تابعت في الأونة الأخيرة الجدل المثار حول تحريم القهوة بعد فتوى عامل المعرفة -قدس الله سره – في برنامجه الشهير #ياهلا_بالعرفج و ما أعقبها من مقالات و مقولات له مناهضة للقهوة ، ختمها بإطلاق #حملة_العرفج_لمكافحة_القهوة .ثم تابعت تداعيات الحملة و التعليقات الصاروخية التي وجهت ضد اليتيم المشاغب من كل فئات المجتمع الذين رفضوا الفكرة جملة و تفصيلا .وبما أني من محبي القهوة فلن أتبع هذه الفتوى ، وقد أفتيت لنفسي بأن الإعتدال في شربها حلال ، و الإدمان عليها من المهلكات المحرَّمة .لكن في ذات الوقت سأكون بوصفي طبيبة منصفة و محايدة ” للدكتور عامل المعرفة ” و للقهوة “معشوقة الجماهير”، من خلال عرض بعض مالها وماعليها من الناحية الصحية ومن واقع تجربتي الشخصية .اولاً : علينا جميعاً أن نحرص أن لا نحول إختلافنا حول أمر من الأمور إلى خلاف، ويجب علينا تقبل الرأي المخالف لنا و أخذه برحابة صدر، وإلإمعان في إستخدام حاسة السمع وتعطيل اللسان واليد عن الرد لبعض الوقت لتأتي ردودنا اللفظية أو المكتوبة متزنة ومنصفة.ومن خلال هذا المبدأ أرى أن الدكتور أصاب في جزء من القول و ضَل في البعض الآخر ، لأن القهوة لها أضرار ولها فؤائد.لعلي أبدأ بفوائدها لأصدم الدكتور العرفج – مع علمي أنه تبلد من كثرة الصدمات و النقد الذي وجه إليه ، فمن خلال بعض الدراسات تبين أن شرب القهوة بإنتظام قد يقلل من خطر الإصابة بمرض الشلل الرعاش (باركنسون) والخرف (الزهايمر)، ومن بعض السرطانات مثل سرطان القولون والمستقيم وسرطان الكبد. القهوة تساعد على حرق الدهون وتحسن من مستوى الكوليسترول فى الدم ، وتقلل من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، لكن تصبح مضرة على مرضى السكري و بالذات عند إجتماع الثلاثي الخطير إرتفاع ضغط الدم والسكري والتدخين خاصة في وجود المضاعفات .والقهوة كغيرها من المنبهات لإحتواها على مادة الكافيين الذي يعمل كمنبه لتحسين تركيز العقل وهذه الخاصية تعد حسنة وقت الحاجة لزيادة التركير بينما عند الحاجة لتخدير المريض للعمليات الجراحية نجد أن مدمن القهوة يكون بطئ وقليل الإستجابة للبنج التخدير وقد يتطلب ذلك زيادة في جرعة البنج لتخديره.ومن أضرارها أيضاً عند الإكثار من شربها تسارع ضربات القلب ، ورفع ضغط الدم وضغط العين، وخفض كثافة العظام مما يعرضها للهشاشة والكسر خاصة عند النساء، وإذا تناولت بعد الطعام مباشرة -وهى عادة عند معظم بني يُعرب- تعمل على تقليل إمتصاص الجسم لعنصر الحديد، والأهم من ذلك انها تزيد من خطر الإصابة بسرطان الرئه خاصة مع وجود التدخين. ومن سيئاتها أن عشاقها و عشيقاتها يصبحون مع الوقت مدمينين و أسرى لها ويصابون بالتوتر عند عدم تناولها ، ولا يستطيعون العمل بدون تناول عدة أكواب على مدار اليوم.وللمعلومية ، الكافيين يؤثر على الجهاز العصبي المركزي تماماً مثل الكوكايين ! حيث نجد عند توقف المدمن عليها أعراضا شبيهة تماما بأعراض الإنسحاب عند مدمني المخدرات! ونجد أيضاً العصبية والتوتر للأتفه الأسباب ونفاد الصبر من سمات مدمن القهوة.القهوة تهيج المثانة البولية وتجعلها مضطربة ، مما يسبب تكرار التبول ، فمن يعاني من إضطرابات التبول المتكرر عليه البعد عن القهوة وجميع المنبهات.ومن أضرارها أيضاً أنها كالتدخين تقلل من الرغبة الجنسية.السؤال الذي يطرح نفسه هو …ماذا بعد هذا الطرح ؟ هل ترجح كفة الفوائد أو الأضرار ؟. في الواقع ، إن الإجابة على هذا السؤال في منتهى السهولة وفي منتهى الصعوبة في نفس الوقت !.في منتهى السهولة ، لأنه يمكن القول أن لكل شخص من مستخدميها حالته الخاصة لجني فوائدها أو أضرارها ، حسب حالته الصحية وتاريخه المرضي والكمية التي يتناولها يومياً ، وهل وصل لحالة الإمان أم لا .وفي منتهى الصعوبة الجزم لأن نتائج الدراسات الصحية متغيرة بإستمرار ، وماهو مثبت اليوم قد ينسف بدراسة في المستقبل. وبعض الدراسات لربما تحتاج لتدقيق في نتائجها. من منظور الشخصي ، أرى أن الإعتدال يظل سيد الموقف ومطلب في كل الأمور. ومن واقع تجربتي الشخصية مع القهوة ، حيث كنت قبل 20 عاماً تقريباً من مدمني القهوة الأمريكية بإمتياز ، لدرجة أن إحدى زميلاتي علقت على الأمر مازحة أثناء تبرعي بالدم ، قائلة : أخاف أن تخرج القهوة من وريدك بدلاً عن الدم “!ولأني عاقلة وذات عزيمة وجدت أن الإدمان في مجمله سئ، و من الخطأ أن تجعل نفسك أسيراً لكوب قهوة لأن هذا ضرب من الجنون . لذا قررت من سنوات التخلص من الإدمان ، و قبلت بالقهوة كعادة من عاداتي أتحكم بها ولا تتحكم بي. فتحولت من شرب قرابة 8-12 أكواب قهوة إلى كوب واحد أو كوبين يومياً وأحياناً يمر أسبوع دون تناولها وإن كنت أشتق لها!وأخيرا ؛ دعونا نتوقف هنا لتعريف “الأعتدال في شرب القهوة” ، الذي أراه و لربما يرأه أغلب الأطباء والباحثين أن لا يتجاوز الكوبين إلى ثلاثة اكواب كحد أقصى يومياً. المهم أن لا تصبح مدمناً عليها و أسيرا لها حتى و إن قلت كمية تناولك لها.و لعلي أذكر ماقد يدهش البعض أن هناك بعض الطوائف اليهودية والمورمون (وهى طائفة نصرانية منشقة عن النصرانية لليهودية) يحرمون القهوة والشاي ، لأنها من المنبهات. ومن هولاء طبيبة واستاذة لنا في أمريكا تتلمذت على يدها في التعليم الطبي والطريف أنها كانت توفر لنا القهوة والشاي بكل النكهات !وقبل أن أختم مقالي هذا ، أطالب شيخنا الدكتور العرفج التراجع عن فتواه ليكون التحريم مشروطاً “بالأدمان” في تناول القهوة. وللمعلومية جميع الحجج الذي سردها الدكتور واستند عليها في تحريم القهوة يشترك فيها الشاي. و الذي يظهر لنا أن الدكتور من مدمنيه بإمتياز، وهذا الادمان موثق بالقول والفعل من خلال سناباته أ وبرنامجه #هلا_ بالعرفج . وإذا أصر سماحته على التمسك برأيه المتشدد في تحريم القهوة عليه تحريم الشاي مع القهوة ولنكون مثل بني عمومتنا من اليهود !و في النهاية ، أدعو القارئ العزيز لتوقف قليلاً ليبحث عن إجابة على سؤالين هما : هل شرب الرسول عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام وصحابته الكرام القهوة ؟وما هو السبب وراء تقديم القهوة في المآتم ؟ سيجد ورآها قصة من قصص التحريم والتحليلفابحثوا عنها واتعضوا ياعباد اللهأ. د . شريفة بنت علي الصبيانيإسنشاري واستاذ بكلية الطب- جامعة الملك عبدالعزيز، مقرر المجلس العلمي العربي للتخصصات الصحية لإختصاص النساء والولادةالرأيكتاب أنحاءأ. د . شريفة بنت علي الصبياني
مشاركة :