تحقيق: محمد الدويري يبحث الطالب عن أي فرصة ترفيهية تخرجه من روتين الحصص التدريسية الأكاديمية داخل الغرف الصفية، فالضغط اليومي في المدرسة من جانب، والوظائف المنزلية الموكلة للطلاب من قبل معلميهم من جانب آخر، تخلق حالة من الملل لدى الطلبة - بحسب خبراء تربويين - ما يولد نوعاً من تجاهل الهدف للعملية التعليمية، وتركيزه في البحث عن سبل تُمكّنه من التسرب من الضغوط اليومية المتتابعة.الحصص المدرسية لها فوائد بمجملها، ولكنها تختلف من واحدة لأخرى، فالتي تُقدّم في إطار ترفيهي غير ضاغط أو ملزم للطلاب، تتصدر الأفضلية لديهم، ويبدأ الطلاب في التشوق للفترة الزمنية المنتظرة لتقضية وقت ممتع مع نظرائهم في المدرسة، ما يحقق إقبالاً كبيراً لخوض الحياة المدرسية برضا وسعادة، والتي يمكن لها أن تزيل الستار عن مواهبهم، ومواطن الإبداع والابتكار والتفكير بداخلهم. خطط متوازنةقالت الدكتورة شيخة الطنيجي أكاديمية متخصصة في المجال التربوي، إن الحصص المدرسية التي تقدم العلم على شكل ترفيهي مبسط، يمكن لها أن تحقق أثراً إيجابياً ملحوظاً في أداء الطلبة داخل مدرستهم ومجتمعهم، الأمر الذي يمكنه أن يوطد العلاقة بين الطالب ومدرسته، ما ينعكس على ارتفاع درجة قبول الطلبة ورضاهم للعملية التعليمية.وأشارت إلى أن الروتين اليومي للحصص الدراسية بشكلها المجرد، يولد حالة من الكبت للطلبة، مما ينفرهم من العملية التعليمية، لينتج عن ذلك سلوكات عدائية خارج المدرسة، كنوع من تفريغ الطاقة بسبب الضغوط الدراسية اليومية، ما يشكل خطراً عليهم وعلى من حولهم، وهنا يجب وضع خطط متوازنة بين الدراسة النظرية والفعاليات والحصص ذات الطابع الترفيهي، لكي لا يفقد الطالب علاقته مع مدرسته أو أساتذته، وتتطور قابليته للحياة الدراسية والمجتمع من حوله.وأوضحت أن الفعاليات والحصص الترفيهية في المدارس تحافظ على النشاط الذهني والبدني للطلبة، مما ينعكس على أدائهم العلمي، وهذا النهج يعتبر من أحدث الأساليب التعليمية التي تتوجه إليها الدول المتقدمة، حيث إن التدريس البحتّ والجامد يمكن أن يسبب تراجعاً في درجة تقبل الطلبة للفكرة أو المعلومة داخل الغرف الصفية المغلقة أو رفضها أحياناً. ولفتت إلى أن الذين تميزوا واشتهروا هم من توجهوا إلى دراسة المجالات الترفيهية كالفنون والموسيقى والرياضة، واكتسبوا الفرص لمعرفة الجوانب الابتكارية والإبداعية في حياتهم ليصقلوها ويطورها بما يخدم مستقبلهم ووطنهم، حيث إن التميز لا يظهر إلا بمثل هذه الإثارة التي تحدث في تلك الحصص، وهذا ما يجب أن يكون في جميع المساقات العلمية بصرف النظر عن طبيعتها. وتابعت: الجميع يعرف أن الطلبة ينتظرون حصة الرياضة الأسبوعية بشغف كبير لينالوا قسطاً من الترفيه والمرح، وينطلقوا إليها بكل سرور وفرح، ويفرغوا طاقاتهم الزائدة في ساحة الملعب المدرسي، ولهذا لا بد أن نقيّم حالة الطلبة النفسية والذهنية وطريقة تعاطيهم مع الأستاذ في الحصة الدراسية التي تلي حصة الرياضة أو الفنون والموسيقى. الضغط الدراسيوأكد إبراهيم الجاوي مدير مدرسة الجودة للتعليم الثانوي، أن قلة الحصص الترفيهية واستمرار حالة الجمود التعليمي في الحصص المدرسية، يؤثر سلباً في الطالب نفسياً وسلوكياً، ما قد يفرز طفلاً كارهاً للمجتمع المدرسي، وناقماً من شدة الضغط الذي مورس عليه داخل المدرسة، في الوقت الذي لا يجد فيه متنفساً حقيقياً لمهارته وطبيعة ثورته الحركية والعقلية، ولا يحصل على فرصة يخرج فيها طاقاته وإبداعاته، كما لا يجد من يساعده في التعرف إلى جوانب الإبهار والابتكار.ونوه بأن الطلاب في المراحل المتوسطة يعانون زخم المواد العلمية اليومية، ما يسبب كبحا للقدرة العقلية، ما يؤدي إلى نفور الطلبة من الدراسة، موضحاً أن ذلك يظهر في ترديد الطلاب السؤال شبه اليومي عن إمكانية مغادرة المدرسة بعد الحصة الرابعة أو الخامسة بهدف الهروب من الضغط الدراسي، وهذا ما يحتاج منا لإعادة النظر في طبيعة الزخم التدريسي.وقال إنه لا بد من وضع خطط حديثة تركز على إثراء التشويق لدى الطلبة في الحضور إلى مدارسهم، لممارسة النشاطات اليومية، والخوض في تجارب عملية جديدة عليهم، بهدف محاربة النفور المتكرر للطلبة من الحياة المدرسية. الأساليب الترفيهيةقال طلال السلومي، باحث وموجه اجتماعي، إن أهم فوائد الحصص الترفيهية في المدارس، تكمن في الحركة الجسدية التي تربط بين العقل والجسد، وتنمي الروح، وتجعل الطفل فخوراً بنفسه وشخصيته، وتكوينه الجسماني ولياقته البدنية، ويتحلى بأخلاق رياضية، ويتعرف إلى معاني الفوز والهزيمة، ويتمرن على مصاعب الحياة، وتنمي الحس الفني، وتغير نظرة الفرد من سلبية إلى إيجابية طموحه، والاعتماد على الذات، وتنقي النفس، وتهذب الروح، وتعلم حسن التشاركية مع الآخرين.وأشار إلى أن النظام الدراسي الحالي فيه مواد دراسية كثيرة مقابل عدد الحصص الكلي، حيث تغطي أغلب اليوم الدراسي، وعليه فإن الحصص المتتالية لا تتيح للطالب ممارسة هواياته، كما أن تقلص عدد المواد الفنية مثل الرياضة والفنون والموسيقى تغلق المجال أمام الطالب لتطوير مهاراته.ولفت إلى ضرورة الموازنة في طبيعة المساقات المقدمة خلال اليوم الدراسي الواحد مع الحصص الترفيهية، بحيث تكون المواد العلمية أثناء اليوم وليس بدايته أو نهايته.
مشاركة :