في مؤشر واضح على قلقه من أطماع فصائل منافسة في «الحشد الشعبي»، دعا زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، الجيش العراقي إلى مسك زمام المبادرة، مطالبا بأن يتولى الجيش فقط السيطرة على المناطق المحررة من تنظيم داعش. وقال الصدر لآلاف من أنصاره، خلال تجمع في ساحة التحرير ببغداد أمس: «لا بد من مساندة الجيش العراقي والقوات الأمنية، لكي تكتمل انتصاراتها في المناطق المغتصبة». وتابع: «ولكي تكون هي الماسكة للأرض بعد تحريرها، ولا غيرها، سواء في ذلك المحتل أو القوات الأجنبية، أو غيرهم»، حسبما أفادت به وكالة «رويترز». وتضم الحملة الحالية لاستعادة مدينة الموصل الشمالية، آخر معاقل «داعش» في العراق، قوة قوامها مائة ألف فرد من القوات العراقية، ومقاتلين أكراد وشيعة. ولعبت فصائل شيعية مسلحة، تضم جماعات منافسة لفصيل الصدر، دورا كبيرا في تطويق التنظيم المتشدد في مناطق الموصل التي تسكنها أغلبية سنية. ويخشى بعض المسؤولين السنة من أن تسعى فصائل شيعية للسيطرة على أراض في المنطقة، مع تراجع وتيرة المعركة ضد «داعش»، مما يثير التوترات الطائفية. ويقول محللون، إن مخاوف الصدر سياسية أكثر، إذ يساوره القلق من زيادة نفوذ فصائل شيعية منافسة من خلال سيطرتها على أراض في الشمال. وقال المحلل السياسي أحمد يونس، الذي يتخذ من بغداد مقرا له، إن كلمة الصدر رسالة واضحة للمنافسين الشيعة. وأضاف: «إنها رسالة واضحة للمجموعات الشيعية المسلحة الأخرى، بعدم أخذ دور القوات الحكومية والسيطرة على الأراضي تحت ذريعة محاربة (داعش)». وتابع: «مقتدى يحاول أن يضع حدا لخصومه». كما هدد الصدر، الذي له كلمة مسموعة عند عشرات الآلاف من الشيعة، ومن بينهم مقاتلون حاربوا القوات الأميركية عامي 2006 و2007، بمقاطعة الانتخابات البرلمانية المقبلة. واتهم المفوضية العليا للانتخابات بالانحياز لبعض الأحزاب. ولوح عشرات الآلاف من أنصار مقتدى بالأعلام العراقية، وهتفوا تأييدا لزعيمهم وهو يلقي كلمته. ويدعو الصدر إلى تشكيل مفوضية جديدة ومراجعة قانون الانتخابات الحالي، ويقول إنه يسمح للأحزاب صاحبة النفوذ بالاحتفاظ بقبضتها على السلطة. وخاطب الصدر أتباعه قائلا، إن «المتظاهرين أرعبوا السياسيين الفاسدين، ودخول المنطقة الخضراء كانت بداية نهايتهم، ويجب أن تستثمر ثورة الإصلاح إلى حين تحقيق أهدافها». وطالب بـ«العمل على استبدال مفوضية الانتخابات وتغييرها قانوناً وشخوصاً»، منوها إلى أن «بقاءها يعني بقاء السياسيين الفاسدين أنفسهم»، مضيفاً أن «على المتظاهرين الاستمرار بالمظاهرات وثورة الإصلاح بلا كلل أو ملل، والمحافظة على سلميتها إلى النهاية». وأوضح زعيم التيار الصدري أن «أغلب السياسيين الفاسدين لن يعودوا مرة أخرى بالفساد فحسب، بل إن أغلبهم أصبح ذا مال وسلاح، وسيحاولون إخضاع المتظاهرين أو المواطنين عامة ليزجوا بالناس في مخطط دولي واقتتال داخلي»، موصياً المتظاهرين بـ«الحذر والتنبه لذلك»، لافتاً إلى أن «كل محب للوطن يجب ألا يعطي صوته للفاسدين في الانتخابات المقبلة على الإطلاق، بل اختيار الأكفاء من عامة الشعب»، داعيا الشعب إلى «التوحد لإنهاء معاناته». وحسب شبكة «رووداو» الإعلامية، كرر الصدر كلمة «اغتيالي» عدة مرات في كلمته، وقال: «إن تم قتلي واغتيالي فهذا فداء للوطن، وأوصيكم بالفاتحة والدعاء، وهذا ليس ببعيد».
مشاركة :