تجارة الرقيق تزدهر على بوابات المدن السياحية الإيرانيةيفتح تتويج مدينة مشهد بلقب عاصمة الثقافة الإسلامية، الذي سعت إليه طهران بشكل كبير لأنه يخدم مشروعها السياسي الخارجي، الباب أمام البحث في خفايا هذه المدينة بما يجعلها عاصمة للثقافة الإسلامية في آسيا 2017، حيث تبيّن أنّ السياح لا يأتون فقط لهذه لمدينة المشهورة بمزاراتها للسياحة الدينية بل أيضا بحثا عن المتعة الجنسية.العرب [نُشر في 2017/03/22، العدد: 10579، ص(12)]زوجات بالساعة واليوم في إيران مشهد (إيران) - لم يكن يعلم الإيرانيون أنّ محاولاتهم المستميتة من أجل تتويج مدينة مشهد بلقب عاصمة الثقافة الإسلامية لسنة 2017، ستفتح أبواب المدينة المغلقة وتكشف عن أسرار كثيرة أخرى، من بينها أنها تعتبر أنها أحد أشهر المناطق والمدن السياحية التي ينتشر فيها زواج المتعة، في مفارقة يعتبرها المراقبون أفضل تجسيد لازدواجية الواقع الإيراني. وتبنّت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) عام 2011 برنامج عاصمة الثقافة الإسلامية التي تسند سنويا إلى ثلاث مدن إسلامية عريقة، في العالم العربي وأفريقيا وآسيا، وتم انتخاب مدينة مشهد عاصمة الثقافة الإسلامية في آسيا لعام 2017. والباحث في أسباب اختيار مشهد تحديدا سيجد مبررات تاريخية كثيرة تستحق أن تكون من أجلها مشهد عاصمة للثقافة الإسلامية، لكنه سيفاجأ في الوقت نفسه بما تحمله هذه المدينة، وغيرها من مدن إيران حيث التنظيم المتشدد يحكم قبضته على الحريات من تناقضات. أنجبت مشهد العشرات من العلماء والمفكرين والمبدعين في الشعر والأدب والمعرفة والنجوم والفلك الذين أثروا الثقافة الإسلامية، وهي مركز محافظة خراسان وثاني أكبر مدينة في إيران بعد طهران. وتُعرف المدينة بكثرة مزاراتها والمقامات ما جعلها مقصدا سياحيا هاما. لكن تقريرا لصحيفة الغارديان كشف أن السياح الذين يتوافدون بأعداد كبيرة على المدينة، لا يأتون فقط لزيارة الأماكن المقدسة بل أيضا بحثا عن المتعة الجنسية. لذلك، ينتشر في مشهد، الموجودة شمال شرقي البلاد، زواج المتعة، وهو “زواج” مؤقت معترف به عند الشيعة، فيما يعتبره المعارضون له محاولة لتقنين ممارسة البغاء وإضفاء شرعية دينية عليها.مسؤول إيراني يكشف أنه مقابل كل 10 حالات زواج دائم يتم تسجيل حالتين من الزواج المؤقت الذي انتشر في البلاد عاصمة الثقافة الإسلامية أعلن رسميا عن مشهد عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2017، في 24 يناير 2017، ضمن احتفالية شاركت فيها 250 شخصية سياسية وثقافية من 51 دولة، إلى جانب مسؤولين ومفكرين إيرانيين اختارتهم السلطات المعنية بدقة وكلفتهم بالترويج للحدث باعتباره “فرصة قيّمة لتعزيز الحوار الثقافي بين الدول الإسلامية”، وأنه “بمثابة بداية عهد جديد في تعزيز العلاقات بين الدول الإسلامية”. وذكرت مواقع إخبارية إيرانية أن هذا الإعلان جاء خلال مراسم أقيمت في مشهد برعاية وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي الإيراني رضا صالحي أميري. وقال، بالمناسبة، رئيس محافظة خراسان، علي رضا رشيديان، إن “مشهد باعتبارها أكبر مدينة دينية في العالم الإسلامي وانطلاقا من موقعها التاريخي والجغرافي الاستراتيجي تستطيع وبجدارة أن تلعب دورا أساسيا في مشروع الحضارة الإسلامية الجديدة”. ومنذ انطلاق الفعالية تعمل الجهات الإيرانية على التسويق لأهمية المدينة التي كانت على مدى قرون مفترق التبادل الثقافي وتلاقح الآراء، وتقول إن “أهميتها ازدادت بعد تحوّلها رسميا إلى منطلق للدبلوماسية الثقافية، التي تقوم على أساس العلاقات بين الشعوب المختلفة، الأمر الذي يميّزها على الدبلوماسية السياسية”. لكن، لم يعُد بمقدور النظام الإيراني التجمّل وإخفاء ما يجري في العوالم السرية وخلف الأبواب المغلقة، في عصر الإنستغرام وتويتر وفايسبوك. تعرض هذه المنصات الجانب الديني من مشهد لكنها أيضا تعرض ما لا يريد النظام الكشف عنه، وربما ما يخفى حتى عن أعين السلطات المتشددة، خاصة بعد أن نشرت صحيفة الغارديان تقريرها، في عام 2015، الذي صدم حتى الإيرانيين أنفسهم، حين تحدث عن تجارة الرقيق الأبيض في هذه المدينة. ويذكر عبدالصمد كريمي، المعارض الإيراني المقيم في الولايات المتحدة في تصريحات صحافية، أنّ “أكثر من 60 في المئة من قاصدي مدينة مشهد، يأتونها لأجل الجنس، بينما يأتي ما نسبته 20 في المئة لأجل التجارة، وتأتي النسبة المتبقية لأسباب دينية، وهي في غالب الأمر من عامة الشعب”. تقع المدينة أقصى إقليم خراسان بالقرب من مدينة طوس القديمة، التي يقصدها الآلاف من الزوار لزيارة المراقد الشيعية. وأفاد محمد مهدي، وهو مسؤول عن التخطيط والتنمية في مشهد، أن المدينة يقصدها حوالي 1.5 مليون سائح سنويا، من بينهم 23 في المئة من العراقيين. إلا أن مدينة مشهد لا تعدّ مزارا لطالبي السياحة الدينية فحسب وإنما هي وجهة للراغبين في إشباع رغباتهم الجنسية. في مشهد تعرض المومسات على السائحين والزبائن الزائرين للمدينة خدماتهن الجنسية بشكل علني وصريح، برعاية وسطاء (بعضهم رجال دين ممن يجيزون زواج المتعة) وفي مقابل ذلك يحصلون على ضرائب. وينتشر هذا النوع من الزواج، الذي تمنعه مذاهب أهل السنة، بينما يحكم المذهب الشيعي بصحته، بشكل كبير في إيران، إلى درجة أن البعض من التقارير الإيرانية تكشف أن السلطات تفكر جديا في حظره، خصوصا مع تسجيل ارتفاع كبير في نسبة الأمراض المنقولة جنسيا في البلاد بسببه.لم يعد بمقدور النظام الإيراني التجمل وإخفاء ما يجري خلف الأبواب المغلقة في عصر الإنستغرام وتويتر وفايسبوك الباحثون عن المتعة منذ أعوام خرجت دعوة من وزير الداخلية الإيراني الأسبق بور محمدي إلى إشاعة الزواج المؤقت “زواج المتعة” لمواجهة المشكلات الجنسية عند الشباب، الأمر الذي انعكس على قيام الشباب الإيرانيين في الفئات العمرية من 15 عاما فأكثر بإقامة علاقات جنسية، تحت هذه التسمية. وذات الأمر يتم بين السياح والمومسات في مدينة مشهد، فهذا الزواج المؤقت يمكن أن يدوم بضع ساعات؛ حيث يُحدد “الزوجان” الوقت، وبمجرد انتهاء الفترة الزمنية يتم الطلاق، علما وأنّ زواج المتعة كان في الأصل يستهدف الأرامل. ويشتهر الشارع الرئيسي وسط المدينة بفنادقه ذات الخمس نجوم، والتي تمتلئ بالباحثين عن الجنس، في عالم “سفلي” لا يدري العالم الخارجي عنه شيئا. وهذا العالم السري هو عبارة عن منازل بعيدة عن الأعين، وعن الفنادق غير الآمنة في كثير من الأحيان، وخصوصا بعد أن انتشر خبر الحقيقة الخفية للمدينة وما يجري فيها تحت راية السياحة الدينية. ويذكر تحقيق لموقع “مرآة سوريا” أن شارع “كامياب” يعرف شارع السياحة الجنسية، وبه أكثر من 70 منزلا للدعارة، ويليه في الأهمية شارع معلم، في حين ينتشر أكثر من 230 منزلا في شوارع وأحياء أخرى من المدينة، أبرزها ساختمان وقاسم آباد وآزاد شهر وكوي وبلوار دوم طبرسي. ويقول كريمي إن “المكاتب الدينية المنتشرة في شوارع مشهد تتولى مهمة كتابة عقود زواج بين الزائر وبائعة الهوى، لتصبح علاقتهما قانونية”. ويوضح أحد وسطاء الدعارة أن “زاوج المتعة قد يكون لساعات وأحيانا يمتد لأسبوع، خصوصا عند الأثرياء، وتكون فيه المرأة على ذمة “زوجها” المؤقت ويمكن أن تسافر معه لقاء بعض الوقت في شيراز أو أصفهان، أو أي مدينة أخرى داخل إيران”. وكشف مسؤول إيراني أنه مقابل كل 10 حالات زواج دائم يتم تسجيل حالتين من الزواج المؤقت، منوها إلى أن الوضع الثقافي والديني أتاح انتشار الزواج المؤقت. ولم يعد الوسطاء ومكاتب الزواج فقط يشرفون على عملية التعارف بغرض زواج المتعة، حيث دخل مؤخرا تطبيق تلغرام، على الخط. فقد بدأ إيرانيون، في الآونة الأخيرة، عقد زواج المتعة عن طريق استخدام مجموعات مخصصة للتعارف في تطبيق تلغرام، من خلال الهواتف المحمولة. وبحسب ما أوردته صحيفة ابتكار، المقربة من الإصلاحيين في إيران، فإنّ “مجموعات تلغرام تتضمن تصنيفات للأشخاص بحسب مواصفاتهم، ويقوم المشتركون بانتقاء من يرغبون في عقد زواج المتعة معه”. وذكرت الصحيفة أنّ “آلية عقد النكاح عبر تلغرام تعتمد على تحديد الشخص المطلوب، وعرض مبلغ مادي للطرف الآخر، بمثابة مَهر، ومن ثمّ دفع أجرة الخدمات لإدارة المجموعة قبل عقد النكاح الذي تتراوح مدته بين يوم واحد و99 عاما، حسب رغبة الطرفين”. ولا تحدد إدارة المجموعات أي شرط، للذكور الراغبين في الاشتراك بالمجموعات، بينما تطالب النساء بملء استمارة توضّح بياناتهن الشخصية، ومزاياهن العامة، قبل قبول اشتراكهن .. فيما تمتنع المجموعة عن نشر صور المشتركات ويُحظر تسريبها إلى أي جهة، وذلك من منطلق الحفاظ على كرامة النساء”. وفاق عدد المشتركين في التطبيق 7 آلاف مشترك.
مشاركة :