مع الأسف كل مساء لابد أن تكون وزارة الصحة جزءاً من قائمة إفطارنا لما نطالعه من ضعف أداء لبعض إداراتها، فيكون الحديث إما عن خطأ طبي هنا أو مريضة تُوفيت لتأخر علاجها هناك، لكن أن تفاجئنا بكهربائي انتحل مهنة الطب طوال ثماني سنوات ولم يُكتشف من قِبل الوزارة بل اكتُشف من قِبل المواطنين الذين وقعوا ضحية لأخطائه القاتلة، إنها حقاً كارثة بكل المقاييس، ولم تكن في الحسبان لدى أي مواطن أو مقيم، التي جعلت حياتنا وحياة أبنائنا اليوم مهدَّدة من هؤلاء. وزارة الصحة قامت مشكورة بإعادة رقابة وتقييم شهادات الأطباء وكذلك التراخيص لديها، لكنها تأخرت كثيراً، ولماذا لا يتم تقييم الأطباء في حينه وإجراء الاختبارات لهم من قِبل مختصين في الوزارة أسوة بأي منشأة صغيرة، وذلك عندما يتقدم طالب الوظيفة لدى هذه المنشأة تقوم بتقييم الشهادة والاتصال على مراجع هذه الشهادة والتحقق منها، وهذا متعارف عليه عند أصغر منشأة لدينا، كي تطمئن على أنها اختارت الرجل المناسب في المكان المناسب، لكن الغريب في الأمر أن هذا الطبيب المزيف اجتاز عدة عقبات في تقييم شهادته ومهنته سواء في الوزارة أو حتى في المستشفى الذي يعمل فيه، وهذا ما يجعلنا نتساءل: هل قامت الوزارة بالاتصال والتحقق من الشهادة ومصدرها؟ وإذا لم تفعل لماذا لم تقُم شؤون العاملين في المستشفى بالاتصال والتحقق من المصادر؟ ومن يثبت أنه يحاول التزوير تحوله للجهات المختصة فوراً بدلاً من الاكتفاء بالرفض (لكن بالتأكيد الاثنان لم يفعلا ذلك وأصبحا شركاء في أخطاء وجرائم هذا الكهربائي ولابد من مساءلتهما أيضاً)، لكن كم يوجد اليوم في مستشفياتنا ومستوصفاتنا والعيادات المنتشرة في شوارعنا من طبيب كهربائي أو طبيب سباك؟ طالما أنهم آمنون ويمتهنون الطب بشهاداتهم المزورة في ظل غياب وزارة يصعب عليها السؤال والتحقق من مصادر شهاداتها أولاً، ناهيك عن الكم الهائل من الأخطاء الطبية التي تحدث شبه يومياً، أليس هذا دليلاً على أن لدينا خطأ ماء في وزارة الصحة وعلينا علاجه؟ التساهل مع هؤلاء المزورين لا يختلف كثيراً عن تساهلنا مع السارقين، الذين لا تتجاوز عقوبتهم سنتين وثلاثمائة جلدة ثم الترحيل، حتى انتشرت السرقات في كل المناطق، والسبب أن مَن أمِن العقوبة أساء الأدب، لو قدرت العقوبة المناسبة لهذا الطبيب المزيف لهرب كثيرون من أمثالهم، الذين يختبئون بيننا ويتاجرون في صحة أبنائنا دون رقيب أو حسيب.
مشاركة :