صدرت موافقة المقام السامي الكريم على المقترح المرفوع من صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بتبني الدولة إقامة مشروع "واحة القرآن الكريم في المدينة المنورة". وتضمنت الموافقة تخصيص أرض لواحة القرآن الكريم في المدينة المنورة تسلم للهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، لإقامة مشروع الواحة، وقيام الهيئة - بالتنسيق مع وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، وأمانة منطقة المدينة المنورة، وهيئة تطوير المدينة المنورة - بتطوير الموقع ليستوعب جميع عناصر المشروع، وذلك بالشراكة مع القطاع الخاص. ورفع صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني الشكر إلى مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - على دعمه الكبير لمشروع واحة القرآن الكريم. كما أعرب سموه عن تقديره لصاحب السمو الملكي أمير منطقة المدينة المنورة رئيس هيئة تطوير المدينة المنورة ولمعالي وزير الشؤون الإسلامية وأمانة المدينة المنورة وجميع من يشارك في هذا المشروع لأجل أن يرى النور بالشكل الذي يليق بشرف موضوعه وخصوصيته. واعتبر سموه أن مشروع واحة القرآن الكريم بمثابة حلقة مهمة في سلسلة عناية الدولة منذ قيامها بالقرآن الكريم وخدمة علومه والإسهام في حفظه ونشره وإبراز كنوزه ومعجزاته، مبديًا تشرفه بتقديم هذا المقترح لتأسيس أهم متحف على مستوى العالم للقرآن الكريم وإبراز كل ما يسهم في فهمه ونشره، وما يتعلق بالعناية به عبر العصور. وأكد أن موافقة خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - على إقامة هذا المشروع التاريخي، تأتي في سياق عناية مقامه الكريم بخدمة الحرمين الشريفين والقرآن الكريم وكل ما يخدم الدين الإسلامي العظيم، حيث شرف الله هذه البلاد بأن تكون حاضنة لقبلة المسلمين وأطهر البقاع ومهبط الوحي، ومنبع الرسالة ومواقع نزول كتاب الله على نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم، وحاضنة مواقع التاريخ الإسلامي. فهذه البلاد قامت على هدي الشريعة الإسلامية السمحاء وتستمد عزتها وبقاءها بتمسكها بالعقيدة الصافية وتعاليم الإسلام والقيم التي توافق عليها أهل هذه البلاد ويتفانون للعمل بها وإبرازها، والعناية بالقرآن الكريم وتقديم كل ما يتعلق به لزائري مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مما يتطلع له كل مواطن ويسعى الكل للمشاركة في الإسهام فيه قربة لله ومحبة لرسوله - صلى الله عليه وسلم - وعملاً بمقتضى الانتساب لهذه البلاد التي حباها الله بهذا الشرف. وأضاف سموه: "شرفنا الله بأن نكون في بلد نزول القرآن، ويهمنا أن نُعّرف بتاريخ الإسلام في البلد الذي يتشرف باحتضان المواقع التي نزل فيها القرآن ودارت فيها أحداث التاريخ الإسلامي منذ فجر الإسلام، وهذه الواحة ستضم متحفًا وقاعات ومراكز تعليم وجذب لكل الأعمار والاهتمامات". وكان الأمر السامي الكريم قد صدر في عام 1433هـ بتشكيل لجنة لدراسة المقترح الذي تقدم به الأمير سلطان بن سلمان لإنشاء واحة للقرآن الكريم بالمدينة المنورة من جميع جوانبه والرفع عن ذلك، وقد انتهت اللجنة إلى تكليف هيئة تطوير المدينة المنورة بمشاركة فريق متخصص من الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني (قطاع الآثار والمتاحف) ووزارة الشئون الإسلامية ووزارة المالية وأمانة منطقة المدينة المنورة بدراسة فكرة المشروع، والإشراف على اعتماد التصاميم. وقامت الهيئة وإمارة منطقة المدينة المنورة وهيئة تطوير المدينة المنورة بالدعوة إلى مسابقة عالمية للأفكار التصميمية لواحة القرآن الكريم، وإعداد كراسة الشروط المرجعية للمسابقة وتأهيل كبار المعماريين العالميين المتخصصين والمكاتب الاستشارية المتميزة الدولية في هذا المجال وصولاً إلى اختيار التصميم الفائز من قبل لجنة تحكيم من أهم مهندسي الدول الإسلامية ومهندسين عالميين واعتماد النتيجة من قبل سمو رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني وسمو أمير منطقة المدينة المنورة. الجدير بالذكر، أن مشروع واحة القرآن الكريم يعد مشروعًا علميًا وإثرائيًا متخصصًا يضم عروضًا متحفية، ومعروضات تفاعلية سمعية وبصرية عن أهم المواضيع ذات العلاقة بالقرآن الكريم تصاحبها بيانات ومعلومات متكاملة بأسلوب يجعل من هذه الواحة معلمًا حضاريًا ومعرفيًا متميزًا على المستوى العالمي. ويهدف المشروع إلى ربط الماضي التاريخي للمصحف الشريف مع مرحلة الانطلاق نحو المستقبل، وإيجاد مؤسسة تعليمية تعرض كل ما له علاقة بالقرآن الكريم، وتوفير الجانب التثقيفي والتشويقي الذي تقوم به الواحة من خلال النشاطات الاجتماعية والثقافية والمحاضرات والملتقيات العلمية والبرامج التعليمية للناشئة والأسرة، كما سيضم أهم المخطوطات والمصاحف. ويتكون المشروع من بهو الاستقبال وعدد من قاعات العرض والفصول المتحفية ومكتبة وقاعة محاضرات كبيرة ومرافق للإدارة ومعامل للصيانة والترميم، ومسجد رئيس، وساحة خارجية كبيرة تحيط بها الحدائق وصفوف النخيل والمسطحات المائية. وتشمل المواضيع التي سوف تعرض في الواحة: كتابة المصحف وزخرفته وتجليده، وتنزيل القرآن وترتيله، وعلوم القرآن، وصناعة المصحف، والإعجاز في القرآن الكريم، وقصص القرآن، وفنون المسلمين المرتبطة بالقرآن، وقاعة للطفل، وسيكون العرض وفق التسلسل التاريخي منذ ظهور الإسلام وحتى العصر الحديث. ولا تعد الواحة مجرد مكان للعرض المتحفي فقط، وإنما تمثل مركزًا متكاملًا يقدم عروضًا مرتبطة بالقرآن الكريم باستخدام تقنيات رقمية ومرئية حديثة تمكن جميع المسلمين ـ وأجيال الشباب على وجه الخصوص - من زيادة تفاعلهم مع كتاب الله الكريم، بالإضافة إلى إجراء الدراسات والبحوث والنشر في الموضوعات المتصلة بعلوم القرآن، وهناك ما يزيد على ثلاثة آلاف مخطوط للقرآن الكريم، أهديت إلى المسجد النبوي الشريف من المسلمين من جميع أنحاء العالم على مر العصور، وبعضها يعود تاريخه إلى القرن الثالث الهجري، وسيخصص لها مكان مناسب في الواحة. وقد تم تخصيص أرض الواحة على طريق الملك سلمان بمساحة تقارب 200 ألف متر مربع، وتقع الواحة بالقرب من مطار الأمير محمد بن عبدالعزيز مما يسهل على جميع سكان المدينة المنورة وزوارها زيارة هذا المعلم عند انتهائه.
مشاركة :