانشستر سيتي من المسابقة، لأنه بناء على الأداء في دوري أبطال أوروبا كان من الممكن أن يتقابل الفريقان ويفوز ليستر سيتي ويواصل مغامرته ويصل للدور نصف النهائي للبطولة. ولم يعد هناك فريق سهل الآن في الفرق المتأهلة، وإن كان كل فريق من الفرق السبعة في دور الثمانية يمني النفس الآن بمواجهة ليستر سيتي في الدور المقبل. ويمكن القول بأنه من المستبعد أن يواصل ليستر سيتي مغامرته في البطولة، لكن الواقع يقول إنه لا يمكن استبعاد أي شيء في ضوء ما قدمه ليستر سيتي على مدى السنوات الثلاث الماضية. ورغم أنه يبدو من الصعب للغاية على ليستر سيتي أن يتغلب على برشلونة، فإنه سيكون من الممتع والمثير أن نرى مباراة بين الفريقين بصفة عامة وأن نرى جيمي فاردي ولويس سواريز في مباراة واحدة بصفة خاصة. وكما اعتاد المدير الفني الأسطوري لمانشستر يونايتد، السير أليكس فيرغسون، أن يقول في مثل هذه المواقف: «هناك حاجة إلى حكم قوي لمثل هذه المباريات».
مشاركة :