تمتّع لأقصى درجة قبل أن تغادر بيت أهلك!

  • 3/21/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

حين تكون أنت ذاك الإنسان الذي يصفونك بالمدلل فاعلم أنك في بيت أهلك، وإن كنت تشبع من النوم وتنام وتستيقظ متى شئت وكيفما شئت وبالوضعية التي تعجبك فاعلم أنك ما زلت في بيت أهلك، وإن استيقظت وعضلات جسمك سليمة من أي شد عضلي أو تمزق عضلي أو بكاء عضلي بسبب انسحابك من سرير طفلك الذي لا يتجاوز عرضه النصف متر فتتلوّى وتصبح كالبهلوان وأنت تنسحب من سريره بعد أن تأكدت أنه قد نام، وذلك بعد معاناة وصراع معه، وبين مناوشات ومد وجزر ومفاوضات ورشاوى كي يقتنع بفكرة النوم التي تتوسلها أنت نفسك ممن حولك فاعلم أنك ما زلت في بيت أهلك! إن كنت تستطيع أن تنام ثلاث ساعات متواصلة في الليل دون أن تستيقظ خلالها فاعلم أنك في بيت أهلك، إن دخلت الحمام وجلست فيه ساعة دون تأنيب ضمير؛ لأنك دخلت عليه لمدة دقيقتين وأنت تترك طفلتك الصغيرة مع رضيعك فتخاف أن تلتهمه من نوبات الغيرة المفاجئة فاعلم أنك في بيت أهلك. إن كنت تنظف أسنانك وتستغرق في تنظيف السن الواحدة خمس ثوانٍ بدلاً من أن تنظفها جميعها في خمس ثوانٍ فاعلم أنك في بيت أهلك. وإن كنت تنام على نغمات الموسيقى الهادئة بعد يوم رائع قضيته مع أصدقائك وتعتبره يوماً متعباً وأنت الذي أصبحت تنام بعد يوم مرهق دون سماع صوت بكاء، وتعتبر ذلك رفاهية، فاعلم أنك في بيت أهلك.. إن كنت تختار من الطعام ما يحلو لك وإن لم يعجبك ما أعدّت أمك من طعام فتتصل بالمطعم وتطلب ما تشاء، وأصبحت الآن تأكل بقايا الطعام الذي لم يأكله أطفالك؛ لأنه لم يعجبهم بعد أن أمضيت وقتاً لا يستهان به في المطبخ لإعداده فاعلم أنك في بيت أهلك! إن كان أقصى أمانيك نوماً متواصلاً، وساعة تخلو فيها مع النفس، وكوب قهوة "ساخناً" تشربه دون مقاطعة من أحد، وخروجاً مع أصدقاء دون مقاطعتهم مرات ومرات لإطعام طفلك وتغيير حفاضته وتهدئته وتنويمه.. أن تغسل وجهك في الصباح وأنت تستوعب ماذا تفعل، أن تغسل أسنانك وأنت مقتنع أنها قد نظفت وليس فقط قد تذوقت طعم معجون الأسنان، أن تختار ملابسك في الصباح على ذوقك وليس على ذوق خزانتك وما تجده أمامك من العجلة لتلحق أن توصل أطفالك إلى المدرسة، أن تسمع موسيقى تعجبك في السيارة وليس موسيقى الأطفال التي أصبحت تهلوس بها في منامك وصحوك، أن تذهب لتتسوق لنفسك فقط وليس أن تكون آخر من يُفكر به للتسوق، أن ترى سيارتك خالية من قطع البسكويت أو نقط الحليب أو الألعاب التي دخل الأطفال معها في عراك فأصبحت شبه دمى، وأنت الذي كانت سيارتك مضرب المثل في نظافتها ولمعانها، إن كان أقصى أمانيك أن ينام هؤلاء المشاكسون "بعد أن بهدلوك خلال اليوم"، وهم سعداء ودون تأنيب ضمير منك بأنك أسأت معاملتهم أو قصرت في حقهم، وأن تنسى جميع ما ذكر لمجرد ضحكة من أعماق قلوبهم الغضة الطرية فاعلم أنك إنسان على هيئة أُم. ذلك أن ليس كل أم وليس كل مَن أنجب هو من يشعر بالأمومة، فقد تشعر بمشاعر الأمومة مع الأطفال وأنت لم تتزوج بعد، أو لم يقسم لك الله الأولاد بعد، وللعلم ليس بالضرورة أن تكون أنثى، فقد تكون رجلاً وقلبك مغمور بمشاعر الأمومة أكثر من الأم نفسها! فالأم التي تربي وتسهر ولا تطلب مقابلاً، وليس فقط من تذهب للمستشفى لتضع هذا المولود الذي تسلمه لأمه الجديدة "الخادمة أو المربية أو حتى البيئة المحيطة به دون متابعة"، التي إن تحملته وصبرت عليه فهي في رأيي أمه الحقيقية وأمه الروحية التي تستحق لقب الأم الحقيقي! فلتدلل طفلك قبل أن يغادر بيتَ أهله! ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

مشاركة :