أعود إلى الحديث عن موضوع سبق تناولته في أحد مقالاتي وكان بعنوان “دراسات المستقبل ” حيث توجه الانسان نحو المستقبل، ومحاولة تفسير المستقبل ليس جديداً أو مستحدثاً، فالتاريخ يذكر لنا أمثلة كثيرة ممن حاولوا القفز من أعالي اسوار الحاضر ليستوضحوا المستقبل، وما رؤية افلاطون وتصوره لما يجب أن يكون عليه المجتمع في المستقبل بشيء عادي، ولكنه خلق عوالم مثالية متصورة مثل مدينته الفاضلة “اليوتيوبا” وكان يتكئ على فكرة العدالة في مدينته الفاضلة، وهذا الاستقراء لم يكن له مسمى في ذلك الوقت ولكنه حتماً قد أسس لفكرة نحو حياة ومستقبل أفضل وأقل خسائر, أيضاً الفيلسوف الفرنسي فرانسيس بيكو في كتابه “أطلنتس الجديدة” الذي نشر عام 1672م، وضع فيه تصوراً لمجتمع مثالي معتمداً على قيمة عظمة الإنسان. كذلك ماركس قدم نموذجاً متكاملاً يضع فيه الحلول المثالية لكل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي واجهت الأفراد في عصره، ناظراً إلى مستقبل مثالي يتحقق من خلال إصلاحات اجتماعية. ولا يمكن أن نهمل الفرنسي كوندرسيه الذي وضع في كتابة ” مخطط لصورة تاريخية لتقدم العقل البشري ” والذي نشر في عام 1793 حيث استخدم اسلوبين منهجيين في التنبؤ مازال يستخدمهما المستقبليون على نطاق واسع. فالدراسة العلمية للمستقبل سلكت سبيلا يعتمد على دراسة خيارات وبدائل فالمستقبل عالم قابل للتشكيل، ونحن شركاء فاعلون في تكوينه وتشكيله, فهي دراسات تستند على استخدام الطرق العلمية في دراسة الظواهر, كذلك تتعامل تتعامل مع بدائل وخيارات, ومدة تناولها للمستقبل ما بين 5 سنوات و50 سنة. هذه الدراسات المستقبلية تفتح الذهن لتصور عوالم جديدة خلاقة, وترسم مشاهد وسيناريوهات محرضة للتفكير. وتساعدنا على الرؤية المحتملة للمستقبل لكي نستطيع أن نواجه المستقبل ويكون لنا دور فعّال في صناعة وحماية مستقبلنا, فنحن نحتاج إلى تخطيط للمستقبل إنساني الأهداف عن طريق إنشاء مراكز للتفكير بالمستقبل, ولكن حتى لو انشأناها هل سيكون مصيرها مثل مصير مثيلاتها في الدول المتقدمة, أم أنها سوف تعود وتخضع لنظام البيروقراطية المعهود؟ السؤال : كيف يمكن أن نؤسس لثقافة “الدراسات المستقبلية” فهي تحتاج الى منهج نقدي متمرد على كل ما هو موروث, وتحتاج الى باحثين في علم المستقبل لا نرى أياً منهم في المجتمع الآن, وكلما غرقنا في الماضي ستفشل جهودنا في النظر للمستقبل وتأسيس الدراسات المستقبلية، فنحن بحاجة إلى ضرورة البناء العقلي والأخلاقي القويم للفرد والمجتمع , وتشجيع الأساليب البحثية في التنمية البشرية ودعمها, ووضع قوانين تنظم مستقبل الأفراد من ناحية النمو النفسي والاجتماعي من أجل أن نعيش حياة أفضل. الرياض د. زينب ابراهيم
مشاركة :