مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة، تأسست عام 2010م بموجب مرسوم ملكي، وتأسيسا على هذا، وكمساهمة في توعية كل مهتم بهذا الوطن فلابد من طرح بعض الأسئلة حول كيانات أسست لتكون حجر الزاوية في مجالها، ولاشك أن هناك تساؤلات كثير يأتي في مقدمتها: ما الذي أنجزته المدينة إلى الآن على أرض الواقع بعد سبع سنوات؟ وهل حققت المدينة الأهداف المعلنة، والتي من شأنها أن تجعل المملكة مركزاً عالمياً في مجال الطاقة الذرية والمتجددة؟! وأين هو ناتج الخطط الإستراتيجية لإنشاء وإدارة مشاريع لتوليد الكهرباء من الطاقة الذرية والمتجددة وبناء مراكز الأبحاث والتطوير لإدخال مصادر جديدة للطاقة والمساهمة في التنمية المستدامة، وتكوين قطاع طاقوي اقتصادي فعَّال؟! وكما لا يخفى عليكم، فان قيادتنا الرشيدة قد وهبتنا عهد جديد من الشفافية بالقدر الكافي لخدمة هذا الوطن، وصيانة مصالحه، تلك الشفافية الكفيلة بالقضاء على الفساد والحفاظ على المال العام من الهدر، فوطننا لايوجد ما هو أغلى منه، ولا من يمكن أن نحابي على حسابه، وطننا الذي نعتبر جميعا جنود لخدمته كما قال ملك العزم سلمان الحزم، في كلمته النابعة من القلب للطلاب المبتعثين في الصين. قبل عام كان انضمام المدينة إلى وزارة الطاقة، خطوة افترض أنها قفزة مهمة، ستنير البلاد بمنجزات من قيادة المدينة الوطنية التي نكن لها كل التقدير، ونبرأ من أي قول يفهم على أنه تقليل من شأنهم لأنهم كوادر وطنية خدمت الوطن في كثير من المجالات، ورغم ذلك نسأل عن المليارات التي دفعت للمدينة منذ بداية تأسيسها، وفي أي أرض يمكن أن نلمس لها أثرا؟ لأن الأموال لا تنفق إلا لاستحداث مصلحة مؤكدة أو متوقعة، أو لدفع ضرر محقق أو متوقع. ولعل السؤال الاهم هو: مالذي اضطر وزارة الطاقة إلى البدء من الصفر واهدار كل الجهود التي سبقت من المدينة، من دراسات، واستنتاجات وحتى الاستراتيجيات، أما كان من الأولى تبنيها والاستفادة منها ان وجدت اصلا! فمثلا: • المدينة وبكل ما قدم لها من إمكانيات، كان من الواجب عليها، نشر تقارير متخصصة عن التطور الحاصل في أنظمة وتقنيات الطاقة المتجددة، وبشكل سنوي على الأقل. ولكن واقع الحال أنها لم يصدر عنها، أي تقرير ملموس نستفيد منه في أرض الواقع إلى يومنا هذا! • كان على المدينة أن تعمل على سن قوانين، أو توصيات بما يتعلق بالتشريعات والمعايير الخاصة بأنظمة الطاقة المتجددة بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة … فأين هي؟! • الناتج البحثي بما يتعلق بجوهر عمل المدينة من طاقة ذرية ومتجددة شبة معدوم، ولا يصل لتطلعاتنا ولا للدعم السخي الذي بذل لها. • مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة وبعد سبع سنوات، وكأول كيان وطني مكلف بملف الطاقة النووية والمتجددة بميزانيات ضخمة، يقع وكأقل واجب عليها توفير البيانات اللازمة، وبشكل مجاني لتمكين الباحثين من عمل الدراسات المتخصصة والمتعلقة بالطاقة المتجددة. لماذا يعاني بعض الباحثين من صعوبة الحصول على بيانات الإشعاعات الشمسية وسرعة الرياح ودرجة الحرارة وغيرها، والتي ترصد بواسطة محطات الرصد الخاصة بالمدينة. فما الذي يمنع المدينة من توفيرها بموقعها الالكتروني للباحثين للإستفادة منها، و لتحميلها مجانا عند الحاجة وبدون تعقيدات بيروقراطية، أسوة بما قامت به مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية بالتعاون مع معمل NREL الأمريكي والذي رصد هذه البيانات من عام 1998 إلى 2002 لاثنتي عشرة منطقة بالمملكة، ولكن حاليا المتاح بموقع أطلس المملكة التابع للمدينة، بيانات لمتوسط شهري لا تخدم الباحثين. ومن خلال البحث عن أنواع التفاعل الاعلامي الذي تبديه المدينة، نجده يحمل وعودا سابقة ثبت فيما بعد عدم دقتها أو العدول عنها، ومن المؤسف حقا، أن هذه الوعود والتصريحات، تصدر من قيادات في كيان عظيم كهذا، يمثل في مجاله تطلعات المملكة في وقت الحزم والعزم وبصفة متكررة!!، ولا شك أن مثل هذه الشطحات أدت الى تدخل مجلس الشورى بمطالبة “المدينة” قبل ثلاثة أشهر بتقديم تقارير دورية عن ما أنجزته، بشأن إدخال الطاقة البديلة في مزيج الطاقة الوطنية، خاصة وأن المدينة أمضت وقتاً طويلاً في الدراسات والبحوث، ووقعت العديد من اتفاقيات التعاون المشترك مع العديد من الجهات الخارجية. وغالبا ما تأتي الإجابة عن أي استفسار موجه ل “المدينة”، على هيئة عدد من التصريحات التي تشير إلى دراسات وتطلعات بل وحتى إلى إنجازات لم تلامس أرض الواقع، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: • إعلانها قبل سنتين بأن إدخال الطاقة البديلة في المملكة، سيسهم في توفير 160 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة إلى عام 2032، فهل قامت بـتأهيل الكفاءات الوطنية المتخصصة في التقنيات المتعلقة بهذا المجال؟! • سبق وأعلنت المدينة عن برامج لتوطين الطاقة الذرية والمتجددة بعد عدد من الدراسات الفنية والاقتصادية، التي أعدّتها وتوصلت من خلالها إلى إمكانية توطين ما نسبته %60 من كامل عناصر منظومة الطاقة الذرية، و%80 من عناصر منظومة الطاقة المتجدّدة في المملكة، وبتكلفة تصل إلى 140 مليار دولار وذلك بحلول عام 2030؟! • صرحت المدينة، وبعد سنة من إنشائها: أنه في عام 2017 سيبدأ البناء، وفي عام 2022 سيكون تشغيل أول مفاعل، هذا التصريح تم تغيير توقيته المعلن أكثر من مرة؟!! • جاء في أحد أهم تصريحات المدينة عزمها في مباشرة بناء 16 مفاعلا، حتى وإن وجد ما يدل على هذا، فهل يدل على أن المدينة قد انتهت بالفعل من اختيار التقنية، وحددت بالتالي أن 16 مفاعلا من التقنية المختارة ستوفر القدر المطلوب إدخاله من الطاقة النووية في مزيج الطاقة الوطني! فهل لدى المدينة أي دراسة تشير إلى هذا الانجاز العظيم؟!! • ومن جملة البشائر التي صرحت بها المدينة، ثم تبخرت!، إدخال 18 قيقا وات من الطاقة النووية، و 54 قيقا وات من الطاقة المتجددة، وذلك بحلول عام 2032، ومما يزيد الأمر غرابة أن التصريح بهذا كان في منتديات عالمية، ما أفقد المدينة المصداقية المناسبة لمثل هذا الصرح لدى كثير من أهل الاختصاص، بل بلغ الأمر ببعضهم إلى التشكيك في كل ما يصدر عن المدينة جملة وتفصيلا… فهل يليق مثل هذا الموقف بمن وضعت فيهم الثقة ليكونوا أول جهة يسند إليها ملف الطاقة المتجددة في المملكة بكل أهميته وبميزانيات ضخمة؟!! في الختام: عهد الشفافية سوف يساعد على تقييم أداء المؤسسات والأجهزة والقضاء على الفساد والهدر المالي والكيانات الهشة التي تستفيد من المال العام، الشفافية سوف تستدعي كل الطاقات، وتوظف كل الإمكانات، في سبيل حماية مصالح وطننا والوصول به إلى أعلى المراتب. الفابيتا دكتور فيصل مرزا
مشاركة :