تستعد القوات العراقية لتحرير المناطق الباقية من الساحل الأيمن للموصل، فيما تحذر الأمم المتحدة من سوء الأوضاع التي يعيشها آلاف المدنيين العالقين في مناطق القتال، متوقعة زيادة عمليات النزوح. وكان القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي، أعلن فجر الأحد 19 شباط (فبراير) الماضي انطلاق عمليات "قادمون يا نينوى" لاستعادة المدينة. وأعلن قائد الشرطة الاتحادية الفريق رائد شاكر جودت في بيان أمس، أن "تعزيزات كبيرة تندفع في اتجاه باب البيض والمدينة القديمة والقطعات تتأهب لاقتحام المنطقة واستعادة جامع النوري". وأضاف أن "قطعات الشرطة الاتحادية أحكمت سيطرتها على المنافذ والممرات التي يتسلل من خلالها عناصر داعش وآلياته المفخخة باتجاه القوات"، مشيراً إلى "لجوء العصابات إلى قصف المناطق المحررة لإشغالنا" . وأعلنت قيادة الشرطة أمس نتائج عملياتها في الجانب الأيمن، وأفادت أنه "منذ انطلاقها في 19 شباط (فبراير) الماضي، حققت 60 هدفاً من المناطق والأحياء والمؤسسات وتحرير مساحة 259 كلم مربعاً وإجلاء 23 ألف نازح وتقديم 24 ألف سلة غذائية وقتل المئات من الإرهابيين وتدمير 226 آلية مفخخة". وكانت القوات الأمنية المشتركة استعادت في 24 كانون الثاني (يناير) الماضي الساحل الأيسر للموصل، وتمكنت تلك من السيطرة على كل النواحي والأقضية في نينوى، إذ لم يبق من المحافظة سوى الجانب الأيمن وقضاء تلعفر تحت سيطرة "داعش". ووصف رئيس مجلس توحيد عشائر نينوى وطبان الرماح، في تصريح صحافي أن "الوضع داخل مخيمات النازحين والمهجرين صعب، بسبب البرد وهطول الأمطار"، وأضاف: "لا دور حقيقياً لمحافظة نينوى". وطالب الحكومة الاتحادية بـ "العمل على إنقاذ الأطفال والنساء داخل المخيمات"، وزاد أن "شيوخ العشائر الموجودين تحت سيطرة داعش، مغلوبون على أمرهم، بسبب المعارك وتهديد التنظيم بقتل أي شخص يحاول إشعال ثورة أو الترويج ضده". وأعلنت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أمس، أن ما يقدر بـ400 ألف عراقي محاصرون في الحي القديم غرب الموصل في ظل نقص الغذاء وتفاقم حالة الذعر نتيجة القصف، ما قد يطلق موجة نزوح جماعي. وأضافت أن الكثير من المدنيين يخشون الهرب بسبب قناصة "داعش" وألغامه. ووصل 157 ألف شخص إلى مركز استقبال موقت منذ بدأت الحكومة حملتها قبل شهر. وقال برونو غيدو، مندوب المفوضية لدى العراق إن "الأسوأ لم يأت بعد لأن وجود 400 ألف شخص محاصرين في الحي القديم سيؤدي حتما إلى تفجر الوضع في مكان ما وفي وقت ما لنجد أنفسنا أمام تدفق جديد للنازحين". وأضاف أن المدنيين يخرجون من المنطقة بمعدلات متزايدة وصلت حالياً إلى ما بين ثمانية آلاف و12 ألفا يومياً. وتابع متحدثاً من الموقع الذي يقع على بعد 20 كيلومتراً جنوب الموصل، حيث يخضع القادمون للتفتيش: "سمعنا روايات عن أناس يفرون وسط الضباب في الصباح الباكر وآخرين يهربون ليلاً أو يحاولون الهرب في أوقات الصلاة حيث تكون المراقبة عند نقاط داعش أقل". وقال إن النازحين تحدثوا عن وضع "مأسوي، وبدأ الناس يحرقون أثاثاً وملابس قديمة ومنتجات بلاستيكية وأي شيء يمكنهم حرقه للتدفئة أثناء الليل لأن الأمطار ما زالت غزيرة ودرجات الحرارة تنخفض كثيراً أثناء الليل". وأوقفت الحكومة عملياتها أمس، بسبب الطقس الغائم الذي يصعب معه توفير دعم جوي. وقال غيدو: "كلما قل الغذاء زادت حالة الذعر والرغبة في الفرار. وفي الوقت ذاته يزيد (عدد الفارين) لأن قوات الأمن تتقدم وأصبح المزيد من الناس في وضع يسمح لهم بالهرب مع انحسار المخاطر". من جهة أخرى، بدأت قوافل إغاثة منتظمة بالوصول إلى أحياء الموصل التي تمت استعادتها، محملة مواد إغاثة. ويرحب السكان الذين نال منهم الجوع والإرهاق، جراء الحرب، بطوابير الشاحنات والسيارات التي تحمل الغذاء والمياه والبطانيات المقبلة من مدن في جنوب العراق. والصلة التي تربط هذه القوافل بقوات "الحشد الشعبي" التي تضم الفصائل الشيعية واضحة إذ إنّها ترفع أعلام تلك الفصائل، وفي كثير من الأحيان يرافقها مسلحون مدججون بالسلاح.
مشاركة :