ليس هناك ثابتٌ ولا يقين فيما يمكن أن تصل إليه الأوضاع في سوريا، فبعد أن ظنت روسيا أنها قد (حصَّنت) بشار الأسد ونظامه من السقوط وإزاحته عن السلطة، وبدأت بالبحث عن ترتيبات عن تقاسم النفوذ تحت إشرافها في صفقة ضمت تركيا وإيران وما تبقى من نظام بشار الأسد وتحالفات المعارضة، تغيرت الأوضاع ما بين (ليلة وضحاها)، ومع أن هذا المثل العربي قليلاً ما يتحقق، إلا إنه وجد تطبيقاً في دمشق، إذ فاجأت إحدى فصائل المعارضة (فيلق الرحمن) الروسَ وقوات بشار الأسد والمليشيات الشيعية وشنَّت هجوماً على الأجزاء الشرقية من دمشق مكنته من السيطرة عليها والاقتراب من مراكز مهمة للنظام وحلفائه، إذ أصبحت أحياء القابون وبرزة وجوبر وتشرين والمدينة القديمة تحت سيطرة المعارضة، وأصبحت السفارة الروسية في متناول مدافع وصواريخ المعارضة، إضافة إلى اقترابها من القصر الرئاسي ومقر أمن الدولة، وهي مناطق حساسة جداً تؤكد أن بشار الأسد لم يعد يسيطر سوى على مقر إقامته، وبات مهدداً حتى داخل قصره الرئاسي. وقد نشرت (السورية نت) معلومات عن الأماكن ونتائج معركة (فيلق الرحمن)، إذ كشف متحدث باسم (الفيلق) بأن قواتهم حققت في معاركها والتي لا تزال مستمرة في تدمير غرفة عمليات لقوات النظام بشكل كامل، وتدمير دبابتين، وعربتي فوزديكا، وعربة بي أم بي، ومدفعين، واغتنام العديد من الأسلحة الفردية والمتوسطة مع عدد من الذخائر، وقتل أكثر من 75 عنصراً من قوات النظام، بينهم 3 ضباط، إضافة إلى عدد كبير من الجرحى، والتقدم باتجاه كتلة الأبنية المطلة على عقدة البانوراما، وقطع الأوتستراد الرئيس المؤدي إلى دمشق، وتعطيل كراجات العباسيين خلال المعركة، إضافة إلى اقتحام بساتين برزة والتقدم فيها، والسيطرة على عدد من النقاط التي خسرتها المعارضة سابقاً. قوات المعارضة نقلت المعارك من الغوطة والمواقع التي تعاني منها فصائل أخرى إلى داخل دمشق، ولهذا تدور مواجهات عنيفة بين قوات المعارضة من جهة وقوات النظام والمليشيات المساندة له من جهة أخرى عند محاور قطاع كراشن ورحبة الدبابات، ومحيط مؤسسة الكهرباء والمنطقة الصناعية. وفي هذه المعارك تكبدت قوات النظام خسائر بشرية كبيرة. وتتكون قوات النظام التي تقاتل حالياً على جبهات جوبر من الحرس الجمهوري، والفرقة الرابعة، وميليشيا لواء أبو الفضل العباس العراقية، وميليشيا النجباء العراقية. وهكذا تتغير المواقع في سوريا، وقد تسترد قوات النظام ما فقدته أو قد توسع المعارضة الأراضي التي تكسبها، وكل هذا يظهر مدى تأثير وتداخل القوى التي تخوض معارك تصفية حسابات على أرض سوريا سواء من خلال المليشيات الشيعية التي ارتضت أن تحارب بالوكالة عن ملالي إيران الذين يراهنون على بقاء بشار الأسد لتنفيذ أجنداتهم الطائفية، فيما تحاول روسيا استثمار ابتعاد واشنطن في عهد أوباما وعدم اكتمال رؤية ترامب لسوريا من أجل إكمال سيطرتها على سوريا تمهيداً للتمدد نحو العراق.
مشاركة :