واشنطن وبكين.. نقيضان غريبان محكوم عليهما بالتعايش

  • 3/24/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

مستقبل عالمنا يعتمد بشكل كبير على العلاقات بين الولايات المتحدة، وهي بلد جديد والقوة العُظمى الحالية، والصين، الإمبراطورية القديمة والقوة العُظمى الصاعدة. ما جعل هذه العلاقات صعبة بشكل خاص هو انتخاب دونالد ترمب المركزي النزعة في الولايات المتحدة، وصعود تشي جين بينج، المركزي النزعة، في الصين.على أن ما لا يقل تناقضا هو وجهات نظر هذين الاثنين عن الاقتصاد العالمي. قبل 40 عاماً، كان ماو تسي تونج يحكم الصين، هدفه كان الاكتفاء الذاتي. مع ذلك، منذ عام 1978، تحول شعار السياسة الاقتصادية في الصين إلى "الإصلاح والانفتاح"، الذي اقترحه خليفته، دينج تشياو بينج. في الوقت نفسه، فإن الولايات المتحدة، رائدة الدولية الليبرالية ما بعد الحرب العالمية الثانية، غارقة في الشك الذاتي، وبالتالي انتخبت كرئيس رجلا يعتبر هذه السياسة الناجحة بشكل رائع بأنها مُضرّة بمصالح بلاده.أحد مفارقات الوقت الحاضر هو هذا الانعكاس للمواقف تجاه اقتصاد العالم المفتوح. لا يوجد ما هو أفضل في توضيح هذا أكثر من التباين في الدعم القوي للعولمة الذي قدّمه الرئيس تشي في الاجتماع السنوي لمنتدى الاقتصاد العالمي في دافوس في كانون الثاني (يناير) الماضي، وبين تأكيد ترمب الصارخ، بعد ثلاثة أيام فقط، من أن "الحمائية ستؤدي إلى ازدهار وقوة عظيمين". البيان الصادر عن اجتماع وزراء المالية لمجموعة العشرين في ألمانيا في عطلة نهاية الأسبوع الماضي، تخلّى كما ينبغي عن لغة العام الماضي في التعهد بـ"مقاومة جميع أشكال الحمائية". الآثار المترتبة على مثل هذه الحمائية الأمريكية لا تزال غير معروفة، لكنها مُثيرة للقلق بشكل كبير. آخر شيء يمكن أن يحتاج إليه اقتصادنا العالمي الهش هو حرب تجارية بين الولايات المتحدة والصين.المشاركة في منتدى التنمية الصيني هذا العام جعلتني أدرك بعض الجذور الأعمق لخيبة الأمل اليوم في الصين. لقد أخبرني المشاركون الصينيون بشكل خاص أنهم كانوا ينظرون فيما مضى إلى الولايات المتحدة باعتبارها النموذج الناجح للرأسمالية، والديموقراطية والانفتاح الاقتصادي. الأزمة المالية العالمية، وانتخاب ترمب، والحمائية الأمريكية تمضي إلى تدمير مكانتها في جميع هذه النواحي الثلاثة. يشتكي الغربيون، في المقابل، من أن خطاب الانفتاح الصيني لا يُطابق الواقع أبداً، ويشيرون بشكل خاص إلى تشجيع الشركات الصينية لتكون من الأبطال الوطنيين، خاصة في الصناعات المتقدمة. هناك اعتراض آخر هو التجسس الإلكتروني التجاري، إضافة إلى هذا هناك خيبة الأمل من أن دعم الانفتاح الاقتصادي في الصين لم يؤد بعد إلى قدر أكبر من الديموقراطية.من الواضح أيضا أن هذين الزوجين الغريبين محكوم عليهما بالتعاون إذا كان لا بد من تأمين السلع العامة العالمية الضرورية - إدارة المصالح المشتركة العالمية، والأمن الدولي، والازدهار المستقر. قد يُعلن ترمب شعار "أمريكا أولا". كما أن القيادة الصينية قد تُركّز على رفاهية مواطنيها، لكن لن يكون أي منهما قادرا على تحقيق ما يُريد بدون إيلاء الاهتمام لمصالح وآراء الآخرين. من المدهش أنه يبدو أن القيادة الصينية اليوم تفهم هذا أفضل من قيادة الولايات المتحدة.عندما يلتقي الرئيسان تشي وترمب الشهر المقبل في مارالاجو، "البيت الأبيض الشتوي"، في أول اجتماع بين الاثنين، ستكون هناك حاجة لإيجاد أسس التعاون. النذر ليست جيدة. استهدف ترمب السياسة التجارية وسياسة النقد الأجنبي في الصين، حتى إنه نظر في تحدّي سياسة "الصين الواحدة"، التي هي جمهورية الشعب، التي بموجبها هي الدولة الصينية الشرعية الوحيدة. لهذا لا بد أن نضيف الفجوات في الشخصية والخبرة بين "كبير التغريدات" وعضو الحزب الشيوعي، وبين مطوّر العقارات صانع الصفقات والمُتسلق المنتصر للمراتب العُليا الصعبة في الحزب.إذا ركّزنا فقط على البُعد الاقتصادي، كيف يُمكن إنقاذ هذا الحوار بين شخصين من الأرجح أن يكون كل منهما مصابا بالصمم؟أولاً، يحتاج الزعيمان إلى إقناع بعضهما بعضا أنه لن يستطيع أيّ منهما تحقيق أهدافه إذا كانا في صراع. هذا ينطبق بوضوح على حرب فعلية، لكنه ينطبق أيضاً على حرب تجارية. أي بلد منهما سيكون الخاسر هو ممارسة فكرية لا جدوى منها. بدون شك، كلاهما ستخسران، بشكل مباشر وغير مباشر.ثانياً، يجب أن يُدرك الرئيس تشي أن وجهات نظره عن السياسات الصينية قديمة بشكل لا رجاء فيه. أنفقت الصين تريليون دولار من احتياطاتها من العملة على إبقاء الرنمينبي مرتفعا منذ حزيران (يونيو) من عام 2014. بين عام 2006 وعام 2016، انخفضت الصادرات الصينية من 35 إلى 19 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، آلة التصدير المنتصرة دائما هي الآن قصة قديمة.ثالثاً، ترمب يجب أن يُخبر الرئيس تشي أن السياسات الصناعية في الصين هي مصدر قلق مشروع للبلدان الأخرى. بإمكان الصين الجدال بحق أنها من البلدان النامية، لكنها أيضاً عملاق اقتصادي. سياساتها التنموية تبدو وكأنها تجارية مفترسة للبلدان الأخرى. يجب أن تُدرك الصين أنه، في عالم مترابط، يملك الآخرون مصلحة معقولة فيما تقوم به. هذا ينطبق أيضاً على حجم فوائض الحساب الجاري فيها. بالطبع، ترمب يجب أن يفهم نقاطا مماثلة. إذا لم يهتم بشأن العواقب العالمية لما يفعله، لماذا ينبغي أن تفعل الصين؟رابعاً، بإمكان الصين المساعدة في منح ترمب ما يُريد. الرئيس الأمريكي يُريد استثمارات صناعية جديدة في أجزاء من بلاده التي تضررت من تراجع التصنيع. هذا لا يُمكن عكسه أبداً، لكن يُمكن بالتأكيد أن يجد الرئيس تشي شركات صينية يسعدها الاستثمار في الولايات المتحدة. ترمب يُحب مثل هذه الإعلانات. ينبغي على الرئيس تشي مساعدته.أخيرا، يريد ترمب طفرة في البنية التحتية في الولايات المتحدة. الصين، بدورها، هي حتى الآن أكبر رائد في التسليم السريع للبنية التحتية. لا بد أن يكون من الممكن مزاوجة قدرات الصين بأهداف ترمب. مهما كانت نتيجة المقارنة التي تُعقَد بين البلدين، فإن لديهما مصالح مشتركة بالتأكيد. أحدها هو المحافظة على اقتصاد عالمي مفتوح. من المهم تماما أن يتم إقناع ترمب بأن آراءه بخصوص التجارة هي آراء خاطئة. على أنه من جهة أخرى، من غير الواقعي أن نعتمد على الصين الشيوعية لإقناع رئيس أمريكي بمزايا التجارة العالمية الليبرالية، لكن هذه الأوقات التي تدعو لليأس تقتضي اتخاذ خطوات يائسة من هذا القبيل.Image: category: FINANCIAL TIMESAuthor: مارتن وولف من لندنpublication date: الجمعة, مارس 24, 2017 - 03:00

مشاركة :