< صدر كتاب للرئيس العام لرئاسة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الدكتور عبدالرحمن السند بعنوان: «وجوب البيعة الشرعية لإمام المسلمين ونواقضها»، واستهل فيه بما دعت إليه الشريعة الإسلامية من التآلف والاجتماع، وحذرت من الفرقة والاختلاف، وأنه مقصد عظيم من مقاصد الشريعة، وامتثال لأمر الله سبحانه وتعالى، إذ قال جل من قائل: «واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا»، وذكر أنه لولا هذا الدين لم تجتمع القلوب، إذ كانت قبل ذلك متنافرة والناس متناحرة، لا يهنأ لهم عيش ولا يدوم لهم صفاء، قال الله تعالى: «واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألَّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً»، كما أوضح أن أخوة الدين أعظم وأوثق عرى الإيمان التي لا تتزعزع: «إنما المؤمنون إخوة»، وأن التفرق والاختلاف شر وضلال قال تعالى: «ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم». وساق السند حديث العرباض بن سارية في وصية النبي - صلى الله عليه وسلم - والتي أمر فيها بالتقوى والسمع والطاعة لولي الأمر والتمسك بالسنة، وأكد أنه لا تنتظم أمور الدنيا والدين إلا بوجود إمام، وذكر الإجماع على وجوب تنصيب الإمام، ونقل كلام شيخ الإسلام ابن تيمية بأنه لا قيام للدين والدنيا إلا بولاية أمور الناس، كما نقل كلام النووي في ذلك، وبيّن أن تنصيب الإمام بإحدى طرائق ثلاثة: إما مبايعة أهل العقد والحل، وهم العلماء والأمراء وأهل الشأن، فهؤلاء إذا بايعوه انعقدت له البيعة، ولزم المسلمين السمع له والطاعة، ولو لم يبايعوه بأنفسهم فتجب طاعته بالمعروف. ولاية العهد من إمام المسلمين، إذا عهد الإمام بولاية العهد من بعده فإنه نائب على المسلمين في هذا الأمر على قول جماهير أهل العلم، كما عهد أبو بكر لعمر بالخلافة من بعده. إذا تغلب أحد المسلمين، ثم ذكر طرق الإنكار الواردة في الحديث: «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فمن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان»، ثم عرض شبهة من أكبر شبه الخوارج وفندها، وهي «الافتيات» على ولي الأمر بالإنكار باليد من دون إذنه، بحجة كثرة المنكرات وما ترتب على ذلك من قتل أفضل رجل بعد العمرين، وهو عثمان بن عفان ثالث العشرة المبشرين بالجنة - رضي الله عنه -، ونقل قول ابن تيمية: «وقل من خرج على إمام ذي سلطان إلا كان ما تولد على فعله من الشر أعظم مما تولد من الخير». ومن الأمور المهمة التي بينها السند في مؤلفه أن من لوازم البيعة النصيحة لولي الأمر، واستدل بحديث أبي رقية تميم الداري - رضي الله عنه - قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: «الدين النصيحة. قلنا لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم». ومما لفت إعجابي ذكر الرئيس العام لرئاسة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لمنهج السلف في طريقة بذل النصيحة، وذلك بألا تكون بالتشهير على المنابر أو بالتحدث في المجالس، بل بأن تكون بينه والإمام سراً، وذكر شيئاً من تعامل الصحابة والسلف الصالح في كيفية أداء النصيحة للأئمة، فإما أن يكون بالمشافهة، وإما بالكتابة له سراً، وإما بالتواصل مع العلماء، لإيصال ذلك إلى ولي الأمر، وبذلك تبرأ الذمة. وذكر أن من النصيحة للإمام: الدعاء له بالصلاح، قال الفضيل بن عياض: لو كانت لي دعوة مستجابة لم أجعلها إلا في إمام، لأنه إذا صلح الإمام أمن البلاد والعباد. وذكر السند أن من واجبات المسلمين أيضاً: الصبر على الأمراء، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر عليه». وقال: «أعطوهم حقهم واسألوا الله الذي لكم، فإن الله سائلهم عما استرعاهم». ونوه السند إلى أن ذلك من القربات العظيمة التي تقربه إلى الله، وختم حديثه ببيان لما يضاد البيعة، وهو الخروج على الحاكم باللسان وتعدد البيعات، فالبيعة لا تكون إلا لإمام المسلمين، وجماعة المسلمين واحدة، والنبي – صلى الله عليه وسلم- قال في حديث حذيفة: «تلزم جماعة المسلمين وإمامهم». * باحث شرعي.
مشاركة :