كل شيء له قيمة في الإمارات، حتى الترفيه. يتعجب البعض إن قلت أن للترفيه مغزى غير التسلية والاستمتاع بالوقت. لذلك لا يضيع الإمارتيون وقتهم هباءً، حتى وإن كان عطلة آخر الأسبوع. إذ يهمون بالخروج إلى البّر لما له من أثر إيجابي على استعادة وتجديد نشاطهم وحيويتهم، فيزيد من عطائهم عند استئناف العمل. السعادة تبدأ حين تنطلق السيارات الرباعية الدفع والدراجات النارية والدراجات الرباعية الدفع ATV خارج المدن باتجاه البرّ. البّر عشق الإمارتيين "أعشق تراب الإمارات وجوّها الجميل وسحر الطبيعة الخلابة، إن طلعة البّر هي الخيار الاول والأفضل لي وقت العطلة الأسبوعية مقارنة بأي مكان آخر"، تقول شمّا الكِتب من رأس الخيمة. تضيف: "الخروج للبّر عبارة تقال حينما نخرج بعض الوقت في أيام العطلة إلى المناطق الجبلية،أما الخروج من الصباح إلى المساء فيسمّى الخروج للعزبة وله ما له من أجواء ساحرة جميلة". كما يطلق الإمارتيون على مفهوم التنزه مصطلح الكشتة. يتمسك الإماراتيون بطلعة البّر هروباً من الازدحام الشديد والضجيج والأصوات الصاخبة في المدن. فلا توجد مشكلة في ركن السيارات، إذ إن الأرض كلها ملك الزوار، عوضاً عن الهدوء في البّر الذي يفتقده المواطنون في المدينة، ومتعة الجلوس في الأماكن الواسعة ذات الطبيعة الخلابة بخلاف الأماكن المغلقة التي يجبرهم الصيف على الجلوس فيها مدة طويلة. موروث قديم يرجع تمسك الإمارتيين بالخروج للبّر لحرصهم على محاكاة أساليب الحياة العربية القديمة. فالتخييم بالبرّ عادة سنوية قديمة يمارسها الموطنون في فصل الشتاء حتى أواخر شهر أبريل. فباتت الرحلات البرية من التقاليد الثابتة في حياة العائلة الإماراتية. تقول أم عبيد الزعابي من الشارقة: "عندما يحل فصل الشتاء يفرح المواطنون بروعة وجمال البّر، فيذهبون ويستمتعون بنزول المطر بين الزرع والنبات، فترون العائلات توزعت على أشجار الغاف للجلوس في ظلالها، ومنهم من يستمتع بقطف نبات "الحُميض" الصحراوي ذي الطعم المميز". طبعاً تحرص البلديات في الإمارات على عدم قطع أشجار الغاف لتفادي الأضرار البيئية، فهي أشجار عملاقة لها شكل هندسي مميز، تحوم حولها الطيور وتأكل منها لتظهر على هذا الشكل، فيستظل تحتها الإمارتيون.أيضاً يطلق الإماراتيون على الشجرة الصغيرة كلمة الغوفة، وتكون مسطحة. يقطف الزائرون أيضاً نبات "الخبيز" الذي لا ينبت إلا في فصل الشتاء، وللبحث عن النباتات وقطف ثمارها سعادة وبهجة عندهم، كما تصف أم عبيد بكل شغف: "من أجمل مشاهد الطبيعة بالبّر الوديان التي تنزل من الجبال بشكلها الخلاب مثل وادي "شوكة"، يلتف الناس حوله ويجلسون ويستمتعون بجماله". النشاطات يهوى الإمارتيون التخييم في المناطق البرية الجبلية على الرغم من الطفرة الاقتصادية، وتوافر أماكن التسلية والترفيه في المدن. ويزيد التخييم في البّر في شهري نوفمبر ومارس. يختلف أسلوب التخييم قديماً وحديثاً إذ أصبحت الخيم اليوم أشبه بمنازل مكتملة في وسط الصحراء، مزوّدة بأجهزة التلفاز والاتصال عبر الأقمار الصناعية ومختلف وسائل الترفيه، وبعضها مزود بكماليات أشبه بالڤلل داخلها أفران الغاز للطبخ وغيرها من الأجهزة الكهربائية.أقوال جاهزة شاركغردالطلعة للبر هي أن تنسى عالم الخارج وإرهاقه وتدفن هاتفك تحت الرمال لتتواصل مع الأصدقاء والطبيعة من حولك شاركغردالجلوس تحت شجرة الغاف والاستماع لهمسات الأجداد في حفيف أوراقها يعطيك الطاقة الإيجابية لكافة الأسبوع ينجذب المواطنون أيضاً إلى ممارسة نشاطات ورياضات مختلفة لا يستطيعون القيام بها في أي مكان آخر غير البّر. نذكر منها ركوب الدرجات الهوائية والصعود إلى التلال الرملية، واللعب بالكرة التي تتناثر في كل مكان بين فرحة الصغار والكبار، وقيادة سيارات الدفع الرباعي محاولين تصعيدها إلى أعلى التلال الرملية، وركوب الخيل والجمال وإقامة المسابقاتبينها، وطبعاً لعبة الورق أو "الكوتشينة" حتى آخر ساعات الليل. وفي جو يملؤه الفرح وتتوزع فيه الأدوار بِحُبٍ وودٍ وألفة، يستمتع الإماراتيون بقضاء أوقاتهم في ممارسة نشاطات مختلفة مثل "شبه النار" أي إشعال النار لشواء اللحم والذرة والدجاج، وتناول المشروبات الساخنة، مثل القهوة المحلية "الكرك" والشاي، ويأكلون التمر وحلوة اللقيمات. أشهر مناطق البرّ تعجّ دولة الإمارات بعدد كبير من تلك الأماكن البرية التي تستقبل العائلات والأصدقاء للتخييم معاً، ولقضاء أوقات جميلة، فيتجهون من رأس الخيمة إلى وادي القوع ووادي غليله ووادي شعم وجبل جيس، ومن دبي يذهبون إلى منطقة الورقاء ومنطقة البداير والخوانيج، وإن كانوا في الشارقة يقصدون الذيد وفلج المعلا، ومن أبو ظبي إلى ليوا والوثبة والفاية. هذه المناطق تشهد إقبالاً كبيراً من السكان المحليين، الذين يقضون فيها وقت العطلة للبحث عن الهدوء والراحة وتأمل الطبيعة بين نسمات الهواء العليل ونفحات البرد القارص ليلاً. فيجتمعون في خيمتين، إحداهما للرجال والأخرى للنساء، ولكن عندما يحل الظلام وتزداد نسمات الهواء البارد يكون التجمع بجانب شبة النار التي تبعث الدفء. تقول أمل الزعابي: "أسافر للسياحة إلى مناطق كثيرة حول العالم ولكن لم إجد مثل دفء أرض الإمارات وجمال برّها. فحين أكون في أحضان الطبيعة الجبلية تملؤني السعادة، وعند الخروج للبرّ نستمتع بنفحات الطبيعة على مدار الشتاء ومتعة الجلوس على تربة باردة ليلاً في جو عائلي فريد، فالجميع على قلب واحد في زمن قل اجتماع الأهل والأصدقاء مع العائلة. هنا يتبادل الجميع الأدوار بسلاسة تامة ويقومون بالأعمال اليدوية ليشعر الجميع بكل أنواع البهجة". التحرر من المدينة وصخبها بالذهاب الى البراري والمناطق الجبلية والمساحات الممتدة بدون حواجز، يُشعر الإنسان بالراحة ويفسح المجال للتطلع الى أبعد نقطة في الآفاق. وأنتم، لم لا تطلعون للبرّ في أي منطقة عربية كنتم، فالوسائل الترفيهية التي طوّرها أجدادنا والأجيال قبلنا، هي التي تعطي الطاقة الإيجابية للنفس والجسد. اقرأ أيضاًأين يقضي الخليجيون رحلاتهم القصيرة؟ماذا تفعل في البحرين إذا زرتها في عطلة نهاية الأسبوع؟أماكن غير تقليدية لقضاء "الويك إند" في الكويت7 أماكن في لبنان لن ترغبوا بتوديع الصيف قبل زيارتها لمياء زكي كاتبة مصرية تعيش في دولة الإمارات. كلمات مفتاحية صحراء عطلة التعليقات
مشاركة :