الجزائر - تشهد الأسواق الجزائرية ارتفاعاً غير مسبوق في أسعار الخضار والفاكهة للمرة الأولى منذ سنوات، ما دفع السلطات إلى إطلاق عمليات تفتيش مفاجئة بهدف إعادة التوازن للسوق. وقال خبراء مختصون إن ارتفاع الأسعار بشكل غير مبرر يرجع بشكل رئيسي إلى غياب المخططات الوطنية للإنتاج الفلاحي، وتزايد عمليات المضاربة فضلاً عن الاحتكار في شبكات التخزين والتبريد، وجشع بعض التجار. وبررت السلطات الجزائرية الارتفاعات إلى جشع التجار والعواصف الثلجية التي ضربت البلاد في يناير/كانون الثاني، وهو ما تسبب في خسائر بالمحاصيل مع عدم تمكن الفلاحين من جنيها في الوقت المناسب. وتحت ضغط الأزمة النفطية وتهاوي عائدات الجزائر من النقد الأجنبي، لجأت الحكومة إلى نظام الرخص المسبقة لتنظيم وكبح فاتورة الواردات، شملت السيارات ومواد البناء (اسمنت حديد رخام وبلاط وغيرها) ثم لحقت بها الحمضيات والفواكه الاستوائية. وارتفعت أسعار الخضروات بأنواعها على غرار البطاطس والطماطم والجزر والفلفل الأخضر والثوم، ووصلت الزيادات في بعض المنتجات إلى 1000% في ظاهرة لم تحدث من قبل. وزادت أسعار الثوم بنحو 10 مرات لتقفز من 200 دينار للكيلو غرام (1.82 دولار) إلى 2000 دينار للكيلو غرام (18.3 دولار)، وهو ما تحول إلى مصدر لسخرية لاذعة ومريرة لدى الجزائريين على شبكات التواصل الاجتماعي. وارتفعت أسعار الطماطم بأكثر من الضعفين لتصل إلى قرابة 200 دينار (1.82 دولار) للكيلوغرام، بعد أن كانت في حدود 70 إلى 80 دينار (0.64 إلى 0.73 دولار)، وكذلك البطاطس التي وصل سعرها 150 دينار (1.4 دولار). كما شهدت أسعار الموز والتفاح ارتفاعاً كبيراً في الفترة الأخيرة وفاق ثمن الكيلوغرام الواحد 900 دينار (8.2 دولار)، وهو ما أرجعته السلطان إلى المضاربة الكبيرة جراء إجراءات تنظيم عمليات استيراد هذا النوع من الفواكه. ووافقت السلطات الجزائرية، منتصف الأسبوع الجاري، على منح 6 رخص استيراد الموز من أصل 44 طلب ترخيص تم تقديمها لدوائر وزارة التجارة، لاستيراد حصة أولى بكمية 55 ألف طن. وتسببت الارتفاعات غير المبررة، إلى زيادة معدل التضخم في الجزائر خلال يناير/كانون الثاني بواقع 8.1% مقارنة بذات الفترة من السنة الماضية، حسب أرقام رسمية لجهاز الجمارك الجزائري (حكومي). ولجأت السلطات من خلال وزارتي التجارة والفلاحة إلى اتخاذ إجراءات سريعة بغية إعادة الاستقرار للأسعار. وأعلنت وزارة التجارة، الشهر الجاري، أنها ستشدد الرقابة على المضاربين وستفرض التعامل بإظهار أسعار المنتجات ومراقبة مدى مطابقتها للقوانين. فيما قالت سلطات البلاد، في 8 مارس/آذار، إنها حجزت 21 ألف طن من البطاطا في غرف للتبريد بمحافظة عين الدفلى 150 كيلومتر (غربي العاصمة) قالت إنها كانت بحوزة مضاربين. مضاربة واحتكار وبيّن محمد الطاهر بولنوار، الناطق الرسمي باسم الجمعية الوطنية الجزائرية للتجار والحرفيين (مستقلة)، أن الارتفاع في أسعار عديد المنتجات الاستهلاكية، يعود لغياب مخطط وطني للإنتاج الفلاحي، ووجود مضاربة واحتكار في شبكات التخزين والتبريد. وأضاف بولنوار أن الجزائر تعاني من خلل بين العرض والطلب نظرا لغياب مخطط إنتاج وطني يتماشى دوما مع الطلب المتزايد، مشيراً إلى أن وفرة المنتجات الفلاحية يلازمها دوما خلل ما حسب فصول السنة. ولفت إلى أن "الإنتاج مضطرب حسب أوقات السنة وفي كل مرة تضطرب الوفرة تعرف الأسعار عدم استقرار.. حتى تقديرات طلب السوق المستقبلية لا نتوفر عليها". وأوضح بولنوار، أن من سلبيات السوق في الجزائر، وجود فرق كبير ما بين السعر في سوق الجملة والتجزئة، وهو ما يرجع إلى نقص عدد الأسواق الجوارية والتجزئة التي تمتص المنتجات المكدسة في أسواق الجملة. وذكر الناطق الرسمي باسم الجمعية الوطنية الجزائرية للتجار والحرفيين، أن هناك عمليات مضاربة واحتكار على مستوى شبكات التخزين التابعة لوزارة الفلاحة، يضاف له عدم ضبط وتحديد هوامش الربح لكل طرف من المنتج وصولا للمستهلك النهائي. سوء تنظيم وقال مصطفى زبدي، رئيس المنظمة الوطنية الجزائرية لحماية المستهلك (مستقلة)، إن هناك سوء تنظيم في السوق الجزائرية وعدم تدخل كاف لأجهزة الضبط الحكومية (دواوين الضبط التابعة لوزارة الفلاحة). وأضاف زبدي: "بعد قرار السلطات بإخراج مخزون مادة البطاطا لخفض أسعارها، جاءت النتيجة عكسية وارتفعت الأسعار بشكل مذهل.. إذن هناك خلل ما، وأيضا كثر الغش والجشع والمضاربة". وتابع: "رغم وجود إلزامية العمل وبالفاتورة والوصل بالنسبة للفلاحين والحرفيين إلا أن الإجراء لا يتم تطبيقه.. ولابد من تفعيله سريعا لوضع نظام تتبع لهذه المواد كذلك معرفة المتسببين سواء في الندرة أو في رفع الأسعار".
مشاركة :