في كلِّ عام يصادف 26 أبريل اليوم العالمي للملكية الفكرية والمملكة إحدى الدول التي تحتفل بهذه المناسبة، وحماية الملكية الفكرية تعد عنصرًا مهمًا من عناصر السياسات الاقتصاديَّة الوطنيَّة، وانعقد المنتدى السعودي الثالث للملكية الفكرية لهذا العام 2014م في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية في الفترة من 22-24 أبريل، شاركت فيه القطاعات الحكوميَّة التالية (وزارة الثقافة والإعلام، وزارة التجارة والصناعة، الجمارك السعوديَّة والمنظم مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية).يضاف إلى أن الملكية الفكرية هي أحد أنواع الملكيات التي تخضع بشكل تام لكل أنواع الحمايات وفق جميع الشرائع والقوانين وهي كما معلوم ذلك المفهوم الذي يسمح لمبدع الفكرة أو مالك البراءة أو العلامة التجاريَّة بالاستفادة من نتاجه الفكري أو العلمي أو الأدبي حيث تَمَّ توضيح ذلك بجلاء من خلال المادّة (27) من الإعلان العالمي لحقوق الإِنسان. والعالم اليوم يعيش ثورة تكنولوجية متواصلة صناعيَّة وثقافية ذوات سرعات خيالية وأبعاد غير متناهية يحتاج بداهة إلى ضوابط تحيط بهذا الكم من التطوّر بسرعته وتَضمَّن حماية جميع جوانبها ولا سيما الجانب التملكي فيها الذي يُعدُّ من أهمها ويمثِّل موقع المركز فيها. وكذلك الصناعات التي لا تفتر عن التطوّر المستند أساسًا إلى الأفكار المبدعة وسلاسل الاختراعات والتجديد والتطوّر كلّّها تحتاج إلى ضوابط ومسؤولية متابعتها وحمايتها. فإن قيام أية نواة لصناعة تكنولوجية أو برمجة ضمن المملكة العربيَّة السعوديَّة أو أية دولة أخرى من دول العالم الثالث لا بُدَّ أن تستند إلى جملة من القوانين الدقيقة التي تَضمَّن الحماية الفكرية وحقوق الملكية، فإنَّ تطوّر النظم التجاريَّة والصناعيَّة والتكنولوجية يدفع بالمشرعين تلقائيًّا إلى تطوير تشريعاتهم وجعلها موالية للتطوّر الحاصل تحت مظلة المصلحة الوطنيَّة. إن من يظن أن الحق الفكري هو حق مستباح لكل من يريد استباحته هو إنسان تخلف عن ركب التفكير والمتابعة ذلك أن كلاً من الإبداع وسرعته اللذين ساهما بشكل مباشر في رفع عملية التقدم العلمي على المستوى العالمي فالتقدم الحديث في مجال الطب ـ على سبيل المثال ـ لم يكن ليتحقق لولا الحمايات المضمونة بالبراءات التي تسمح بتمويل الأبحاث مستندة في آن واحد إلى العائد المكتسب المضمون. كما أن صناعة البرمجيات أو صناعة المواد الإعلاميَّة المرئية والمسموعة من أفلام وأقراص وخلاف ذلك من الأوعية على اختلاف تنوعها وكذلك الأجهزة والعلامات التجاريَّة وغيرها... لم تكن لتصل إلى هذا الحدّ العظيم من التطوّر على المستوى العالمي لولا الحماية التي اكتسبتها من قوانين حقوق التأليف ولوائحها التنفيذية الدقيقة وبالتالي فقد كسب المجتمع الذي أولى مسألة الحماية أهميتها الكافية عوائد تمثلت بمليارات الدولارات والأمر إلى مزيد. وينطوي تحت عنوان (الملكية الفكرية كل المصنفات الأدبيَّة والفنيَّة والشعارات والأسماء والصُّور التي يتم تداولها جميعًا في مجالات الصناعة والتجارة. كما تشمل هذه الملكية الاختراعات والرسوم والنماذج الصناعيَّة والدوائر المتكاملة والعلامات التجاريَّة وبيانات المصدر وتُعدُّ جميعها فئة أولى من فئات الملكية الفكرية. أما الفئة الثانية فتشمل حق المؤلِّف من صون مصنفاته الأدبيَّة من روايات وقصائد شعرية ومسرحيات وأفلام أو مصنفات فنيَّة من رسوم أو لوحات أو صور أو منحوتات أو تصاميم معمارية في حين أن الحقوق المجاورة لحقوق المؤلِّف تشمل حقوق فناني الأداء وصحة أدائهم ومنتجي التسجيلات الصوتية والهيئات الإذاعيَّة وبرامجها التلفزيونية. وحيث إن لجنة النظر لمخالفة نظام حماية حقوق المؤلِّف بوزارة الثقافة والإعلام بصفتها الجهة المفسرة والموضحة لمواد النظام ومن مهامها استقبال جميع القضايا والمخالفات التي تحال إليها من الإدارة العامَّة لحقوق المؤلِّف وفروعها في جميع مناطق المملكة، وتراعي اللجنة في كلِّ تشكيل لها متطلبات التقاضي المنصوص عليها في نظام المرافعات الشرعية وتعمل بشكل تدريجي على تطبيق العقوبات الواردة في النظام بما يتناسب وحجم وجسامة المخالفات كما تراعي تنوع وكثرة أساليب انتهاك حقوق الملكية الفكرية.إن لجنة النظر لحماية حقوق المؤلِّف على يقين دائم بمراجعة ودراسة معايير العقوبات التي تصدرها، فقد تَمَّ مراجعة دليل العام المنصرم واعتماد الدليل الحالي لهذا العام الذي يتوافق مع حجم المخالفات وتكرارها مع الأخذ بعين الاعتبار التوجُّه الدولي والمعاهدات التي التزمت بها المملكة في قطاع الملكية الفكرية. وقامت اللجنة في هذا العام باستصدار القرارات الرادعة التي تمثِّل التفاعل والجدية في تطبيق نظام حماية حقوق المؤلِّف وبلغ عددها (600) ستمائة قرار بغرامات في الحقِّ العام والخاص، مع الحرص التام على تطبيق ما ورد في الأمر السامي الكريم بشأن عدم عودة المملكة إلى قائمة (301) بمتابعة من معالي وزير الثقافة والإعلام ونائبه معالي الدكتور عبد الله صالح الجاسر الذي يشرف مباشرة على الإدارة العامَّة لحماية حقوق المؤلِّف، وجاء نتيجة ذلك أن بقي اسم المملكة خارج قائمة الدول المنتهكة لحقوق الملكية الفكرية لعام 2013م وذلك نتيجة للجهود التي بذلتها الأجهزة الحكوميَّة المعنية في المملكة مما ينعكس على سمعة المملكة الدوليَّة وأثرها على عدالة المنافسة التجاريَّة وخلق جو طمأنينة للمستثمرين والشركات التجاريَّة والخدميَّة في مجال الاقتصاد المعرفي. محمد بن عبد الله السلامة - رئيس لجنة النظر لمخالفة نظام حماية حقوق المؤلِّف بوزارة الثقافة والإعلام
مشاركة :