المؤسسات المالية تواجه سلسلة جديدة من المخاطر

  • 3/24/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أوليفر رالف | منذ أكثر من عام، عندما كتب لويد بلانكفين، الرئيس التنفيذي لغولدمان ساكس، وغاري كوهن، رئيس بنك الاستثمار آنذاك، رسالتهما السنوية الى مساهمي الشركة، تحدثا عن «عدم اليقين المتفشي». واستشهدا بالقلق حول النمو الاقتصادى والسياسة النقدية ومشاعر المستثمرين، وكتبا أن استفتاء المملكة المتحدة حول عضوية الاتحاد الأوروبى وانتخابات الرئاسة الأميركية وتقلبات السوق «تولد عدم الارتياح». رسالة غولدمان لعام 2017 لم تصدر بعد. التفاؤل في السوق مرتفع، لكن سيكون من الصعب تصور رسالة تبعث على الاطمئنان أكثر هذا العام. لقد تغير الكثير في صناعة التمويل في الأشهر الـ 12 الماضية، ليس أقلها أن كوهن يعمل الآن كبير المستشارين الاقتصاديين للرئيس دونالد ترامب. وبينما أصبح الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والانتخابات الرئاسية الأميركية من الماضي، فإن نتائج عمليتي التصويت لا تزال غير واضحة. قبل عام، كانت المؤسسات المالية تأمل في أن تصبح المخاطر والشكوك المرتبطة بأزمة عام 2008 من الماضي وأن يتبعها فترة أكثر استقرارا. بعد اثني عشر شهرا، تواجه المؤسسات المالية سلسلة جديدة من المخاطر. العامل الذي تسبب في معظم النشاط على المدى القصير هو تصويت المملكة المتحدة لمغادرة الاتحاد الأوروبي. العديد من المؤسسات المالية، وخاصة البنوك وشركات التأمين، توجد مقراتها الأوروبية في لندن. وهي تستفيد على نطاق واسع من قواعد جوازات السفر الصادرة من الاتحاد الأوروبي للوصول إلى الأسواق في أجزاء أخرى من الاتحاد، وبالتالي فإن الخسارة المحتملة لهذه الحقوق تدفعها إلى إعادة التفكير. ويبحث العديد من المؤسسات الآن عن مقرات إضافية في الاتحاد الأوروبي. وهذا يؤثر في البنوك أكثر من شركات التأمين أو مديري الأصول، على الرغم من أن عددا قليلا منها قدمت تفاصيل ملموسة عن خططها. يقول بنك اتش إس بي سي إنه سينقل ما يصل إلى 1000 وظيفة إلى باريس. بينما يقول مصرف جي بي مورغان أن حوالي 4 آلاف وظيفة في المملكة المتحدة يمكن أن تتأثر. وسط عدم اليقين حول ما سيبدو عليه خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، تخطط معظم البنوك للأسوأ، المتمثل في الإلغاء الكامل لحقوق الجوازات، وتعمل على إنشاء شركات تابعة في أماكن أخرى في الاتحاد الأوروبي. وهو ما سيضمن لها القدرة على القيام بأعمال تجارية في المنطقة بعد مغادرة المملكة المتحدة. يقول نيل ستيفنسون الذي يقود مجموعة المؤسسات المالية في شركة التأمين بيزلي: «إن الجميع يضعون خططًا للطوارئ». ويضيف «أنهم يأملون أن يكون هناك ما يكفي من الوقت حتى يتمكنوا من وضع خطط واضحة». ومع ذلك، هناك قدر أقل من اليقين حول عواقب التغيير الكبير الآخر في عام 2016، انتخاب ترامب رئيسًا للولايات المتحدة. وهذا له عواقب على مستويين بالنسبة لشركات التمويل. أسعار الفائدة الأول هو أسعار الفائدة. إذ أدى وعد ترامب بالاستثمار بكثافة وإعادة هيكلة الاقتصاد الأميركي إلى رفع أسعار الفائدة في السوق، في حين ارتفعت أسعار الفائدة الرسمية للاحتياطي الفدرالي أواخر العام الماضي، وارتفعت مرة أخرى مؤخرًا. وهذا يعني تغييرًا كبيرًا في نماذج الأعمال التي أنشئت وفق سيناريو «سعر فائدة منخفض لفترة أطول». وعود ترامب والثاني هو التنظيم. وعد ترامب بالتراجع عن إصلاحات دود-فرانك، التي تم وضعها بعد الأزمة المالية لتنظيف هذه الصناعة. العديد من المصرفيين يكرهون دود فرانك، ويرحبون بتخفيف القواعد، لكن ليس هناك وضوح حول كيف ستكون الأمور في ما يخص القواعد التنظيمية، ما يجعل من الصعب على المؤسسات المالية وضع خطط مناسبة. يقول ستيفنسون: «لم يحدث شيء لدود فرانك حتى الآن. المؤسسات المالية ليست مهتمة بالبيانات العامة التي لا تحمل تفاصيل. اهتمامهم منصب أكثر على التفاصيل التي لا تزال غائبة». وبسبب ضبابية التفاصيل وعدم وضوحها تركز الشركات على قضايا أكثر واقعية. يقول سيوبهان أوبراين، العضو المنتدب لدى وسيط التأمين مارش: «في السنوات القليلة الماضية، كان أكثر شيء يثير قلق المؤسسات المالية هو تحقيقات الجهات الرقابية عبر العديد من الولايات القضائية». هذه التحقيقات والغرامات التي يمكن أن تتبعها، في بعض الأحيان لا تزال قائمة. ففي ديسمبر، وافق دويتشه بنك وكريديت سويس على دفع 12.5 مليار دولار إلى السلطات الأميركية بسبب سوء بيع السندات المقومة بالرهن العقاري. ويقول ستيفنسون إن العملية قد تقترب من نهايتها. ويضيف «حدث الكثير من التقاضي، ورفع الكثير من الدعاوى والتحقيقات المرتبطة بالأزمة. يجب ان نصل الى نهاية لهذه الاجراءات». شعرت البنوك في المملكة المتحدة بالارتياح عندما حددت سلطة السلوك المالي عام 2019 موعدا نهائيا للمطالبات والدعاوى القضائية بشأن سوء بيع عمليات التأمين. وقد وصلت فاتورة تلك المطالبات بالفعل الى 34 مليار جنيه إسترليني. مجرمو الإنترنت لكن مع تراجع خطر واحد، وصل آخر على شكل التهديد من مجرمي الانترنت. اذ كانت البنوك على مستوي العالم ضحايا للهجمات الالكترونية على الانترنت خلال العام الماضي، من البنك المركزي في بنغلادش الى بنك تيسكو في المملكة المتحدة. ووفقا لدراسة استقصائية أجرتها مؤسسة ديلويت في 77 مؤسسة مالية كبيرة، رأى %42 فقط من أفراد العينة، الذين شملتهم الدراسة، أن شركتهم كانت بالغة الفعالية أو فعالة جدا في ادارة المخاطر الالكترونية. ورأى المجيبون أن الأمن الالكتروني هو أحد المخاطر التي قد تزيد أكثر في العامين المقبلين. وتقول أوبراين إن «الهجمات الالكترونية تزداد أهمية في جدول أعمال المؤسسات المالية. لقد كان هناك الكثير من الضغط بسبب الهجمات، مما زاد مستوى التأهب لمواجهتها. هناك الكثير من الناس الذين يراقبون الآخرين ويتعلمون مما حدث». بالنسبة إلى صناعة التأمين، فإن العدد المتزايد من الهجمات الالكترونية يشكل تهديداً وفرصة في آن. فكونها مؤسسات لديها الكثير من بيانات العملاء، يتوجب على شركات التأمين التأكد من أن أنظمتها الخاصة ترقى إلى مستوى التحديات. الا أنها مع ذلك، ترصد أيضاً سوقاً مرشحة للنمو، حيث ستزيد الشركات بجميع أنواعها الطلب على التأمين ضد الهجمات الالكترونية. وتشير التقديرات الى أن السوق ستنمو بنحو %28 سنوياً في الوقت الذي تتقلص فيه خطوط التأمين المتخصصة الأخرى. غير أنه من الصعب على شركات التأمين التصدي لهذه السوق. فالتأمين عموماً يشمل تقييم مجموعة واسعة من البيانات، لكن الصناعة تقول إن البيانات بشأن الهجمات الالكترونية غير مكتملة وأن المخاطر تتطور باستمرار. ليست البيئة الخارجية وحدها التي تتغير. فالنظرة داخل الشركات ازاء ادارة المخاطر تغيرت أيضاً. ووفقاً لدراسة استقصائية أجرتها مؤسسة ديلويت، فان 92 في المئة من المؤسسات المالية لديها مدير تنفيذي للمخاطر. وفي عام 2008، في ذروة الأزمة المالية، كان هذا الرقم %73. وبات لدى المزيد من المؤسسات الآن لجان للمخاطر على مستوى مجلس الادارة. وفي العام الماضي اتخذت احدى المؤسسات نهجاً جديداً ازاء المشكلة. في شهر مايو، قام بنك كريدي سويس بتحويل 220 مليون فرنك سويسري (217 مليون دولار) من مخاطر التشغيـــل الى أسواق رأس المــال من خــلال أداة أطلــق عليها اسـم Operational Re (تحويل المخاطر التشغيلية التى تواجهها المؤسسات المالية العالمية الى أصول قابلة الاستثمار)، وهي تشبه قليلا عقد التأمين، حيث يقوم «كريدي سويس» بدفع الأقساط في حين يوفر المستثمرون الغطاء. ويغطي Operational Re مجموعة من المخاطر، من مخاطر الهجمات الالكترونية الى التداول غير المصرح به الى الاحتيال وحتى النزاعات المتعلقة بالموارد البشرية. ويتم دفع تعويضات التأمين اذا كانت هناك أحداث متعددة. وقد دفع «كريدي سويس» بالفعل مبلغ 3.5 مليارات فرنك سويسري مقابل الخسائر الكبيرة. يقول أنطوان دي سارو، مدير ادارة الحلول في «كريدي سويس»، الذي ساعد في هيكلة الصفقة: «نرى في أسواق رأس المال وسيلة جيدة للتخفيف من هذه المخاطر التشغيلية الشديدة». ترجمة وإعداد إيمان عطية

مشاركة :