أنهى الزميل سليم نصّار كتابة الجزء الأكبر من النسخة الثانية من «خارج الموضوع»، والتي تضم سلسلة لقاءات مع شخصيات سياسية وأدبية وفنية، أهمها اكتشافه إميل خوري، الرجل الثاني في «والت ديزني». ويروي الزميل أيضاً في النسخة الجديدة، حكايات متفرّقة عن: يخت هتلر في لبنان، وضحايا باخرة التيتانيك من البقاع والشمال، وكيف أخرجت المرحومة زلفا شمعون الشاعر الأميركي أزرا باوند من السجن؟ و يصدر الكتاب عن «دار الجديد». وكان الكاتب يوسف ابراهيم يزبك قدم الكتاب في كلمة يقول فيها: خارج الموضوع؟... أجل، إذا ظل الموضوع إياه: رصد سياسات عواصم المنطقة، والغوص في بحورها، واستقراء معالمها ومخابئها! وفي هذا الميدان، ما برح سليم نصار يتابع شؤون الشرق الأوسط وشجونه ويواصل عرض ما استقصى في إطلالاته الصحافية اليومية والأسبوعية، فيطلعنا على ما لم نعلم برويّة ودقة حيث الأنباء والتحليل والنقد المميز بالرصانة والمعرفة. وقد استمرت تلك الشيم سمته على مر الزمان. ففي تلك المجالات وهي في رأيه، الموضوع الأساسي، ما يزال سليم نصار، منذ بضعة عقود من السنين، الباحث الثقة والناقد المنزّه، فلم ينقطع عطاؤه ولم تنضب براعته بل بقي عذب المشرب، دمث الخلق، سلس السجيّة. قد يكون كتابه الأخير «خارج الموضوع» المحافظ على تلك الوجوه المميّزة، قد جاوز المرتع المألوف. لأن ميدان الصحافي المحلل تخطى هنا أولويات الديار العربية والشرقية. وقد تخلى عن الحدث الآني وملابساته وخلفياته وانتقل إلى العالم الأوسع فاختار صانعي التاريخ وأربابه ونجومه وسلّط الضوء على وجوه جهلها الكثيرون أو جهل نواحي مهمة فيها. وفي ذلك نهج محدث في التركيز على سيماء إنسانية لوجوه يجهلها الإعلام المألوف أو يتجاهلها: مانديلا، راسل، يوليوس قيصر... وفي هذا التجوال العالمي لا تمحي كل المشاعر الشخصية لكلامه عن نيكسون وبرتراند راسل وإميل خوري «الأستاذ الكبير»... فضلاً عن نواح إنسانية مؤثرة كالحديث عن ابنة ستالين. من أجل هذه، رأى الكاتب أن مؤلفه جاء خارج الموضوع، الموضوع المألوف، الذي يهم قارئ الجرائد والمجلات. هل صحّ المآل، إنه المرجّح. لأن في هذا الكتاب لوحات تعزّز وجه التاريخ فضلاً عن صفحات تستعيد الأحداث وتدغدغ الحقائق التاريخية، كالاهتمام في إعادة محاكمة قاتلي القيصر بعد أكثر من ألفي سنة. كل ذلك نقرأه باهتمام وعناية ومتعة، إذ يبدو الراوي من خلاله صحافي الزمان الماضي ومؤرخ الزمان الحاضر. عشية تسلّمه جائزة نوبل، كتب الصحافي والأديب الفرنسي، المولد والمنشأ، ألبير كامو، قال: «إن الصحافي لمؤرخ الحاضر». قلنا: وما سليم نصار إلا ذلك!
مشاركة :