سواء رحل فينغر أم بقي... آرسنال بحاجة إلى جراحة كبرى

  • 3/24/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

ثمة حالة واسعة من الانقسام حول آرسين فينغر، حتى على مستوى الأخبار؛ ففي الوقت الذي أوردت صحيفة «بيلد» الألمانية خبراً حول اتصالات جرت بين ممثلين عن نادي آرسنال ومدرب نادي بوروسيا دورتموند، توماس توخيل، الأمر الذي لا يمثل في حد ذاته صدمة كبيرة بالنظر إلى الشكوك المثارة في الفترة الأخيرة حول فينغر، لكنه يوحي بأن مجلس إدارة آرسنال ليس بالكسل والتراخي الذي يبدو عليه بعض الأحيان، ظهرت أنباء في أعقاب الهزيمة التي مني بها آرسنال، السبت الماضي، على يد ويست بروميتش ألبيون حول أن فينغر يرغب في البقاء داخل النادي. في الواقع، لقد جَرَت مناقشة مسألة استمرار فينغر من عدمه مع آرسنال مراراً وتكراراً لدرجة تجعل من المتعذَّر على المرء التعرض لها من جديد، دون أن يخالجه شعور بالملل. الواضح للجميع أن فينغر لم يعد بصورة المدرب المبتكر المتألق التي كان عليها لدى قدومه إلى النادي منذ 20 عاماً، وكذلك حقيقة أن كرة القدم تجاوزته. في الوقت ذاته، من الواضح أنه رجل ومدرب مهذب. أما بالنسبة للاهتمام الكبير الذي لاقته الصيحات الصادرة عن قلَّة متشددة تصرّ على أن فينغر «يقتل نادينا» فيعد واحداً من المؤشرات على ثقافة تميل لصف أصحاب الصوت الأعلى، مهما كان تطرف آرائهم أو تعارضها مع المنطق. وربما كانت هذه اللعنة التي يحملها عصر شبكات التواصل الاجتماعي: مزيج من المشاعر الليبرالية التي تقضي بضرورة الإنصات لجميع الآراء ومحاولات إعادة تغليف فكرة حكم الغوغاء في صورة جذابة يطلق عليها «حكمة الجماهير». ويبقى التساؤل: هل يتعين على فينغر الرحيل؟ في الواقع، ثمة مخاوف حقيقية، خصوصاً في صفوف المساهمين في آرسنال، من أن يدفع رحيله النادي إلى حالة التداعي التي لا تزال تعصف بمانشستر يونايتد رغم مرور ثلاثة مواسم ونصف الموسم على رحيل مدربه سير أليكس فيرغسون. الملاحظ أن المساهمين في آرسنال اعتادوا العوائد التي يجنيها النادي من وراء التأهل لبطولة دوري أبطال أوروبا، رغم أنه بالنظر إلى أن آخر بطولة دوري حصدها آرسنال كانت منذ 13 عاماً، فإن ثمة أموراً أخرى تبدو أقل بكثير قد يخسرها. من ناحية أخرى، فإن فكرة أن يسفر رحيل المدرب عن مثل هذا الفراغ الهائل داخل النادي تكشف النقاب عن فشل فيرغسون وفينغر، آخر اثنين من جيل المدربين الأباطرة على صعيد الكرة الإنجليزية، في بناء هيكل إداري حديث. ومع هذا، يبقى هناك احتمال أن يؤتي التوجُّه المحافِظ الذي انتهجه فينغر بنتائج إيجابية. لقد فرضت خطوة الانتقال إلى الاستاد الجديد ضرورة التعامل مع الشؤون الإدارية بحرص وحذر، لكن الأمر في جوهره يتجاوز ذلك. ورغم أن عدم استعداد فينغر لدفع أكثر مما يعتبره القيمة السوقية للاعب ما أصاب جماهير آرسنال بإحباط شديد، فإن شكوكَه إزاء الازدهار الشديد في حقوق البث قد تكشف الأيام صحتها. اللافت أن كرة القدم على امتداد العقد أو العقدين الماضيين بدت وكأنها تتمتع بحصانة غريبة تجاه التوجهات الاقتصادية الأوسع. ومع هذا، فإنه حال حدوث انهيار واتضاح أن ما شهدته كرة القدم طيلة الفترة الماضية لا يعدو كونه فقاعة، فإن آرسنال الذي يحظى بودائع في البنوك بقيمة 226 مليون جنيه إسترليني سيجني كثيراً من وراء ذلك (وإن كان سيصبح من الأفضل له حينها لو أنه اعتمد على عملة أخرى أكثر أماناً من الجنيه الإسترليني). وعند إمعان النظر في الوضع داخل آرسنال، يبدو من المنطقي، بل واللائق، أن يأمل المرء لو أمكن رحيل فينغر عن النادي بنصر أخير مبهر، على غرار فوز لاعب التنس الشهير جاك نيكولاس ببطولة الأساتذة عام 1986. ومع ذلك، فإنه ليس هناك إمكانية منطقية لفوز آرسنال بالدوري الممتاز الموسم المقبل. ويرجع ذلك إلى أن الصفقات الثلاث الكبرى التي أنجزها النادي لم تحقق الأثر المطلوب حتى هذه اللحظة، وتحدث التغيير الهائل المرجوّ في أدائه. المؤكد أن أليكسيس سانشيز سيرحل عن النادي في الصيف، في الوقت الذي لم يوقع مسعود أوزيل تعاقده (رغم أنه من غير الواضح على الإطلاق ما إذا كان هناك نادٍ أوروبي آخر على استعداد لدفع الأجر الذي يرغب فيه)، بينما يواجه السويسري غرانيت جاكا صعوبة كبيرة داخل الملعب في الوقت الراهن. ومن المثير للإحباط كذلك أن كثيراً من المواهب الصغيرة الواعدة (أمثال ثيو والكوت وكيران غيبس والفرنسي فرانسيس كوكلين وكالوم تشامبيرس وأليكس أوكسلاد تشامبرلين) عانَتْ حالة من الجمود، لدرجة أنها اليوم لم تعُدْ صغيرةً ولا واعدة. والملاحظ أن كل محاولة للدفاع عن كرة من نقطة ثابتة أو هجمة مرتدة يهددها شبح تراجع الروح المعنوية وغياب الانضباط. في الواقع، لقد أصبح تراجُع أداء الفريق واضحاً للعيان. وعليه، فإن آرسنال بحاجة ماسَّة إلى جراحة كبرى، سواء استمر فينغر في التدريب أو حل محله آخر، بل، وربما يبدو من المنطقي فكرة أنه لا ينبغي لفينغر تسليم شؤون تدريب الفريق لآخر، في ظل هذه الحالة الكبيرة من الفوضى، وبالتالي اقتنع المدرب الفرنسي بضرورة استمراره. على الجانب الآخر، فإنه بالنظر إلى أن الراتب سيشكل عنصراً جاذباً لهذا المنصب، فإن التساؤل هنا: أيّ من المرشحين الواقعيين سيرغب في نيل هذه الوظيفة؟ فيما يخص توخيل، فإنه يحظى بفريق جيد في بوروسيا دورتموند، وربما يرغب في إثبات جدارته بعد موسم عصفت به مجموعة مختلفة من الإصابات ألَمَّت باللاعبين. بالنسبة لخورخي سامباولي، فإنه لا يتحدث الإنجليزية، وربما يشعر بأن مهمته في إشبيلية لم تنجز بعد. أما دييغو سيميوني، فيبدو أنه سيرحل حتماً عند نقطة ما عن أتليتيكو مدريد، لكن أسلوبه يبدو متناقضاً مع الروح العامة التي بناها فينغر داخل الفريق. وفيما يتعلق بإيدي هاو مدرب بورنموث، المرشح الإنجليزي الأبرز لخلافة فينغر، فإنه قد تروق له الفكرة كثيراً، لكن بالنظر إلى الإخفاق الذي مُنِي به خلال فترة عمله بعيداً عن بورنموث، تحديداً بيرنلي، وافتقاره إلى خبرة تدريب نادٍ كبير، فإن اختياره قد ينطوي على مقامرة كبيرة. ويمكن طرح حجة مشابهة فيما يتعلق بمدرب فريق لايبزيغ الألماني، رالف هازنهوتل أو مدرب هوفنهايم، جوليان ناغلسمان، وكلاهما يشكل اختياراً جريئاً ومثيراً للاهتمام، لكن مع خبرة محدودة في التعامل مع الأندية الكبرى. ومن التساؤلات التي تطرح نفسها هنا أيضاً: هل سيود لويس إنريكي مدرب برشلونة تولي مثل هذه المسؤولية الثقيلة، خصوصاً في ظل الظروف العصيبة الراهنة داخل النادي؟ وهل سيرغب ليوناردو جارديم حقاً في الرحيل عن موناكو المثير في هذه المرحلة من مسيرتهما معاً؟ وهنا تحديداً تكمن المشكلة التي خلقها آرسنال أمامه، ذلك أنه بإرجائه حسم مثل هذا القرار الحساس على مدار هذه الفترة الطويلة، أصبح النادي أقل جاذبية أمام الخلفاء المحتملين للمدرب الفرنسي.

مشاركة :