«السعال الديكي».. العدو اللدود للجهاز التنفسي

  • 3/19/2017
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

«السعال الديكي» أحد أمراض الجهاز التنفسي، وهو أشد حدة من السعال العادي والإنفلونزا على الرغم من التشابه بينها، ويصيب السعال الديكي الرئة والجهاز التنفسي العلوي بالتهابات مفاجئة، ومن الممكن ان تصل درجات الخطورة لدى بعض الأشخاص إلى حالة الوفاة، وهو مرض بكتيري يسببه نوع من البكتيريا تسمى البورديتيلة الشاهوقية، التي اكتشفها العالم والباحث بوردت سنة ١٩٠٦، في الإفرازات الأنفية والفمية، وإفرازات المجاري التنفسية كالبصاق، خاصة الناتج عن حدوث السعال، وعادة يكون مملوءا بهذه الميكروبات الفعالة، إلا أن المعقمات الاعتيادية وحتى الماء العادي مع الصابون لها القدرة الكافية للقضاء عليها، ولكن لهذه الميكروبات داخل الجسم فعالية كبيرة مع شدة المقاومة، خاصة في الفترة المرضية التي تسبق حدوث السعال.يتميز مرض السعال الديكي بنوبات من السعال الحاد المتواصل لدى العديد من المصابين وتكون خارجة عن السيطرة، وهذا يجعل التنفس صعبا، ويعقبها في بعض الأحيان صوت شهيق التنفس العالي ولا تكون القصبة الهوائية مفتوحة تماما، ما يؤدي إلى حدوث صوت يشبه الصياح، وهو ناجم عن محاولة المصاب التقاط أنفاسه بعد السعال، ومن هنا جاءت تسمية المرض بالسعال الديكي، ومن الممكن ألا يصدر هذا الصوت لدى البعض كما أن هذا الصوت هو العلامة الوحيدة على إصابة بعض المراهقين والبالغين بهذا المرض، وتُسبِّب هذه الحالةُ نوبات من السعال المتكرِّر، ومن الممكن أن تستمرُّ شهرين أو ثلاثة أشهر أو أكثر، ويمكن أن تُسبِّب توعّكاً شديداً للأطفال المصابين بها، والسعال الديكي يصيب الشخص في أي سن إلا أنه أصبح الآن أكثر شيوعا لدى الأطفال الصغار قبل إكمالهم التطعيمات المضادة لهذا المرض، فضلا عن البالغين الذين تلاشت لديهم المناعة ضده.البكتيريا البورديتيلة بكتيريا البورديتيلة الشاهوقية السبب في الإصابة بالسعال الديكي، حيث تغزو ممرات الهواء عند الإنسان، ومن ثم تتضاعف أعداد البكتيريا بصورة كبيرة، وتقوم هذه الاعداد بإفراز سموم تؤثر على قدرة الجهاز التنفسي على طرد أي ميكروبات وجراثيم يكتشفها، ويحدث تراكم المخاط الغليظ داخل ممرات الهواء، مسبباً سعالا غير متحكم فيه، كما تؤدي البكتيريا إلى حدوث التهابات تعمل على ضيق ممرات الهواء، وتعوق عملية التنفس التي تتم عن طريق الرئة، وهذا الضيق يجعل الشخص كأنه يلهث للحصول على الهواء من أجل التنفس، والسعال الديكي مرض معدٍ حتى في بداياته، وتظل احتمالية انتشار العدوى قائمة حتى ينتهي المرض كلية، وتمتد فترة العدوى من أسبوع من بدء التعرض للعدوى حتى 3 أسابيع بعد ظهور الأعراض على المريض، وتنتقل العدوى إما بطريقة مباشرة عن طريق الرذاذ المتطاير من المريض بالسعال أو العطس، أو بطرق غير مباشرة وذلك باستخدام أدوات المريض الملوثة بالميكروبات، ويمكن ان تنخفض فعالية الأمصال والتطعيمات لدى الكبار والصغار مع مرور الوقت، فالبالغون الذين لا يحصلون على لقاح التعزيز يمكن ان يصابوا بالعدوى وينقلوها إلى الأطفال والصغار الذين لم يحصلوا على التطعيم الكامل ضد السعال الديكي عرضة لخطر التقاط العدوى.شبيه بنزلات البرد عادة ما تستغرق أعراض السعال الديكي للظهور على المريض أسبوعا واحدا بعد إصابته، وتشمل هذه الأعراض السعال المستمر الحاد الذي يحدث في مجموعات من النوبات، ويتبعه تقيؤ الحليب والطعام والمخاط، ثم تغيّر لون الوجه أثناء السعال، ثم شهقة عالية عند التنفس، وتشبه الأعراض الأوَّلية لنزلات البرد، مثل سيلان الأنف والدمع من العينين، مع احمرار العينين، وألم في الحلق، وارتفاع طفيف في درجة الحرارة لا يتجاوز في الغالب 38.8 درجة مئوية، وتبدأ هذه الأعراض بعد أسبوع من انتقال البكتيريا المسببة للمرض إلى جسم الطفل، ونوبات السعال الشديد والحاد تبدأ ما بين أسبوع إلى 10 أيام من بدء الأعراض المشابهة لنزلات البرد، وغالباً ما تدوم النوبةُ الواحدة بضعَ دقائق، وتميل إلى الحدوث ليلاً أكثر من النهار، وأيضا يخرج مع السعال مخاطٌ كثيف القوام، ومن الجائز أن يتقيَّأ المريض بعدَه، وشدةُ السعال تؤدي إلى احمرار الوجه، ومن الممكن أن يواجه الأطفال الصغار انقطاعاً مؤقَّتاً في التنفس، يؤدِّي إلى تبدل لون البشرة إلى اللون الأزرق، على الرغم من أنَّ التنفس يعود مجدَّداً وبسرعة، ولكنَّ مظهرَ الطفل يبدو مُقلِقاً أكثر مما هو في الحقيقة، وأعَرَاضُ السُعال من الجائز ألا تظهر عند الطفل إذا كان صغيراً، ولكن تُلاحظ عليه فترات قصيرة من انقطاع التنفس، وبعدَ فترة من الزمن تتراجع شدة نوبات السعال وعددها، ثم تتوقَّف نهائياً بعدَ فترة تصل إلى بضعة أشهر أحياناً. خطر الموت معظم الأطفال المصابين بالسعال الديكي يتجاوزون مرحلة الخطر بدون وجود أي تأثير دائم، لكن احتمالية حدوث المضاعفات قائمة حتى تمام زوال العدوى، وتكمن هذه المضاعفات في أمراض سوء التغذية، والالتهابات الرئوية، والتهابات الأذن الوسطى والشعب الهوائية، والنزيف تحت الجلد أو نزيف الأنف والعينين أو نزيف المخ، وذلك بسبب زيادة الضغط داخل الجسم نتيجة حدة السعال، كما أن عامل الخطر الرئيسي هو عدم التطعيم ضد السعال الديكي، وتعرض الأطفال الأصغر عمرا لأقرانهم الأكبر سنا والكبار المصابين بالالتهاب، فيصبحون عرضة لالتقاط العدوى، كذلك الأطفال الرضّع يمكن ان يمرضوا بشكل سريع عند تعرضهم للآخرين المصابين بالعدوى، ويمكن ان يكون المرض مؤذياً لهم، فتصل المضاعفات إلى الالتهاب الرئوي، وتوقف التنفس والنوبات إلى درجة حدوث الوفاة، ويرجع ذلك إلى ان مجاري الرضع الهوائية صغيرة ويتم انسدادها بالكامل، وبصفة عامة فإن نسب الإصابة بالسعال الديكي في تزايد وليس نقصانا وذلك لسببين، الأول أن التطعيم الوقائي الذي يأخذه الإنسان خلال مرحلة الطفولة مفعوله يتلاشى، تاركاً أغلبية المراهقين والكبار عرضة للإصابة بالعدوى، وذلك أثناء تفشي السعال الديكي حيث توجد أوقات لانتشاره منتظمة الحدوث، والثاني أن الأطفال لا يكونون محصنين ضد السعال الديكي بشكل كلي، إلا بعد أخذ ثلاث جرعات على الأقل من التطعيم، وبذلك يكون الطفل في سن ستة أشهر وأصغر عرضة لمخاطر الإصابة بالعدوى.6 أسابيع يعتمد علاج السعال الديكي على عمر المريض وطول فترة إصابته بالعدوى، حيث يكون من الضروري عادةً تقديمُ العلاج في المستشفى للأطفال دون ست سنوات، والذين يعانون من إصابة شديدة بالمرض، والمرضى المصابين بأعراض شديدة، يُعطى المريض الذين انتقلت إليه العدوى منذ أقلّ من ثلاثة أسابيع مضادَّات حيوية، لكي يتناولوها في المنزل، وتهدف هذه المضاداتُ إلى إيقاف انتشار العدوى، ولكنَّها من الممكن ألا تُقلِّل من شدة الأعراض، والمرضى الذين انتقلت إليهم العدوى منذ أكثر من ثلاثة أسابيع لا يعطون أي علاجات نوعية، وذلك لأنهم لم يعودوا ناقلين للعدوى بعدَ تلك الفترة، كما لا يُتوقع أن تُحسِّن المضادات الحيوية من حالة المريض، أما في حالة رعاية طفلٍ مُصاب بالسعال الديكي في المنزل، فيجب تقديمُ وفرة من السوائل له، ومساعدته على التخلُّص من المخاط في الفم، وإعطائه بعض الأدوية المسكنة للألم والخافضة للحرارة، مثل الباراسيتامول، ينبغي تجنُّبُ استخدام أدوية السعال، وذلك لأنها غير مناسبة للأطفال الصغار من جهة، ولا تُخفِّف كثيراً من شدة السعال من جهة أخرى، وبالنسبة للأطفال الكبار والمراهقين والرجال، فيوصى لهم بالراحة في الفراش مع علاج من المضاد الحيوي، وعلى الرغم من أن المضادات الحيوية لا تعالج السعال الديكي إلا أنها تقصر من مدة استمرار المرض، وتقلل حدة نشر العدوى للآخرين، والاستجابة البطيئة للعلاج تتطلب أن تستمر المضادات الحيوية على مدار أسبوعين على الأقل، وإذا تطور المرض إلى نوبات حادة للغاية من السعال، فإن المضادات الحيوية لن تكون فعالة لكنها تظل مستخدمة، وعامة حالة السعال الديكي تتماثل للشفاء في خلال ستة أسابيع ومن الممكن أن تستمر لفترة أطول. 50 مليون مصاب تشير الدراسات إلى أن السعال الديكي من الأمراض واسعة الانتشار، نظراً لأنه شديد العدوى، وتبلغ الإصابات ملايين الحالات سنوياً حول العالم، وكان من أحد أسباب الوفاة للأطفال قبل عمليات التطعيم الإجبارية، ومع وجود هذه التطعيمات تناقص عدد المصابين إلى حد كبير، لكن تظل نسبة الإصابات مرتفعة في البلاد النامية، والتي لا يتمتع فيها كل الأطفال بالتطعيم الإجباري، أو في حالة استخدام تطعيم ضعيف، ويكفي أن نعرف أن عدد الإصابات على مستوى العالم يصل إلى نحو 50 مليوناً تقريباً، وتبلغ نسب الوفيات جراء المرض نحو 290 ألف حالة كل عام، ويصيب المرض في الأغلب الأطفال، وإن كان من الممكن أن يصيب المراهقين وأحياناً البالغين خاصة كبار السن، كما أن نسبة العدوى من المرض عالية جداً وتقريباً يمكن أن تصل إلى 99% من المحيطين بالمريض، خاصة الذين لا يتمتعون بالمناعة القوية أو الذين لم يخضعوا للتطعيم، وتنتقل العدوى من الأم للجنين، فيمكن إصابة الرضع الذين تقل أعمارهم عن عام واحد، وتبلغ نسبة الإصابة نحو 10% من الحالات، والإصابة في الرضع تكون شديدة الخطورة، حيث يمكن أن تؤدي إلى الوفاة، ونحو 99% من الوفيات نتيجة للمرض في الأطفال، وتحدث الإصابة في نهاية فصل الصيف وبداية فصل الشتاء.

مشاركة :